الفصل الثالث : الهجرة إلي المدن الكبرى ومشكلاتها
تعد حركة انتقال السكان من الريف إلي المدن داخل حدود الدولة نوعاً من الهجرة الداخلية .
<!--تعريف الهجرة الداخلية ...
انتقال السكان من مكان إلي أخر داخل الدولة بهدف الإقامة المؤقتة أو الدائمة ويصاحبها تغيير في محل الإقامة .
والهجرة الداخلية تعني إعادة توزيع السكان داخل حدود الدولة بسبب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية .
<!--الهجرة من الريف إلي المدن :
تعد من أهم أشكال الهجرة الداخلية ... وهي تعرف باسم التحضر – وقد بدأت في أوربا مع قيام الثورة الصناعية في القرن 18 وهذه الهجرة ما زالت موجودة ومستمرة في جمع دول العالم ولكنها أكثر وضوحاً الآن في الدول النامية خاصة بعد الحرب العالمية الثانية.
هجرة السكان من الريف إلي المدن في الدول المتقدمة ...
شهدت أكبر معدلاتها في الفترة من منتصف القرن 19 إلي منتصف القرن 20 مما أدي إلي تزايد نسبة سكان المدن [ في بريطانيا وصلت إلي 85% وفي ألمانيا والدانمرك واستراليا والولايات المتحدة 50 % من سكان المدن]
النتائج المترتبة على الهجرة من الريف إلي المدن ..
<!--زيادة سكان المدن خاصة في الدول النامية .
<!--ظهور مشكلات عديدة نتيجة نمو المدن يصعب على الدول النامية حلها .
<!--ارتفاع نسبة سكان المدن 10% عام 1900 زادت إلي 30% عام1950.
<!--من المنتظر أن يعيش نصف سكان العالم في المدن عام 2010م
العوامل التي تدفع السكان إلي الهجرة من الريف إلي المدن ...
أ) عوامل الطرد ( وهي مرتبطة بالريف ):
<!--انخفاض معدلات الدخول في الريف .
<!--انخفاض مستوي الخدمات الصحية والتعليمية .
<!--صغر الملكية الزراعية وعدم توفر دخل مناسب.
<!--زيادة نسبة البطالة .
<!--انخفاض إنتاجية الأراضي في الدول النامية بسبب استخدام الأساليب البدائية في الزراعة.
ب) عوامل الجذب ( وهي مرتبطة بالمدن ):
<!--ارتفاع معدلات الأجور .
<!--توفر فرص العمل .
<!--توفر الخدمات التعليمية والصحية والثقافية .
<!--تركز الاستثمارات ورؤوس الأموال في المدن .
<!--تركز الوزارات والإدارة الحكومة في المدن .
<!--ازدهار الأحوال الاقتصادية في المدن يؤدي إلي جذب أعداد كبيرة من سكان الريف .
عوامل أخري تؤثر في الهجرة :
<!--مدي توفر وسائل النقل والموصلات .
<!--العادات والتقاليد والقيم السائدة في المجتمع .
<!--الاختلافات العرقية واللغوية والدينية .
<!--عامل المسافة حيث تتم الهجرة إلي المحافظات القريبة وإن كان البعض يري أن توافر الفرص الاقتصادية يتفوق على عامل المسافة.
تيار الهجرة العائدة ...
ويقصد بها عودة أعداد من السكان إلي موطنهم الأصلي ويرجع ذلك إلي التطور الذي شهدته كثير من المحافظات الريفية وعودة كبار السن إلي قراهم وترك مساكنهم لأبنائهم .
ملحوظة ... تيار الهجرة العائدة يظهر بوضوح في الدول المتقدمة بسبب اقتراب المستوي الحضاري للريف من المدينة – وقد بدأ يظهر في مصر لكن على نطاق محدود.
مراحل الهجرة ...
1) مرحلة اتخاذ القرار... وفيها يحدد المهاجر المنطقة التى سيهاجر إليها مع مراعاة تجارب الآخرين .
2) مرحلة الهجرة الفعلية ... وفيها ينتقل المهاجر بالفعل إلى محل إقامته الجديد .
