علي حسين عبيد
القراءة زاد فكري للانسان .. هذه الجملة طرقت أسماعنا منذ كنا أطفالا لازلنا نحبوا في طريق التعلم والمعرفة، فالجسد لكي يواصل نشاطاته العضلية وبقائه على قيد التنفس ينبغي أن يتناول الطعام، فهو زاد الانسان للتواصل في الجانب العملي للحياة، أما العقل فزاده الفكر، وإذا أراد أن يبقى فاعلا متجددا متواصلا مع المستجدات الفكرية والعلمية والادبية وغيرها، فعليه (أن يتناول) الفكر قراءة واطلاعا متواصلا ليغذي عقله ويبقيه حيا ويقضا ومتواصلا في علاقته الفكرية مع أنماط الحياة كافة.
ولعل هذا لايتحقق للانسان ما لم يقيم علاقة جيدة مع الكتاب، ويجعل من القراءة عادة يومية تشبه الوجبات الغذائية التي يتناولها من اجل البقاء حيا، ولقد قيل بأن المجتمعات القارئة تصنَّف من في خانة التقدم، وكلنا نتذكر موجة (كتاب الجيب) التي اكتسحت شعوبا بأكملها حيث يحمل الانسان (بمختلف الاعمار ومن كلا الجنسين) في جيبه كتابا صغيرا ويبدأ بتناوله قراءة في الحافلة او المقهى او المتنزه او الشارع وهو يغذ الخطى الى العمل او البيت، بمعنى أن الانسان يستغل وقته بالكامل ولايترك دقيقة واحدة تضيع هباء من دون أن يستغلها بتجديد أفكاره وجعلها متواصلة مع المستجدات الفكرية المختلفة.
والآن نتساءل (بعد أن اندثرت عادة القراءة وحلت محلها القطيعة بين القارئ في بلداننا والكتاب) هل آن لهذه العلاقة أن تُحيى من جديد، وهل هناك من العلامات ما تشير الى إمكانية أن تتجدد هذه العلاقة فعلا.
لقد قال الشاعر والناقد المعروف أدونيس في أحد اللقاءات التي أجريت معه (ان ثمة قطيعة بين القارئ والكتاب العربي لدرجة انها اصبحت ظاهرة) وإذا كان الامر كذلك، ماهو نصيب القارئ العراقي من هذه القطيعة؟، لقد رسخت في الاذهان تلك الجملة المثيرة للجدل التي أطلقها احدهم قبل اكثر من نصف قرن حين قال (إن مصر تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ) وهذا ما يدل بصورة قاطعة على أن القارئ العراقي كان يتصدر الآخرين في الدول العربية الاخرى بإقباله على فعل القراءة، ولكن نتيجة للوقائع المعروفة التي مر بها العراق تراجع القارئ العراقي الى الوراء وتقدمه آخرون وتراجعت العلاقة بين القارئ والكتاب حتى قاربت نسبة الصفر، وليس في هذا القول مغالاة أو مبالغة، فقد انشغل العراقيون منذ عقود طويلة بمواجهة الظروف الصعبة لمواصلة الحياة وأجبرهم هذا الوضع على التخلي عن الغذاء الفكري او التقليل منه حيث يعده كثيرون (في ظل الظروف الصعبة) نوعا من الترف الذي لاطائل منه.
والآن كما يبدو آن لهذه العلاقة أن تتجدد ....
ولعل الظروف التي أحدثتها المتغيرات السياسية في العراق أوجدت عوامل جديدة أسهمت في تحريك الفعل القرائي وإعادة الروح والحيوية له من جديد، حيث نرى بوادر إقبال على التعاطي مع الكتب ومحاولة تجديد الفكر وإغناء الذهن بما يستجد من العلوم والآداب والفنون وغيرها.
بيد أن هذا الامر يتطلب تفعيلا وتشجيعا لفعل القراءة وذلك من خلال بعض الخطوات التي يمكن أن نوجزها بما يلي:
1- وضع خطة عملية واضحة المعالم لتفعيل آلية توزيع الكتاب على عموم المكتبات لاسيما الأهلية منها.
2- العودة الى اسلوب إقامة المعارض الخاصة في الكتاب وفق خطط مدروسة مسبقا من لدن الجهات المعنية.
3- وجوب تدخل الدولة لدعم سعر الكتاب او اتخاذ بعض الاجراءات التي تسهم في التقليل من سعره لاسيما الكتاب المستورد.
4- الاهتمام بطرق عرض الكتاب حيث يؤكد المعنيون ان طريقة العرض تعد فنا مساعدا على اقتناء الكتاب.
5- ملاحظة رغبات القراء والعمل على مناغاتها بما يحقق علاقة بيع وشراء جيدة ومتواصلة للكتب.
6- الترويج للكتب لاسيما ما هام ومتميز منها عبر وسائل وقنوات الاعلام المتنوعة.
7- تتطلب هذه النقاط جهدا كبيرا قد يصعب على خير مؤسسات الدولة القيام به، لكن ذلك لايمنع اشتراك القطاع الخاص بأفكاره وانشطته العملية للاسهام في تحقيق قفزة في عملية الاقبال على الكتب.
8- وأخيرا أن تتخذ عمليات التسويق متمثلة (بطرق العرض والترويج ودعم الاسعار وماشابه) طابعا شعبيا لانخبويا، بمعنى ان يتم التوجه الى الشرائح الشعبية عامة لانها هي المستهدفة بفعل القراءة قبل غيرها.
نشرت فى 24 فبراير 2013
بواسطة ahmedsalahkhtab
أحمد صلاح خطاب
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
636,832