الباب الأول : الفصل الثاني : أثر البيئة في نمو السكان
نمو سكان العالم قديماً وحديثاً:
<!--لا تتوفر أرقام مؤكدة ومدونة عن عدد سكان العالم في العصور القديمة ( قبل عام 1650م) وكل ما يتوفي هو بعض التقديرات في أقاليم العالم الكبرى.
<!--تشير الكثير من الآراء إلى أن سكان العالم منذ نحو مليون سنة كانوا ينحصرون في قارة أفريقيا ويقدر عددهم بنحو 125 ألف نسمة – وفي مرحلتي الجمع والالتقاط ، والصيد قدر عددهم بنحو 5 مليون نسمة – أما في زمن السيد المسيح فتراوح عددهم بين 200 : 300 مليون نسمة.
<!--وقد تضاعف سكان العالم ليصلوا إلى 1000 مليون نسمة عام 1840 م ثم إلى 2000 مليون عام 1930 م .
استنتاج : 1- أن سكان العالم تضاعفوا أربعة مرات ونصف خلال ثلاثة قرون في الفترة من 1650 : 1950م .
2- أن معدل نمو سكان العالم كلن بطيئاً حتى أوائل القرن العشرين لارتفاع مستوى الوفيات .
العوامل التي أثرت على معدل النمو السكاني العالمي:
1- المجاعات :
* تحدث المجاعات نتيجة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو الجفاف – وهذا يؤدي على فقد بعض المناطق لعدد كبير من سكانها .
من الدول التي تأثرت بالمجاعات :
<!--أيرلندا : خلال الفترة بين عامي 1846 : 1851 م .
<!--الصين : أصاب الجفاف المناطق الشمالية وفقدت ما بين 9 : 13 مليون نسمة – وتعرض نفس الإقليم للجفاف مرة أخرى بين عامي 1920 : 1930 م وفقدت نحو 4 مليون نسمة.
<!--الهند : تعرضت إلى 31 مجاعة ما بين عامي 1769 : 1978 م ( حوالي مائتين عام).
<!--مصر : ارتبطت المجاعات بانخفاض منسوب النيل ، ومن ذلك ما عرف بالشدة المستنصرية التي قضت على ثلث سكان مصر / وفي القرن 18 حدثت شدة أخرى فقدت مصر ثلث سكانها أيضاً.
2- الأوبئة والأمراض :
<!--كانت الأمراض الوبائية مثل الكوليرا والطاعون من أهم الأسباب التي أثرت سلبياً على سكان العالم وخاصة في المناطق المزدحمة بالسكان حيث يسهل انتقال الأمراض وخاصة عقب المجاعات – وأكثر الفئات تأثراً بالأمراض هم الأطفال الرضع (النزلات المعوية – الحصبة – الدفتريا – السعال الديكي).
<!--وقد اجتاح الطاعون (الذي يطلق عليه الموت الأسود) أوربا في منتصف القرن 14 وفقدت أوربا ما بين 25 : 35 ملون نسمة من سكانها ، وفقدت قبرص كل سكانها تقريباً ، وفقدت إيطاليا نصف سكانها ، وفقدت كل من فرنسا وبريطانيا ثلث سكانها.
3- الحروب :
<!--لعبت الحروب دوراً كبيراً في نمو سكان العالم خلال تاريخه الطويل حيث كانت الصراعات القبلية تستمر لفترات طويلة وتسبب خسائر بشرية هائلة ولن ليست هناك تقديرات دقيقة عن خسائر الحروب البشرية .
أهم الحروب وخسائرها :
<!--حرب الثلاثين عاماً : فقدت ألمانيا ثلث سكانها خلال الفترة ما بين 1618 : 1648م .
<!--الحربان العالميتان : نتج عن كل منها ضحايا يقدر عددهم بنحو 7.3 مليون .
