جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
كتبت : نهلة محمد البشير درغوثي
اجلس مع ابي ،احاول الحديث معه حول ما يجري في عالمنا المجهول المجنون ...فيجيبني تارة و يصمت اخرى دون ان يرفع عينيه المتعبتين عن كتابه ...اخجل من نفسي انا التي كدت انسى رائحة الورق بعد ان عوضتها بالانترنيت ...منذ زمن ليس بالقصير لم امسك كتابا ...لم اقف امام الرفوف لاختار ..لم اداعب اوراقا ..اسهر لساعات متأخرة ممسكة جوالي اتصفح كتبا رقمية وهمية ....و انام احيانا و هو جانبي بعد ان يستنزف قوى عيناي و تركيزي ..انا التي نشأت على حب الكتاب و احترامه...اينما وليت وجهي في المنزل ..اجد الكتب و المجلدات ،الروايات و الدواوين ..انا ابنة رجل يتنفس الحرف و يعشق مغازلة الكتاب .خجلت و انا المح يدي ابي تمسك الكتاب برفق و تقلب الصفحات بحنان كأنه يخاف ايلامها ...و لكن "شيطان الواقع" هز غفوتي و كسر خجلي قائلا :" لما تخجلين ؟ ها انت تطالعين صفحات الفايسبوك ...اليست هذه بمطالعة ؟ ثم هل انت الوحيدة التي نسيت الكتاب ؟ نحن امة لا تقرأ ..انظري حولك كوني واقعية ..هل رأيت في حافلات و قطارات بلدك من يمسك كتابا ؟ هل رأيت اقبالا على معارض الكتاب ؟ حتى مرتادوها يذهبون لالتقاط الصور و مقابلة الكتاب المشهورين نحن امة تقرأ ..نعم تقرأ الكف و الفنجان ،تقدس المشعوذين و السحرة و تسخر من الادباء و الشعراء ،الم يمت مبدعونا على ارصفة الطرقات العارية ؟ الم تلق كتب المكتبات و بحوث الجامعات في المزابل ؟ نحن امة تقرأ ....اتعرف ماذا تقرأ ايضا ؟ تقرأ المجلات الملونة و تراقب اخبار الكباريهات و المواخير ...نحن امة تقرأ ايضا النوايا ...فتجرم هذا و تبرئ ذاك ...نحن امة تقرأ كل شيء الا الكتاب .....