كتبت حنان سيد توفيق

 توجه البعضُ باستفسارٍ للدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حول حقيقة فكر المتطرفين والإرهابيين، وكيف تكون لهم قواعد علمية وفتاوى دينية يستندون إليها فى أقوالهم وأفعالهم، وما تشمله مِن عنفٍ واضحٍ وعدوانٍ ظاهرٍ وواضح. فأجاب بأن هناك فرقًا كبيرًا بين التعلم فى الأزهر الشريف ضِمن منظومةٍ متكاملةِ الأطراف -مِن أستاذٍ وتلميذٍ ومنهجٍ وكتابٍ وجوٍّ علمى رصينٍ ثابتٍ منذ مئات السنين- وبين خوارج العصر الحديث الذى ابتُلِينا بهم فى زمننا هذا. وأضاف: إننا تعلمنا فى الأزهر الشريف ما لم تتعلمه الدواعش والقاعدة والسلفية وكل مَن تَدَيَّن دون أن يسلك تَخَصُّص علوم الدين، مجموعة مِن القواعد هى التى فرقت بيننا وبينهم، وهى التى تفرق بين الدين الصحيح -وهو مبهِرٌ لكل البشر إذا علِموه وعرفوه- وبين الدين المغلوط الذى هو نتاجٌ خاطئٌ لنصوص صحيحة، وهذه هى البَلِيَّة العُظمى والسبب فى رفضنا للدواعش منهجًا وسلوكًا وعقيدةً وأخلاقًا. وتابع أن هناك فرقًا بين ظواهر النصوص وبين تفسيرها، وهناك فرقٌ بين العلم كمنظومة وبين المعلومات، وهناك فرقٌ بين علم الدين -وهو كأى علم يحتاج إلى أستاذٍ ومنهجٍ وبحثٍ ونظامٍ وعلومٍ مساعدةٍ وزمانٍ طويلٍ فى الدرس- وبين المعلومات التى يكمل أحدهم مِن عقله ومِن عنده ما لم يفهمه منها، وهو كالفرق بين العطار والصيدلى، وللأسف فإن كثيرًا من الناس فى العصر الحالى يُجِيز هذا البلاء ويقبله فى جانب الدين ولا يقبله فى جانب العلوم التجريبية، ولقد بُحَّ صوتنا فى محاربة هذا التوجه الذى يجيز لغير المتخصصين فى علوم الدين أن يتصدروا قبل أن يتعلموا وأن يتكلموا قبل أن يتفهموا. وقال: فعلى سبيل المثال يجهل الإرهابيون والمتطرفون مِن داعش والقاعدة والخوارج والنابتة -وهم جميعًا أسماء مختلفة لحقيقة واحدة- يجهلون فى مُجْمَلِهِم اللغة العربية فى مفرداتها وتراكيبها وحقيقتها ومجازها بصورةٍ يَرَوْنَ فيها الحقَّ باطلًا والباطلَ حقًّا، ويشرع الإرهابيون فى دعوى الإجماع ولا يعرفون الفرق بين الظنى والقطعى ولا بين الخاص والعام، ولا بين المطلق والمقيد، ومِن هذا كله اتبعوا أهواءهم، ولم يتبعوا الشرع فى نفسه، وافتقد هؤلاء الإرهابيون تربيةَ المشايخ النفسية والعقلية، فتَحَوَّل عندهم الدينُ إلى ظواهر قبل أن يكون معانى، وعندهم اكتفاءٌ عجيبٌ بمصدرٍ مِن مصادر الدين يُتَمِّمُ ذلك على هواهم وطبقًا لمقرراتهم التى جعلوها أصل الدين وأساسه، والصواب أن تكون هذه المقرراتُ تابعةً للدين وليست حاكمةً عليه، ومِن أجل هذا كله اختلفنا معهم وسنظل على تعليمهم وحربهم فى ذات الوقت. وأكد أن نهضة الأمة لن تعود إلَّا بالتعليم الصحيح، وخاصةً تعليم اللغة العربية؛ فهى لغة القرآن الكريم، وهى لغة سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهى أحد المفاتيح لتفسير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مِن ناحيةِ دلالات الألفاظ، ومِن ناحيةِ التراكيب اللغوية، ومِن ناحيةِ معرفة العامِّ مِن الخاصِّ والمطلَق مِن المقيَّد، وبدونها لا يمكن الوصول إلى الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، ولذلك نرى مَن يريد أن يتلاعب بالدين مِن فِرَقِ الضلالة عبر العصور تبدأ بإنكار اللغة العربية حتى تصل إلى ما تريد، فمِن علامات ضلالة الفكر إنكارُ اللغة دلالةً وبلاغةً وتركيبًا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 20 أغسطس 2014 بواسطة akherkalam

موقع اخر كلام

akherkalam
موقع اخر كلام صحافة حرة والخبر فور حدوثة رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير :محمد الصبروت /ت 01225288308-01004211282 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,847