<!--الحروب الأهلية : نتج عنها العديد من الضحايا ففي الولايات المتحدة (5.8 مليون) وفي الهند (6 مليون) وفي أسبانيا (6.3 مليون) .
نمو سكان العالم في العصر الحديث :
نتجت الطفرة السكانية في العصر الحديث عن الزيادة الطبيعية الكبيرة التي نتجت عن انخفاض معد الوفيات مع بقاء معد المواليد ثابتاً أم انخفاضه بمعدل قليل جداً – وقد ارتبط انخفاض معدل الوفيات بارتفاع متوسط العمر ، فقد ارتفع أمد الحياة في الوقت الحاضر لما يزيد عن 65 سنة ولا يزال في ازدياد في الدول المتقدمة – ويرجع ذلك حسب آراء العلماء إلى التقدم العلمي الكبير الذي تصدى لكثير من أسباب الوفاة في الأعمار المبكرة .
س/ تزايد سكان العالم في العصر الحديث ؟
ج/ بسبب التطور في الإنتاج الزراعي وأساليب إنتاجه ، والانقلاب الصناعي وما واكبه من ثورة في وسائل النقل والمواصلات - مما كان له أثر واضح في زيادة قدرة الإنسان على إنتاج الغذاء والضروريات الأساسية الأخرى.
س/ ما العلاقة بين تطور وسائل المواصلات ، وكشف العالم الجديد ، وسكان أمريكا الشمالية؟
ج/ كان لتطور وسائل المواصلات أثرها في كشف العالم الجديد وما تبع ذلك من هجرات بشرية ضخمة أدت لتزايد سكان أمريكا الشمالية من عدد يتراوح ما بين نصف إلى مليون نسمة من الهنود الحمر إلى ما يزيد على 200 مليون نسمة في الوقت الحاضر.
س/ قارن بين العالم النامي والعالم المتقدم من حيث : نسبة السكان ، ومعدل النمو السنوي ؟
ج/ العالم النامي :
يمثل 75% من سكان العالم – ويصل متوسط معدل النمو السنوي إلى 1.8% وأكبر معدل تمثله أفريقيا 2.4% .
العالم المتقدم :
يمثل 25% من سكان العالم – ويصل متوسط معدل النمو السنوي إلى 0.5% وأقل معدل تمثله أوربا صفر%.
توزيع السكان في العالم :
لا يتوزع سكان العالم على سطح الأرض توزيعاً عادلاً – وينقسم العالم بصفة عامة إلى قسمين :
اللامعمور : ويمثل ثلثي مساحة الأرض – ويتمثل اللامعمور في :
<!--المناطق شديدة البرودة : وتمثل ربع مساحة اليابس وهي القارة القطبية الجنوبية (انتراكتيكا) وجرينلند وشمال وشرق كندا والأطراف الشمالية من أوربا وآسيا .
<!--المناطق الجافة : وتتمثل في الصحاري سواء الصحاري الحارة ( الصحراء الكبرى في أفريقيا وصحراء شبه الجزيرة العربية والشام وثار في آسيا والصحراء الاسترالية وصحراء كلورادو في أمريكا الشمالية وصحراء أتاكاما في أمريكا الجنوبية ) أو الصحاري المعتدلة (صحراء وسط آسيا وصحراء بتاجونيا في أمريكا الجنوبية جنوب الأرجنتين)
<!--المناطق الجبلية ، ومناطق المستنقعات والغابات الاستوائية في حوض الأمزون وحوض الكونغو .
المعمور : يمثل ثلث مساحة كوكب الأرض – ويمكن أن نستنتج ما يلي :
العالم القديم ( آسيا وأوربا وأفريقيا ) يضم 85% من سكان العالم ، أما العالم الجديد فيمثل 15% فقط.
القارات الشمالية ( آسيا وأوربا وأمريكا الشمالية ) تضم 82% من سكان العالم ، أما القارات الجنوبية 18% فقط.