<!--من الذي يهاجر ... أغلب المهاجرين من ..
<!--متوسطي السن من الذكور ( 15-60). 2) المتزوجون حديثاً. 3) أصحاب المستوي الاقتصادي المنخفض.
ملحوظة ...
<!--المهاجرين من الفقراء يلجأون دائماً إلي سكنى الأحياء الفقيرة أو هوامش المدن خاصة في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ، مما أدي إلي نشأة مدن الأكواخ أو مدن الفقراء حيث تبني المساكن من الأخشاب والصفيح.
تيارات الهجرة الرئيسية من الريف إلي المدن ...
<!--تتركز الهجرة من الريف إلي المدن في الدول النامية ، خاصة في الفترة من 1950 – 1980 بسبب اتجاه الدول النامية نحو الصناعية - ومازال هذا التيار مستمراً حتى الآن حيث تنمو بعض مدن الدول النامية بمعدل مرتفع جداً يصل إلي 8% سنوياً مثل مدينة القاهرة .
<!--أقدم تيارات الهجرة من الريف إلي المدن ظهر في بريطانيا ( أي في الدول المتقدمة ) مع بداية الثورة الصناعية مما أدى إلى نقص الإنتاج الزراعي وانكماش مساحة الأراضي الزراعية واتجاه بريطانيا إلي التوسع في المستعمرات لسد العجز في المواد الغذائية .
في الولايات المتحدة :
<!--ظهرت بها تيارات الهجرة من الريف إلي المدن في مطلع القرن العشرين ( 1920 – 1930 ) حيث اتجه نحو 19 مليون من الريف إلي المدن الأربع الكبرى ( نيويورك – شيكاغو – ديترويت – لوس انجلوس )
في الاتحاد السوفيتي ( سابقاً ) :
<!-- تزايدت الهجرة الداخلية من الريف إلي المدن بصورة كبيرة في الفترة من 1926 – 1936 ( 23 مليون نسمة.
في اليابان :
<!-- كانت نسبة سكان الريف 80% عام 1920 انخفضت إلي 50% عام 1980 واتجه معظم السكان إلي المدن الكبرى.
ملحوظة ..تعتبر القاهرة تليها لاجوس في نيجيريا أكبر مدن القارة الأفريقية نمواً مما تترتب عليه العديد من المشكلات .
نتائج الهجرة من الريف إلي المدن:
أولاً .. النتائج الديموغرافية ...
<!-- تغير حجم السكان ...
فالمناطق المستقبلة يزيد سكانها [ القاهرة ] والمناطق المرسلة يقل سكانها [ المنوفية وسوهاج ] لذلك يزيد سكان المدن وينخفض سكان الريف .
<!-- النمو الحضري ...
غالباً ما يصاحب الهجرة تطوراً اقتصادياً وتحولاً من الحياة الريفية إلي الحياة المدنية وهو ما يعرف باسم التحضر.
<!--ولكن أحياناً تكون الهجرة من الريف إلي المدن مجرد تغيير محل الإقامة دون أن تتغير العادات والتقاليد وهو ما يعرف بالتحضر الزائف .
<!--بلغ نمو المدن في الدول النامية في الوقت الحاضر نحو 3.6% سنوياً وقد يصل إلي 8% سنوياً . وأما في الدول المتقدمة فنمو المدن يعتبر بطئ جداً لا يتجاوز 0.8% .
أثر النمو الهائل للمدن في الدول النامية:
<!--نقص الخدمات الرئيسية بصفة عامة .
<!--نشأة مدن الصفيح : وهي المناطق الهامشية التى يلجأ إليها الفقراء والمهاجرين من الريف ويتمسك سكانها بعاداتهم وتقاليدهم الريفية .
<!--تغير التركيب النوعي والعمري ...
<!--التركيب النوعي :
يقصد به تقسيم السكان إلي ذكور وإناث - هجرة السكان من الريف إلي المدن يؤدي إلي زيادة أعداد الذكور في المدن وانخفاضها في الريف والعكس .
