صورة التركي المسلم في الغرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الحرب العالمية الثانية، والتي خرجت منها ألمانيا مُدمَّرة، لعب الأتراك دوراً أساسياً في إعادة بناء ألمانيا، وأصبحوا يشكلون جزءاً مهماً من المجتمع الألماني، وهناك أعداد كبيرة جداً منهم حققوا الاندماج الكامل في المجتمع الجديد.
لكن ما يُعكِّر صفاء هذه الصورة هو النظرة الفوقية التي ينظرها الألماني عموماً للآخرين. بالطبع هناك النازيون الجدد والقوميون المتطرفون عموماً ينظرون إلى الأتراك المسلمين نظرة عدائية، وهناك حوادث مؤلمة من حرق وذبح جرت في ألمانيا.
وعندما ننظر إلى تلك الحالات نجد أن الصورة العامة للضحايا لا تختلف عن الصورة الأوروبية، فالفتيات يخرجن كصديقاتهن الألمانيات دون حجاب، والرجال يلبسون الألبسة الأوروبية دون لحى، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على حالة عداء عنصرية بعيدة عن الهويّة الدينية.
من جهة أخرى برزت صورة التركي المسلم السلبية إبان الحرب العالمية الأولى في أوروبا الشرقية، وبدأت العمليات الانتقامية من الدولة العثمانية بالانتقام من المواطنين المسلمين في تلك البلدان، وهذا تسبّب في عملية تهجير واسعة بدأت في مطلع القرن العشرين، مما فرض على الجمهورية التركية إبرام اتفاقية «التبادل السكاني
بين اليونان وتركيا » التي سُميت اختصاراً «المبادلة »، وهي الاتفاقية التي وُقّعت في لوزان عام 1923، وتم بموجبها نقل المسلمين الأتراك من اليونان إلى تركيا، ونقل
المسيحيين من تركيا إلى اليونان.
وعلى المنوال نفسه، وللأسباب ذاتها بدأ طرد المسلمين الأتراك من بلغاريا منذ إعلان استقلالها عن الدولة العثمانية، وقد طُردوا على دفعات مُتعدّدة أكثرها في عهد تيودور جيفكوف الرئيس البلغاري الشيوعي، وكانت أكبرها تلك التي حصلت عام 1989، إذ أخرج أكثر من ثلاثمئة ألف تركي مسلم من بلغاريا، ووضعهم على باب تركيا الحدودي في أدرنة.
على الرغم من دخول تركيا العثمانية الحداثة الأوروبية منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتبني هذه الحداثة بشكل صارم اعتباراً من تاريخ إعلان الجمهورية التركية، ودخول تركيا كثيراً من المنتديات الأوروبية، وعدم التمكّن من التمييز بين المواطن التركي والمواطن
الغربي في كثير من الحالات، وترجمة الأدب التركي على نطاق واسع في الدول الأوروبية، إلّا أن الصورة التاريخية باعتبار التركي المسلم العفريت أو الجني الذي يعيق
سير سفينة الإيمان الكنسيّة مازالت محفورة على ما يبدو في ذهن الأوروبي بشكل عميق تبقى رواسبه ظاهرة إلى اليوم. 
_عبد القادر عبد اللي: مجلة الدوحة الثقافية

المصدر: _عبد القادر عبد اللي: مجلة الدوحة الثقافية https://www.facebook.com/ahmed.abdelsalam.3950/posts/768084483309273?pnref=story
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2015 بواسطة ahmed1957eg

عدد زيارات الموقع

19,384