تضم أوراسيا 75% من سكان العالم ، حيث تمثل آسيا نصف سكان العالم ، كما تضم أوربا سكاناً أكثر من سكان العالم الجديد.
أهم مناطق التركز السكاني تتمثل في :
<!--الشرق الأقصى والهند : حيث تمثل الصين والهند 47% من سكان العالم ، وبضم أندونيسيا وباكستان وبنجلاديش وغبرها ترتفع النسبة إلى 50%.
<!--قارة أوربا : تمثل 25% من سكان العالم وهي أكثر القارات كثافة سكانية – ويرجع ذلك إلى : صغر مساحتها وكثرة سكانها ، اتجاهها للصناعة منذ وقت مبكر مما أدى لارتفاع مستوى المعيشة وتركز معظم سكانها في المدن ، بالإضافة إلى مزايا موقعها القريب من المسطحات المائية وتمتعها بشبكة جيدة من وسائل النقل .
<!--الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية : وهي إحدى أهم مناطق العلم الصناعية .
<!--الساحل الشرقي لأمريكا الجنوبية : من البرازيل شمالاً حتى الأرجنتين جنوباً.
<!--ساحل غانا غرب أفريقيا : رغم أن هذا الإقليم أكثر مناطق العالم التي تأثرت بتجارة الرقيق.
<!--شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا: وهو إقليم حضارات العالم القديم ، ويضم مع العالم العربي كل من تركيا وإيران.
س/ الدول النامية أكثر إحساساً بالمشكلة السكانية ؟
ج/ لأن الدول النامية تجمع بين الزيادة السكانية (حيث تمثل ثلاثة أرباع سكان العالم) وارتفاع معدل النمو السنوي (حيث يصل متوسط النمو السنوي 1.8%) مع سيادة حرفتي الزراعة والرعي - وتوزيع السكن والسكان أفقياً .
س/ الدول المتقدمة أقل إحساساً بالمشكلة السكانية؟
ج/ لأنها لا تمثل إلا ربع سكان العالم ، ومعدل النمو السنوي 0.5% فقط – ولكن يلاحظ ارتفاع الكثافة السكانية نظراً لضيق مساحته إذا قورن بالعالم النامي ، ويتضح ذلك بمقارنة قارة آسيا النامية وقارة أوربا المتقدمة.
العوامل المؤثرة في توزيع السكان:
توزيع السكان في العالم تحكمه بعض العوامل والضوابط وليس توزيعاً عشوائياً .
أولاً : العوامل الطبيعية :
1- الموقع :
<!--يفضل الإنسان سكنى المناطق التي تتمتع بمزايا القرب النسبي من المسطحات المائية وهو الذي يسمى بالموقع الجزري ( وهذا أحد أسباب ارتفاع الكثافة السكانية في أوربا) بينما ينفر الإنسان من سكنى المناطق البعيدة نسبياً عن المسطحات المائية وهو ما يسمى بالموقع القاري ( وهذا أحد أسباب انخفاض الكثافة السكانية في المناطق الداخلية في قارة آسيا البعيدة عن المؤثرات البحرية).
2- السطح :
<!--يفضل الإنسان سكنى المناطق السهلية بسبب استواء سطحها واعتدال مناخها وتربتها الخصبة ووفرة المياه وسهولة بناء المساكن وشق الطرق وقريها من المسطحات المائية.
<!--ولذلك يوجد ارتباط وثيق بين توزيع السكان وشكل التضاريس حيث يعيش 60% من السكان على منسوب يقل عن 200 متر فوق مستوى البحر، بينما لا يعيش سوى 25% من السكان على منسوب أكثر من 500 متر.
الملاحظة :
أن هناك بعض السهول التي تخلو من السكان مثل سهول الأمزون والكونغو والصحراء الكبرى. لماذا؟
3- التربة :
<!--يفضل الإنسان سكنى مناطق التربة الخصبة لذلك ترتفع الكثافة في البيئات الفيضية مثل وادي النيل وأودية أنها الهند والصين – بينما تقل الكثافة في مناطق التربة الفقيرة مثل مناطق التندرا والتربة الرملية في الصحاري.
