ثورة
قالت و ملء العينِ منها تدمعُ
إني سأقطعُ ما أحبُّ وأقلعُ
انا لن أكونَ على الدوامِ كسيرةً
بين الجوانحِ عزةٌ وتَرَفُّعُ
عَهدُ العبودةِ قد مضى وخَلَفتُه
بفكاكِ أسرٍ فيه كنتُ أقرّعُ
قد شَبَّ طفلٌ عاشَ فيكَ مولعًا
ذاقَ الفِطامَ المُرَّ وهو مولّعُ
إن كنتُ يومًا قد رَضيتُ بذِلّةٍ
فاليومَ بالهجرِ المؤبَّدِ أقنَعُ
إني أُطلِّقُ ما عَقَدتُ وإنهُ
كالفَسخِ عندي لستُ فيه أُرَجَّعُ
ذهبَ الوصالُ بما قهرتَ وإنني
مازلتُ من ذاك الشّرابِ أُجَرَّعُ
حتى نويتُ صيامَ نَذرٍ موجِبٍ
لزوالِ ملكٍ لم يَزل يَتربَّعُ
ولقد أخذتَ كرامتي وقتلتني
وأنا التي لمّا أَزَل أَتَقنَّعُ
أعطيتُ قلبًا سالمًا فسقَمتَهُ
ووهبتُ ما تدري وغيريَ يَمنعُ
كان الغرامُ مَذلَّة ورضيتُه
ولقيتُ غُرمًا والمَهانَةَ أَدفعُ
فاليومَ لا ذُلٌ ولستُ أريدهُ
ماعدتُ أرجو ما تريدُ فأَسمَعُ
يا أيها المَنبوذُ دَع عنكَ العَنا
فلقد أكلتَ شُجيرتي فستشبعُ
هذي الجِنانُ عَقرتَها فحُرمتَها
ونجا فؤادي من عقاربَ تَلسعُ
ولقد كفرتُ بما رأيتُ من الهوى
ودلائلُ الأشواق ِ شمسٌ تَسطعُ
ماتت بذورُ الحُبِّ فيَّ فلا تَعُد
ما في الفؤادِ سوى الكراهةِ تَنبُعُ
فأجبتُها والعينُ تَقطُرُ بالدِّما
مهلًا فإني بالحديثِ مُرَوَّعُ
إنّ العدالةَ أن أقولَ مدافعًا
فالظلمُ في غَيبِ المُحاكَمِ أَشنَعُ
مازالَ قلبي بالمحبةِ عامِرًا
لكنّها الأقدارُ أنَّى تُدفَعُ
أنا ما هجرتُ وإنما هي مِحنةٌ
مِن هولِها تأتي الفَتِيَّ فتَصرَعُ
لكنّ ذي الأهوال حين سَمِعتُ ما
قد قُلتِهِ هانَت فقَولُكِ أفظَعُ
إني أُقَدِّمُ كلَّ ما تَرضَينَ مِن
أجل ِ الرِّضى والقلبُ عِندَكِ يَشفَعُ
هذا الشتاءُ وبَردُهُ عَرَضٌ يَزو
لُ وبعدَهُ يأتي الرَّبيعُ فنُربِعُ
أنا لن أكونَ مُقاطِعًا فلتَعلمي
مهما سَدَدتِ البابَ عَنِّيَ أقرَعُ
طِيبُ الحياةِ إذا هَجَرتِ كعَلقَمٍ
وأنا لبُعدِكِ لا أطيقُ وأجزَعُ
مازالَ قلبُكِ مُفعَمًا بمَحَبَّتي
والعَتبُ مِن فَرطِ المَحبَّةِ يَطلُعُ
لولا المحبّةُ لم تكن لكِ دمعةٌ
ولما عَتَبتِ وذو المحبّةِ يَرجِعُ
وإذا بها لما حَكيتُ تَفَتَّحَت
كالوردِ والكُثبانِ عادَت تُمرِعُ
وتَحَرَّكَت منها الغُصونُ وأينعَت
وتَبسَّمَت وبَكَت وقالت (أصلعُ)
مصطفى محمد كردي