قصة قصيرة بقلم الأديبة الروائية الدكتورة : منى عطار

 

تمام ، خلصت .. حمدا لله عالسلامة 

وربتت بيد حانية على من تحدثها ، لم تر وجهها فلقد رنت بأذنيها نغمة صوت  ( الوليد )، لم يكن بكاءً ، كان يبدو كأنه يصرخ بإسمها ، إرتجفت فهذه أول مرة بحياتها كطبيبة توليد أن يطرق أذنها هذا النَغم لطفل ، منذ لحظات إستقبلته لحظة الخروج الى الحياة ، كاد أن يسقط ، مالت بلهفة الطبيبة بكل جسدها تلملمه ، أضحى كل جسده بداخل حضنها ، أحاطته بذراعيها ، وهى تتمتم بلهفة ، حبيبى ..حبيبى ..حبيبى 

إنها أول لفظة سمعها حين الميلاد ، بلهفتها وصدقها وشغف أم قبل أن تكون طبيبة ، ارتبك المشهد لبرهة من الرعب ، والكل مناديا بإسمها لأنها الوحيدة والأقرب لتلقى الطفل .

ممرضة : الحمد لله .

الأم : وهى تقطر عرق المخاض الثمين وبصوت واهن : الولد بخير ؟!! . 

ممرضة : الحمد لله ، لولا الدكتورة إحتضنته ، لكان سقط . 

تتمتم الأم بكلمات واهنة مبهمة التفاصيل هى شكر على أغلب تقدير ، وأغمضت عينيها فى استسلام للألم وطمعا فى راحة وهدوء قد يكون . سلمته لطبيب الأطفال ، إجراء إعتيادى وإنهمكت هى فى إتمام مهمتها مع الوالدة ، حركات آلية تنجز المهمة ، وعقلها شارد فيما سمعت ، لقد سمعته يناديها حبيبى ، تعتقد بل هى متأكدة أنه جنون ، أو صدى صوتها ، لكنها إعتادت تصديق حدسها وحسها ، صوت الآلات الجراحية يعرقل استرسال الفيض الشعورى ، أسرعت فى توتر تنهى مهمتها ، فلقد إنتابها شعور أنها إفتقدته ، كأنما مرت أعوام منذ أهدته لطبيب الأطفال ، وقامت مسرعة إليه ، شعاع من ضوء الشمس يغدر بهدوء غرفة الولادة ، يتسلل إلى حيث يرقد الوليد، يتطلع شعاع الشمس إلى أعين الوليد ، كمن يبحث فيه عن شخص يعرفه قبلا ، تقترب فى وجلٍ، تلمس يده بطرف إصبعها ، يتمسك بكل يديه به ، يا إلهى ، إنها لمسة معتادة ، حميمية ، تَمَسُك من الطفل بالحياة، يسقط عليها شعاع شمس أخر كأنما الشمس تريد لفت إنتباهها لشئ ما ، تُشيح بعينها لتقيهما من الشعاع ، لترتطم بإنعكاس الشعاع الأخر على أعين الوليد ، تعرف لون العين هذا وهذه النظرة المُغرقة الحنان تماماً ، هل أدركت الأن أننى على حق حين أخبرتك أنه ولابد أننا إلتقينا قبلا ؟!! هكذا حدثت الوليد ، وإنسحبت الشمس تماما فلقد أدت دورها ، تمعنت النظر إلى تلك العيون ...

سكن .... سكنت 

تمتم ... تمتمت 

أهداها سرا .... أصغت 

تبسم .. تأكدت . 

علا صوت يتساءل ماذا سيتم تسمية ( الوليد ) ؟؟!!! .

ردت هى فهى به أولى : حبيب .. إسمه حبيب 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2018 بواسطة akherkalam

موقع اخر كلام

akherkalam
موقع اخر كلام صحافة حرة والخبر فور حدوثة رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير :محمد الصبروت /ت 01225288308-01004211282 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,439