قصيدة " رسالة حب ووداع إلى زوجي الحبيب" – شعر د. أحمد محمود 22-8-2013

 أقدم إلى جمهور الصفحة اليوم قصيدة معبرة وهادفة، سلسة وسهلة ومفعمة بالصور والتعابير الإنسانية . وهي من أجمل ما كتبته من الأشعار الإنسانية والاجتماعية. موضوع القصيدة "مرض الزهايمر" الذي ينتشر بين كبار السن، فيتراجعون في قدراتهم العقلية ،والتفكيرية، والجسدية والأدائية. الزوجة تخاطب زوجها أن يكون حنوناً ،ومتفهماً ومواسياً وإنسانياً يدرك حالتها الآن، ويتذكر كيف كانت في عز صباها وشبابها.

 القصيدة موجهة إلى الجميع وخاصة المتزوجين والأحبة والعشاق والخطاب. 

 وهي كذلك نداء إلى الأبناء كي يتذكروا آباءهم ويعاملوهم بلطف وحنان في هذه المرحلة العمرية المتقدمة والمؤلمة. 

" رسالة حب ووداع إلى زوجي الحبيب"

( 1 )

إنني أرى بأنك جالس كالهدهد بقربي

تحضنني بذراعيك وتطوقني

تندس بجانبي وتنزرع كالزنبقة في خاصرتي 

تجاورني كالسنونو وكأنك تعلم أني

مغادرة هذا الكون للقاء خالقي . 

وأنا أفهم بأنك ما زلت زوجي ونصيبي

وبقايا الورود في أغصان وجداني

وسواقي شوقي ودروبي 

وفتى أحلامي وحبيبي وقريبي

أفهم بأنك حدائق عشقي وبساتيني

أفهم أنك نوار أحداقي

وجلنار حواكيري وبياراتي

وروابي صباي وأقحوان حنيني

تمد يدك الحنونة فتميس كالياسمينة في يدي

وتتلمس بدفء أناملك وجهي وذبول وجنتي

وتعانق نظرات عينيك دمعات الوداع في عيني

وتمسح حبات الأسى السابحة من مقلتي.

( 2 )

تذكر بأنني ما زلت تلك اليراعة التي تحوم حولك

تلك المرأة التي تذوب عشقاّ لهمس شفتيك

وبأنني رغم تجعدات الوجه ما زلت أرقبك

رغم فقداني عقارب الأيام ما زلت أعشقك

كل ما أرغبه أن تهاجر في قلبي نظرتك

وأن تترعرع بين أضلعي نبرات صوتك وحنين همستك

أتمنى أن تغرس على كثبان خدي زهور الياسمين من دوحتك

ولا ضير عندي أن تلثم خدي ببراعم الأقحوان من قبلتك.

( 3 )

واعلم بأن ارتجافات يدي وأنين شفتي

كانت حنيناً وصباً وهوىً ربيعياً في الماضي

كل ما أريده منك أن تبقى إلى جانبي

فإنك ما زلت ترفرف في خافقي

ما زلت ذلك العاشق الأبي الفتي 

والحبيب القريب الشغوف الشقي

ذلك الغصن الغض ،الطري الندي

ذلك النجم النيروزي الساطع في عتمة آفاقي.

( 4 )

في هدأة عينيك أرى فرحتي

وأشلاء ابتسامتي

وبقايا نظرتي.

لا تغادرني 

لا تتركني فريسة لوحدتي

لا تهجرني في غابات غربتي

عانقني ولو لبرهة وجيزة في ظلال عتمتي

وضمني إليك طويلاً فأنت نسمتي

وتراتيل قيثارتي 

وضمني إلى أن تغادر روحي بقايا جثتي.

 مع تحيات د. أحمد محمود