<!--التركيب العمري :
يقصد به تقسيم السكان إلي فئات عمرية - ترتفع نسبة الشباب( 15-35 ) في المدن عن الريف مما أدي إلي ارتفاع نسبة الإعالة في الريف .... نسبة الإعالة = عدد الأطفال + عدد الشيوخ مقسوماً على عدد الشباب.
[ س ] أغلب المهاجرين من الذكور في سن الشباب ؟
<!--لأن فرص العمل لهم أكثر من الإناث .
<!--الصناعة دائماً تطلب العمالة من الذكور .
<!--الذكور أقل المجموعات ارتباطاً بالأسرة .
<!--الرغبة في تكوين أسر جديدة .
ملحوظة :
زادت معدلات هجرة الإناث في الفترة الأخيرة خاصة في الدول المتقدمة.
<!--ترتفع نسبة الإناث بالقياس إلي نسبة الذكور .
<!--ففي إنجلترا 100 من الذكور لكل 102 أنثى.
<!--وفي السويد 92 ذكر لكل 100 أنثي
<!--وفي الولايات المتحدة 94 ذكر لكل 100 أنثي .
ثانياً.. النتائج الاقتصادية ...
<!--بالنسبة للمدينة ...
<!--زيادة حجم الاستثمارات ورؤوس الأموال .
<!--امتصاص البطالة التى يعاني منها الريف.
<!--ارتفاع مستوي معيشة المهاجر بسبب ارتفاع مستوي الأجور في المدن .
<!--يؤدي تيار الهجرة إلي انتشار البطالة في المدينة.
<!--بالنسبة للريف ..
<!--نقص الأيدي العاملة الزراعية بالريف .
<!--ارتفاع أجر العامل الزراعي نتيجة قلة عددهم.
<!--نقص العائد من الإنتاج الزراعي .
<!--ارتفاع معدل الإعالة .
<!--نقص الكفاءات المهنية في الريف .
ثالثاً .. النتائج الاجتماعية ...
1) بالنسبة للمدينة ...
<!--تكدس المهاجرين في أحياء فقيرة تقل بها المرافق
<!--نشأة مدن الصفيح على هوامش المدن .
<!--زيادة الضغط على مرافق المدينة .
<!--ممارسة العادات والتقاليد التى لا تتناسب مع المدينة.
<!--انتشار العديد من الجرائم مثل السرقة والقتل بسبب البطالة .
2) بالنسبة للريف ...
<!--يؤدي ارتفاع نسبة الإناث في الريف إلي وجود بعض المشكلات الاجتماعية .
<!--عدم وجود فائض من الاستثمارات يوجه لتطوير الريف .
<!--زيادة تخلف الريف نتيجة نقص الخدمات التعليمية والصحية .
المقارنة بين الدول المتقدمة والدول النامية ...
الدول المتقدمة ..
<!--زادت موجة الهجرة من منتصف القرن 19 حتى منتصف القرن العشرين .
<!--تيار الهجرة مازال مستمراً ولكن من المدن الأصغر للمدن الأكبر أي من حضر إلي حضر .
الدول النامية ..
<!--شهدت موجات الهجرة بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن - مازال تيار الهجرة مستمراً من الريف إلي المدن .
نماذج الهجرة من الريف إلي المدن ...
أولاً ..الهجرة في الولايات المتحدة الأمريكية ...
<!--يطلق عليها أمة من الرحل بسبب ضخامة حركة الهجرة الداخلية لها ففي كل عام يغير محل إقامته واحد من كل خمسة أفراد .
<!--يلاحظ أن المهاجرين إلي الغرب أكثر من المهاجرين إلي الشرق.
يوجد بالولايات المتحدة نموذجين للهجرة الداخلية ...
1) الهجرة من الريف إلي المدن :
<!-- تبدأ بالهجرة إلي المدن الصغيرة ثم المدن الكبرى ثم العملاقة وتنتهي بالضواحي .
<!--أكثر المدن جذباً للهجرة لوس أنجلوس ( واحد ونصف مليون مهاجر بين عام 1950 – 1960 )
2) هجرة الزنوج من الجنوب ...
