أسوان: كتبت: عبير محمد أمين
التفكك الأسري و أثره على تنشئة الأطفال إن التفكك الأسري بشكل عام و الطلاق بشكل خاص يؤثر تأثيرا سلبيا على توفير الرعاية اللازمة للأطفال في أسرهم الطبيعية، و أن ما يترتب عن الطلاق من حرمان للأطفال من أحد أبويهم و من غياب أسلوب معين للتعامل و الرعاية يكون أكثر قسوة و تهديدا في حالة عدم تعويض الطفل عن هذا الحرمان. يترك الطلاق آثارا عميقة في نفسية الصغار تتحول إلى ترسبات نفسية يمكن أن تنتج اضطرا بات في الشخصية كرد فعل ضد الطلاق و ما يرافقه في العادة من صراع، أو تنتج أنواعا من الانحراف و التشرد و خاصة عند غياب دور الوالدين الإيجابي للتخفيف من تأثير الطلاق في السنوات المبكرة من حياة الأبناء و بصفة أخص عندما يكون التفكك في الأسر من أوساط فقيرة. و لا يقتصر تأثير تفكك الأسرة على حرمان الطفل من الرعاية الأسرية الطبيعية بل قد يترتب عليه آثار سلوكية سيئة، كأن ينحرف الأطفال عن السلوك السوي و يشكلون خطرا على أنفسهم و مجتمعهم. و في دراسة عن ظاهرة انحراف الأحداث بالمغرب تبين أن” الأطفال في الأسر المتفككة بالطلاق أو بوفاة الأب أو الأم أو وفاتهما معا يكونون أكثر عرضة للانحراف، و أن كل هذه العوامل تعرض الطفل للإهمال و المتاعب التي لا نهاية لهاوالأطفال بعد الطلاق قد يستخدمون أحيانا كوسيلة للانتقام و الإيذاء المتبادل بين الزوجين، فالأم تحرم الأب من رؤية أولاده، و يعيش الأبناء تجربة نفسية قاسية تترك في وجدانهم انطباعا سيئا على الجو الأسري و لا يقتصر أثر التفكك الأسري على الأبناء و على تخلفهم الدراسي و حسب، بل تترسب في أعماقهم مشاعر الكراهية نحو الحياة و الأحياء معا ، و يتمثل ذلك في الانحراف و التمرد على القيم و النظم و القوانين و إدمان المخدرات فضلا عن العزوف مستقبلا عن الحياة الزوجية. إن الأبناء في ظل التفكك الأسري قد تمتد إليهم أيدي المجرمين الذين يتخذون منهم وسيلة لنشر السموم أو سرقة الآخرين، و تصبح الطفولة عرضة للانحراف، و تشهد محاكم الأحداث صورا من الجرائم التي يرتكبها الأطفال الذين فقدوا دفء الأسرة الآمنة المطمئنة تستهويهم غالبا حياة التمرد و الإدمان و يتحولون إلى آلة مدمرة. “إن التفكك العائلي، و ما ينتج عنه من قلة الرعاية أو عدمها، يولد لدى الطفل إحساسا بأنه منبوذ من أبويه، غير مرغوب فيه، و أنه السبب في خصامهما، و هذا القلق النفسي لا يمكنه من مسايرة دروسه و يدفع به إلى التفكير في الانقطاع عن الدراسة للبحث عن عمل أو للهروب من واقع مرير، و جو عائلي مشحون، فيخرج إلى الشارع الذي يؤدي به حتما إلى الضياع. إن المشاحنات و المنازعات التي تنشأ بين الوالدين تؤلم الطفل و تسبب له أذى نفسيا، إذ هما القدوة بالنسبة إليه، و كل خصام يحدث ثقبا في تلك القدوة إلى أن يختل توازنه . يقول قاسم شهاب الصباح:” و لا يخفى مقدار تأثير الوضع العائلي على نفسية الولد و نشوئه، فالفقر و الصراعات بين الآباء و الأمهات و الطلاق كلها أمور تؤثر على نفسية الطفل الحساسة.” و يلاحظ أن لانحطاط المستوى السلوكي للأسرة صلة وثيقة بالإجرام : فالطفل الذي يجد نفسه في عائلة أوغل أفرادها في الإجرام أو تلوثوا برذائل أخرى ينزلق غالبا مع دويه في خطاياهم و يتورط عاجلا أو آجلا في ارتكاب الجرائم مقتد بأهله دون أن يساوره أي شعور بالإثم كما أن هناك عوامل أخرى تساعد على تصدع العائلة منها ضعف العقيدة الدينية أو التحلل من القيم و تفشي الأنانية فضلا عن الفقر و الحاجة مما يدفع بالأطفال إلى الانزلاق نحو مسالك غير مشروعة بارتكاب جرائم لسد حاجياتهم المختلفة. و خلاصة القول فإن المشاكل و الصراعات الأسرية و ما ينجم عنها من تصدع و تفكك، تؤثر على النمط العام لحياة الأسرة و تهدد كيانها و تشكل خللا في أدوارها و وظائفها بشكل يكون له انعكاساته على رعاية الطفل و حرمانه من مزايا الرعاية الأسرية الطبيعية من جانب، و من جانب آخر قد يدفعه هذا الحرمان إلى التشرد و الانحراف. .