تقرير / داليا حسن
«هبة» مهندسة ديكور، كرست ذوقها في توضيب منزل الزوجية بداية من الدهان والتشطيب وحتى الأثاث، اختارت كل ركن بعناية شديدة حتى ورق الحائط وضعته بيديها. لكنها لم تقض في بيتها سوى ليلة واحدة، وفي الثانية كانت تجمع أغراضها لكي ترحل بعد أن طلقها زوجها في أسبوعهما الأول.تتزايد أعداد الطلاق في مصر بين السنة الأولى إلى الرابعة من الزواج، وفق الجهاز المركزي للإحصاء. وبلغت شهادات الطلاق عام 2017 عدد 19826. ولاحظت الدكتورة هايدي القاصد، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية والاجتماعية، ارتفاع نسبة الطلاق المبكر، وفقًا لزوارها الذين يطلبون استشارتها للتأهيل النفسي من قرار الطلاق بعد الزواج بأيام. في الهند كانت «هبة» تقضي شهر العسل بصحبة زوجها «وليد» وبعد يومين من السفر الشاق، بدأت رحلة الاستمتاع في بلد جديدة تحمل طابعا مختلفا. كانت صاحبة الثلاثين عاما تلتقط الصور لتوثق اللحظات السعيدة التي تعيشها لأول مرة بصحبة زوجها، ثم تنشر الصور على صفحتها بفيس بوك.
الأمر الذي أصاب زوجها بالضيق وطلب منها التوقف لكنها لم تستجب وظلت تنشر الصور. وزاد ذلك من غضبه وكان سبب المشاجرة الأولى بينهما: «قالّي عليا الطلاق بالتلاته ما أنتي منزله صورة تاني»، لم تصدق «هبة» وقع الكلمات على أذنيها، ولم تفكر في الأمر بعد أن سيطر عليها الغضب ونشرت صورتها مرة أخرى.
تقول: «حسيت إني مليش قيمة وإنه بيهددني بالطلاق مفكرتش ونزلت الصورة»، لحظات من الصمت خيمت عليهما، وظل كل طرف يفكر في توابع ذلك الشجار، فهل وقع الطلاق بالفعل؟ عاد العروسان إلى بيت الأهل بالقاهرة بدلًا من عش الزوجية، بعد أن قطعا الإجازة والتي كان من المقرر أن تكون 10 أيام.
بين اللجوء إلى دار الإفتاء ومحاولات الأهل كان كل طرف لا يرغب في الرجوع مرة أخرى، فـ«وليد» يشعر أن ما حدث علامةعلى عدم الاستكمال في تلك الزيجة ويراها عنيدة ولا تسمع كلامه ولا تهتم لوجوده في الحياة بالإضافة إلى كونها امرأة عاملة معتمدة على نفسها منذ الصغر ولا تشعر بأهميته، بينما «هبة» تشعر أنه ضيق الأفق وسريع الانفعال ويهددها بالطلاق مع أول شجار بينهما.
اضطرت «هبة» لاستئجار شقة لتمكث بها بعد أن قاطعها والدها. تقول: «الناس كلها كانت ضدي.. أبويا شايف إني جبتله العار وأمي مقهورة عليا.. وده خلاني أعند أكتر». تحسنت العلاقة بين «هبة» وأهلها ولكنها رفضت الرجوع لبيت العائلة وفضّلت أن تعيش وحيدة دون تدخلات من أحد، وتكرس حياتها لعملها.
الضرب كان لغة «كريم» للتعبير عن غضبه. تقول «صفاء» إن زوجها كان يتحول إلى وحش كاسر ويضربها ويكسر أغراض المنزل، هكذا تفاجأت بعد أيام قليلة من الزواج، وأسبابه في ذلك واهية كأن تتأخر في إعداد كوب الشاي، لتكتشف أن زوجها الذي يعمل محاسبا في إحدى الشركات الهندسية الكبرى يتعاطى حبوب مخدرة.
ترى استشاري العلاقات الأسرية والاجتماعية الدكتورة هايدي القاصد أن حالات الطلاق السريع، وخصوصا في الشهر الأول من الزواج أصبحت متكررة وأرجعت ذلك لعدة أسباب:
تحمل المسؤولية من أهم الخصال التي يجب أن يتربى عليها الأبناء قبل الزواج. وتوضح «القاصد» أنه عند وقوع أي مشكلة بين الزوجين في بداية الحياة الزوجية يجب أن يحاول الطرفان حل النزاع عن طريق معرفة الأسباب ثم وضع الحلول أو تعايش الطرفين مع المشكلة عن طريق تنازل كل طرف بقدر مناسب للوصول لحل يرضى الجميع.
وتشير إلى أن كثيرين يهربون من المشكلة، في ظل عدم وجود دافع لحل المشاكل واللجوء إلى الطلاق كحل سريع، فعدم تحمل المسؤولية من الطرفين يجعل الرغبة في حل المشكلة تختفي والقدرة على الحل أيضًا، ويلجأ الطرفان للطلاق دون شعور بالمسؤولية حتى مع وجود أطفال.
اختيار شريك الحياة غير المناسب هو أحد أسباب الطلاق المبكر، وفقًا لحديث استشاري العلاقات، والحكم بصورة سطحية على الأشخاص يعرض الزواج للدمار، كأن تختار الفتاة زوجا مقتدر ماديًا أو ذو وجاهة اجتماعية أو سلطة، أو يختار الرجل زوجة ذات مظهر حسن وعائلة عريقة، وبالرغم من فترة الخطوبة إلا أن الزواج يكشف الطبائع، ففي فترة الخطوبة عادة ما يتجمل كل شخص أمام الآخر.
وعند الحياة في بيت مشترك يصطدم كل طرف بالاختلاف الجذري في شخصية قرينه، ويظهر ذلك أكثر بعد الزواج ووجود أطفال.
التدخل الخارجي قد يكون أحد أسباب الطلاق السريع، سواء كان التدخل من قبل الأهل أو الأصدقاء الذين يزيدون من تعقيد المشكلات الصغيرة والتي تؤدي في النهاية إلى الطلاق.
إيقاع الحياة السريع والنظر بدونية للفتاة تحديدا بدعوى تأخر زواجها، تجعل البعض يتعجل في الموافقة على الزواج دون تمهل ودراسة، فيحدث زواج سريع وقد ينتج عنه طلاقا سريعا أيضًا.