<!--ويرجع ذلك إلى أن الولايات الجنوبية مارست بعض أشكال التفرقة ضد الزنوج على عكس الولايات الشمالية الأكثر تسامحاً مع الزنوج - أهم المدن التي جذبت أعداداً كبيرة من الزنوج ... نيويورك – شيكاغو – لوس انجلوس - ديترويت – فيلادلفيا – واشنطن – سان فرانسيسكو .
ثانياً .. الهجرة من الريف إلي المدن المصرية:
أوضحت نتائج دراسة الهجرة في مصر ما يلي ...
<!--أن 93.5% من المهاجرين تتراوح أعمارهم من 15 إلي 65 سنة. 2) أن أغلب المهاجرين إلي المدن من المتزوجين حديثاً.
3) الذكور أكثر ميلاً للهجرة من الإناث . 4) ارتفاع نسبة الأمية بين المهاجرين .
المحافظات الجاذبة للسكان ...
<!--وهي المحافظات الحضرية وتشمل ( القاهرة – الجيزة – الإسكندرية – محافظات القناة )
<!--القاهرة ... أولى المحافظات جذباً للسكان من جميع أنحاء الجمهورية وتقدر نسبة المهاجرين إليها بحوالي 60.2% من إجمالي عدد المهاجرين في مصر وهم حوالي ربع سكان القاهرة – وتأتي محافظة الجيزة في المرتبة الثانية والإسكندرية في المرتبة الثالثة .
المحافظات الطاردة للسكان ...
<!--وتشمل [ المنوفية والدقهلية ] بالوجه البحري ، [ سوهاج وقنا وأسوان ] بالوجه القبلي .
<!--<!--<!--المنوفية ... هي أكثر المحافظات طرداً للسكان لما يلـــي ...
<!--ارتفاع عدد السكان وكثافتهم بها .
<!--سيادة نمط الملكية الزراعية المفتتة .
<!--ارتفاع نسبة المتعلمين وهجرة الطلبة والموظفين إلي القاهرة والإسكندرية .
<!--ويأتي سوهاج في المرتبة الثانية كمحافظة طاردة للسكان .
" تيارات الهجرة الرئيسية في مصر "
<!--التيارات المتجهة إلي القاهرة ...
<!--وتغذيها تيارات فرعية من جميع أنحاء الجمهورية .
<!--التيار المتجه إلي الإسكندرية ...
<!--ويغذيه تياران : تيار من غرب الدلتا- تيار من جنوب الصعيد .
<!--التيار المتجه إلي مدن القناة ...
<!--ويغذيه تياران: تيار من شرق الدلتا - تيار من جنوب الصعيد .
<!--تيارات فرعية ...
<!--وتشمــــل : 1- تيار من قنا إلي أسوان .
2- تيار من جنوب الدلتا إلي شمالها .
3- تيار من جنوب الصعيد إلي البحر الأحمر وسيناء .
أهم آثار الهجرة على مدينة القاهرة:
<!--ارتفاع معدل نمو السكاني بها حتى أصبحت تحتل المركز 12 بين مدن العالم من حيث حجم السكان .
<!--ارتفاع الكثافة السكانية بها حيث تصل في بعض الأحياء إلي 100.000 نسمة / كم2
<!-- زيادة الضغط على فرص العمل والخدمات والإسكان .
<!--ظهور أحياء عشوائية تعكس ظاهرة التحضر الزائف .
<!--انتشار الإنحراف والجريمة بسبب عدم قدرة المهاجرين على التكيف مع حياة المدينة.
"بعض الحلول المقترحة للتغلب على مشكلة الهجرة من الريف إلي المدن:
1) بالنسبة لمحافظات الطرد ...
<!--انتشار مشروعات صناعية بحيث تمتص الفائض من القوي العاملة .
<!--تحسين أسلوب العمل الزراعي .
<!--توفير المزيد من الخدمات في المناطق الطاردة للسكان.
2) بالنسبة لمحفظات الجذب ...
<!--التخفيف من مركزية الإرادة وتوسيع اختصاصات الحكم المحلي.
<!--عدم تركيز الخدمات الصحة والترفيهية في المدن .
<!--التخفيف من تركيز الجامعات بالعاصمة والمدن الكبرى .
<!--عدم تركيز الصناعات الحديثة في المدن .
ساحة النقاش