دكتور/ أحمد أبوزيد

الصحة النفسية والتربية الخاصة

عان المعاقون عقلياً خلال القرون السابقة من العديد من أشكال الإهمال , من جانب الأسرة , ومن جانب المجتمع بصفة عامة , ومع ظهور المصلحين والمنظمات الدولية والمحلية بدأ ينظر إلى المعاقين بوجهة أخرى غير التي سجّلها التاريخ خلال العصور الماضية. فأصبحت قضية الإعاقة العقلية تشغل الباحثين فى مختلف فروع العلم , وتشغل المجتمع على مستوى المؤسسات والحكومات , وأصبح الاهتمام بقضايا الإعاقة من أولويات اهتمام برامج التنمية.

ونتعرض فى الكتاب الحالى لقضية هامة وهى قضية " تربية وتعليم المعاقين عقلياً ". فقد يستخدم البعض أساليب عفوية غير مقصودة فى تربية وتعليم المعاقين عقلياً , وفى هذا الكتاب نعرض لبعض الجهود التى تمت فى مجال تربية وتعليم المعاقين عقلياً , وتنشئتهم بصفة عامة. وقد يفيد الكتاب الحالي الباحثين , والآباء , والمعلمين , وطلاب التربية الخاصة , فالجميع مشتركون فى تربية وتعليم وتنشئة المعاقين عقلياً.

 ويتناول المؤلف فى الكتاب الحالي العديد من الموضوعات التي ترتبط بتربية وتعليم المعاقين عقليا , ففي الفصل الأول تناول المؤلف "مفهوم الإعاقة العقلية" من حيث : الإعاقة العقلية والمرض العقلي , نسبة الإعاقة العقلية , تصنيف الإعاقة العقلية , تشخيص الإعاقة العقلية , أسباب الإعاقة العقلية , خصائص المعاقين عقلياً. والفصل الثاني : بعنوان " البرنامج التربوي للمعاقين عقلياً" عرض فيه المؤلف لمحة تاريخية عن تربية وتعليم المعاقين عقلياً , البرنامج التربوي للمعاقين عقلياً , أهمية البرامج التربوية للمعاقين عقلياً, أهداف البرامج التربوية , أسس ومبادئ البرامج التربوية , أنواع البرامج التربوية , الاحتياجات التربوية اللازمة للمعاقين عقلياً , البرنامج التربوي الفردي , الخطة التربوية الفردية , الخطة التعليمية الفردية. والفصل الثالث بعنوان " أساليب تربية وتعليم المعاقين عقلياً" تناول فيه المؤلف النمذجة , التلقين والإخفات , تشكيل السلوك , التسلسل , لعب الدور , التعزيز , طريقة المشروع , المناقشة. والفصل الرابع بعنوان " المهارات الحياتية" عرض فيه المؤلف لمفهوم مهارات الحياة , أهمية مهارات الحياة , مهارات العناية بالذات , تعليم الطفل مهارات العناية الذات. والفصل الخامس بعنوان " المهارات الأكاديمية" عرض فيه المؤلف لمهارات القراءة , مهارات الكتابة , مهارات الحساب. والفصل السادس بعنوان " الأنشطة الرياضية والفنية" عرض فيه المؤلف للمهارات الحركية والتربية الرياضية , الأنشطة الفنية. والفصل السابع بعنوان "المهارات الاجتماعية" عرض فيه المؤلف لمفهوم المهارات الاجتماعية , أنماط المهارات الاجتماعية , أهمية المهارات الاجتماعية , القصور في المهارات الاجتماعية , مفهوم التدريب على المهارات الاجتماعية , أهمية التدريب علي المهارات الاجتماعية , التدريب على المهارات الاجتماعية لدى الأطفال المعاقين عقليا , التدريب على المهارات الاجتماعية لدى الأطفال ذوى السلوك الفوضوي , أهداف التدريب على المهارات الاجتماعية , محددات وفنيات التدريب على المهارات الاجتماعية. والفصل الثامن بعنوان "الرعاية التربوية والنفسية باستخدام اللعب" عرض فيه المؤلف لمفهوم اللعب , فوائد اللعب وأهميته , استخدامات اللعب , النظريات المفسرة للعب , اللعب الجماعي , اللعب الفردي , الأشكال التربوية للعب , اللعب لدى المعاقين عقلياً , تطبيقات اللعب التربوية والنفسية. والفصل التاسع بعنوان "التدريب الوالدى" عرض فيه المؤلف لمفهوم التدريب الوالدى , التدريب الوالدى لآباء الأطفال المعاقين عقلياً , التدريب الوالدى لآباء الأطفال ذوى السلوك الفوضوي, أهداف التدريب الوالدى , محددات وفنيات التدريب الوالدى , نماذج التدريب الوالدى لآباء الأطفال المعاقين عقلياً.

