أفتوني مأجورين (قصةٌ قصيرةٌ)

كنت متكئًا فجلست، لم أجد كلامًا أرد به على سؤاله، أنا خطيب المسجد من ثلاثين عامًا، لم يسألني أحد هذا السؤال من قبل!

في صوت متهدج من فرط التأثر، راح يروي لي مأساته، هو مقاول تشطيبات ناجح، اختارت له أمه عروسًا من الجيران تليق به، جميلة ومؤدبة، تماثله في الشهادة المتوسطة، والمستوى الاجتماعي، تزوجا ورزقا بالبنين والبنات، يزور أهله من حين لآخر؛ لبعد سكن الزوجية عنهم وكذلك أهلها، الحماة سليطة اللسان، لدرجة بات يخشى معها على أولاده من العدوى، لم يستطع منع زوجته من زيارة أهلها؛ لكنه قلل مرات الزيارة بما لا يخل بصلة الرحم، وباعد بين فتراتها، أخوات الزوجة مؤدبات؛ لكنَّ أزواجهن مثيرو متاعب، أحدهم تاجر أقمشة بالوكالة ومدمن مخدرات، الثاني شاب مستهتر من عائلة غنية، لا يغض طرفًا ولا يراعي حرمة، الثالث دائم السفر وزوجته شبه مقيمة لدى أهلها، إلى هنا والمشكلة ليست بالمستعصية، فشئ من الكياسة في التعامل معهم، قد يجدي في اجتناب مشاكلهم، الطامة كانت يوم اكتشف اتفاقًا، أن حماته تحترف التسول!

مادت به الأرض حين صدمه أحد العمال المؤقتين بذلك على سبيل التعيير، بعد خلاف مالي بينهما. لم يصدق أذنيه، ظن الفتى يستفزه بهذه القنبلة ليستدرجه لمشاجرة، تصنع اللامبالاة، قرر أن يتأكد بنفسه، ذهب إلى المكان الذي وصفه له، كاد يغمى عليه حين رآها بشحمها ولحمها، منكسة الرأس، ممدودة الكف، لم يشتبه عليه أمرها، رغم ثيابها الرثة، وهيئتها المبتذلة، لم تنتبه إليه، عاد أدراجه يجر أذيال الخيبة، لماذا؟ ألح عليه السؤال دون أن يحر له جوابًا. لديها مصاغٌ يقدر بمئات الألوف، تمتلك بيتًا من عدة طوابق، وشرعت منذ عام في بناء آخر، لديها معاش شهري محترم، لزوجها المقعد الذي كان من قدامى المحاربين، هل هو مرض كما سمع من قبل؟ هل يخبر زوجته أم يتكتم الأمر عنها؟ وما أدراه أن زوجته تعلم؟ وفي حالة علمها هل يمسكها أم يطلقها؟ وما ذنبها هي؟ أيؤاخذها بجريرة أمها؟ وماذا يكون حال أولاده إذا علموا؟ وسخرية زملائهم في المدارس منهم؟ وماذا لو علم أحد من أهله؟

<!--[endif]-->

فكر في نصح الحماة فلم تواته الشجاعة، تراءى له الاستعانة بأحد أزواج بناتها، لم يجد بينهم عونًا يعتمد عليه، كره فضيحتها بين أهله وأهلها، أعياه التفكير فلجأ إليَّ، استمهلته يومين للرد، بماذا أجيبه اليوم؟

أحمد عبد السلام_مصر

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2015 بواسطة ahmed1957eg

عدد زيارات الموقع

18,289