أجازةٌ سعيدةٌ

في يوم راحته صلى الظهر وتمدد، ليستمتع بالقيلولة؛ التي لم ينعم بها من مدة طويلة. هل حقًا يتأرجح السرير؟ أم أن العفاريت الصغار يهزونه، وهم يلعبون؟ لم يكن متأكدًا تمامًا، فقد أفاق لتوه مذهولًا، المصباح المدلى من سقف الحجرة يتأرجح هو الآخر، ثمة لغط في الخارج، وأصوات لا يتبينها، تتنادى في هلع، أرجل كثيرة تهرول على السلالم. فرك عينيه، وقام ينظر حوله: لا أثر لزوجته، ولا لأحد من الأولاد. جاءت زوجته مسرعة من الشرفة؛ وهي تصيح: البيت يهتز، الناس كلهم في الشارع، تقريبًا لم يبق سوانا، وأخشى أن ينهدم على رؤوسنا. سأل عن الأولاد، فأخبرته أنها أنزلتهم مع الجيران. توجه إلى الشرفة ينظر، فإذا الجموع الحاشدة بجوار السور الكبير، الذي تطل عليه المنازل، تستحثهما في غضب، للإسراع بالنزول. تعجب من هؤلاء الذين لم يجتمعوا يومًا على رأي، كيف اتفقوا على النزول اليوم من البيوت؟ تمتم بهدوء: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، خذي الأولاد، وتوجهي إلى بيت أبيكِ، وأنا سأقصد المسجد ثم أوافيكم هناك بعد الصلاة. شق طريقه وسط الحشود الذاهلة. الفزع يكسو الوجوه، الشفاه تتحرك بغير كلام، اختلط الحابل بالنابل، بكاء وصياح، بعضهم حافي القدمين، وبعضهم متلفف بملاءة سرير؛ كأنه خارج من القبر في أكفانه، آخرون يقفون بملابسهم الداخلية، الكل في فزع ورعب، ظهورهم للجدار، وعيونهم معلقة بالمنازل، لم يكن منزله هو وحده إذن! هل اتفقت المنازل كلها على الانقضاض هذا اليوم؟ مضى إلى المسجد، أدى الصلاة مع نفر قليل من الكهول والشيوخ، عاد ليجد زوجته وأولاده ضمن الواقفين، تعجب لماذا لم تقصد بيت أبيها كما اتفق معها؟ أخبرته أنه زلزال، وأن بيت أبيها لن يكون أحسن حالًا من بيتها. سأل أحد الواقفين: إذا كان الزلزال قد انتهى لماذا لا نعود للبيوت؟ أجابه آخر: نخشى أن تكون هناك توابع. وقف مع الجموع المشفقة يستغفر، ويسأل الله السلامة.

أحمد عبد السلام_مصر

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2015 بواسطة ahmed1957eg

عدد زيارات الموقع

21,517