وتطور المجتمع فى العصر الحديث تطوراً سريعا يكاد لا يشهده أى عصر من العصور السابقة , وترتب على هذه التطور العديد من التغيرات , ولم تكن التربية بعيدة عن ذلك التطور والتغير فظهرت وجهات ونظريات حديثة تضع فى اعتبارها المتعلم وقدراته وإمكاناته , وعملت النظرة الحديثة على ضرورة مشاركة المتعلم فى التعلم , والحفاظ على إيجابيته ونشاطه أثناء التعلم مما يدفعه لمزيد من التعلم , وأن كل هذه التطورات تمت الاستفادة منها فى مجال تربية وتعليم المعاقين عقلياً بفضل جهود مربين ومعلمين كرسوا حياتهم للاهتمام بهذه الفئة من البشر , أمثال : ايتارد , سيجان , منتسورى .... وغيرهم , وسوف يكون هذا واضحا فى فصول الكتاب.

وتمثل الأسرة المؤسسة التربوية الأساسية , والأولى التى تتعهد الأبناء وترعاهم , وبالرغم من المستوى التعليمى والثقافى والاقتصادى المرتفع الذى وصلنا إليه إلا أننا ما زلنا نربى أبناء كما ربانا آباؤنا , وحجتنا فى ذلك قوية بزعم الآباء " أننا نجحنا وتعلمنا بفضل الطرق والأساليب التى ربانا عليها آبائنا " , ونؤكد على الآباء أننا رُحمنا فى العصور السابقة لقلة علمنا , كما أن العصر الحديث قد دخلت عليه العديد المدخلات التى تجعلنا نفكر ونفكر قبل أن نعتمد على أسلوب معين أو طريقة معينة فى تربية وإعداد النشء.

وتعقيبا على ما سبق فالآباء يقدمون لأبنائهم العديد من المكافاءات وأشكال التعزيز بصفة مستمرة , ولكنهم فى بعض الأحيان قد يعززون أو ينمون سلوكاً سلبياً دون أن يشعروا , فقد تنتبه الأم جيداً لطفلها عندما يصرخ صراخاً شديداً فتجرى إليه تقبله وتحضنه وبذلك يتعلم الطفل سلوكاً سلبياً " الصراخ " وتعززه الأم بحضنها الدافئ للطفل. وقد يطلب الطفل من والده أن يشترى له شيئاً ما فيبطئ الأب أو يرفض فيصر الطفل على طلبه , فقد يبكى أو يرتمى على الأرض أو يرفض الطعام , وسرعان ما يشترى الأب حاجة الطفل حتى ينهى الطفل تزمره وعناده. 

ونوجه عناية الآباء والمعلمين إلى ضرورة البحث والاطلاع  والاستفسار عن الأساليب المناسبة لتربية وتعليم النشء , والبعد عن الأساليب المورثة التى تفتقر إلى الأسس العملية , حيث قام الباحثون بتقديم أساليب تربوية ذات أسس علمية منهجية , كما أنهم قد تحققوا من الأساليب والطرق المورثة بطرق علمية , فقد ألغوا بعضها وحددوا معايير للبعض الآخر.

ويجب أن يضع الآباء والمعلمون نصب أعينهم شعار " دع الطفل يشعر بالنجاح حتى يرغب فى النجاح" , أي كلفهُ بالمهام والمسؤوليات التي تدرك أنها فى حدود طاقاته وإمكاناته وأنه يستطيع أداءها , فمتى نجح الطفل فى أداء مهمة ما يكون مدفوعا لاجتياز مهمة ثانية وثالثة. ولكن ما اعتدناه من بعض المعلمين فى  الفترة السابقة أنهم يدخلون الفصل وأول ما يقومون به توجيه بعض الأسئلة أو المهام إلى طلاب يدركون تماماً أنهم لن ولن يستجيبوا , ترى كيف يفكر هؤلاء الأطفال ؟ وكيف يشعرون ؟ بالتأكيد سوف يفكرون ويشعرون أنهم فاشلون وعاجزون , ومرة فى مرة قد يكون الفشل والعجز سمة لهم.

ترى أن كان حال الأطفال العاديين هكذا فما بالك بذوى الإعاقة العقلية  ؟ أنهم يحتاجون إلى الشعور الدائم بالنجاح حتى يطلبون النجاح بأنفسهم ويبحثون عنه , ومتى بحث الطفل عن النجاح فإننا نكون قد وضعنا أيدينا على أساس قوى لتربية وتعليم الطفل.

 

وأخيراً الحمد لله رب العالمين الذى وفقنى لإتمام هذا العمل.

 وأتمنى أن يحوز الرضا من كل من يطالعه

المصدر: أحمد محمد جاد الرب أبوزيد (2012). مدخل إلى تربية وتعليم المعاقين عقلياً. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , عمادة البحث العلمي.
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 450 مشاهدة
نشرت فى 19 مارس 2017 بواسطة ahmedabouzaid

ساحة النقاش

ahmed abouzaid

ahmedabouzaid
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

58,539