قصيدة" أحمل في راحتي شعراً ومزمارا" –
شعر د. أحمد محمود – 4 يونيو 2017
(8)
عند الضحى كنت أتسلق الربا
وأمشي إلى عين الماء مستمرا
كنت أحث الخطى
أمشي، وأمشي سريعاً مثابرا
ربما كنت مهاجراَ،
أو مسافراً أو مغادرا
كنت أقطف الأعشاب، والأزهارَ،
والسماق، والزوفا والزعترَ
كنت أجمع باقات الورد الجوري الأحمر
وأحمل النبات المعطر والمزهر
وأشتم عبير الأقحوان، والبيلسان
وأقطف النسرين، والنرجس والنوارَ
كانت الورود مكدسة أزرارً أزرارا
رباه كم عشقت في وطني الورود والأزهار
أتنقل وتميس من أمامي
أنشقها واقفاً، سائراً أو عابرا
وتنشد أسراب الطير
ومن وخلفي الظلال
والأفياء، وجموع الأطيار متجمهرة
ومن لمسات النسمات
وسريان الغدران يملأ الوادي خريرا
وتميس العرائش والأشجارَ
ويصطلي صدري شوقاً وسعارا
وتهب قصيدة حامية تذكيها النارَ
وبين أناملي تتهادى قصائدي
تميد النغمات وتراقص المزمارَ
وتتناثر أمام ناظري في الأفاق البعيدة
قاطرات خيولي وحروفي الجرارة
تغادر تباعاً صوب فلسطين الأسيرة
في الجليل، والقدس، والضفة، وغزة المغوارة
بلادي التي تكبلها السلاسل،
وتصارع الجنازير والجدرً
وتطفو على شطآن عكا، وحيفا ويافا
أرض بني كنعان تواجه الجدران والأسوارَ
أرض بني "يابوس" التي أثخنت طعناً، وحراباً وخناجرا
آهٍ يا وطناً تعيش في رئتي متجذرا
وتخيم في عقلي وتبقى فيه معسكرا
وتعشعش في خلايا دمغي وتظل فيه متسمرا
يا وطناً تقطن القلب، والفؤاد والصدرَ
يا وطناً غدوت محتلاً، مكبلاً محاصرا
هذي قوافل قصيدي الفلسطيني بيرقاً مهاجرا
تعدو كالرياح وتتخطى البحار والجزرَ
تحمل الأغاني، والمواويل، والحنين والأشعارَ .
بقلمي د. أحمد محمود