4- المناخ :
من أكثر العوامل المناخية تأثيراً على استقرار الإنسان الحرارة والمطر ، وإلى حد ما الضغط الجوي.
<!--فمن حيث الحرارة : يفضل الإنسان المناطق معتدلة الحرارة بينما ينفر المناطق شديدة البرودة أو شديدة الحرارة.
<!--ومن حيث المطر هناك ارتباط وثيق وتطابق واضح بين المناطق الممطرة وكثافة السكان فتزيد الكثافة السكانية كلما زاد المطر كما هو الحال في الهند التي تتطابق فيها خريطة توزيع السكان مع خريطة توزيع المطر.
<!--أما الضغط الجوي فيظهر تأثيره في المناطق الجبلية التي يقل فيها الضغط الجوي مما يسبب ضيق التنفس والصداع والإعياء ، وكلها أمور غير مستحبة من جانب الإنسان.
ثانياً : العوامل البشرية :
هناك العديد من العوامل البشرية التي تؤثر في توزيع السكان ومنها التقدم الحضاري والاقتصادي والمشكلات السياسية والحروب ووفرة وسائل النقل وغيرها ، ونذكر هنا أهم العوامل البشرية المؤثرة على توزيع السكان:
1- الزراعة :
<!--إذا كان الرعي لا يخلق كثافة سكانية عالية حيث يتطلب الرعي مساحات كبيرة من المراعي لرعي أعداد كبيرة من الحيوانات التي يرعاها عدد قليل من السكان يسكنون خيام غير مستقرة.
<!--أما الزراعة فهي حرفة تساعد على ارتفاع كثافة السكان حيث تحتاج إلى أعداد أكبر من الأيدي العاملة التي تسكن قرى مستقرة – وتختلف كثافة السكان تبعاً لنمط الزراعة ؛ فالزراعة البدائية المتنقلة ترتبط بالكثافة المنخفضة ، والزراعة الكثيفة التي يحاول فيها الإنسان الاستفادة من التربة الخصبة إلى أقصى حد ترتبط بالكثافة المرتفعة ، أما الزراعة الواسعة المتقدمة التي تعتمد على الآلات فهي حالة وسط بين النمطين السابقين أي ترتبط بالكثافة المتوسطة.
2- الصناعة :
<!--إذا كانت المدينة هي نمط سكن المجتمع الصناعي فقد زاد الاتجاه نحو سكن المدن في الدول المتقدمة خاصة في غرب أوربا مع الانقلاب الصناعي والاتجاه للصناعة – ولذلك يظهر أثر الصناعة على ارتفاع الكثافة السكانية في أقاليم الصناعة الكبرى في العالم في أوربا وشمال شرق الولايات المتحدة .
<!--وكان لتوطن الصناعة في المدينة أثر واضح تيار الهجرة المتدفق من الريف للمدن وهي ظاهرة عالمية توجد في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء حيث ترتبط بالاتجاه للصناعة.
3- النقل :
<!--ترتفع كثافة السكان في المناطق التي تتمتع بوفرة وسهولة وسائل النقل والمواصلات المتنوعة والمتكاملة ذات الكفاءة العالية مثل قارة أوربا ؛ بينما تقل الكثافة السكانية في المناطق التي تفتقر لشبكات النقل والمواصلات كما هو الحال في أفريقيا التي يكاد يقتصر وجود شبكة النقل الجيدة على سواحلها فقط لذلك تقل الكثافة السكانية في الداخل .
المشكلة السكانية في العالم:
أسباب المشكلة السكانية :
1- ارتفاع معدل نمو سكان العالم :
<!--زاد معدل نمو سكان العالم بسرعة كبيرة خلال القرن العشرين وبداية القرن الحالي بشكل يفوق ما حدث في تاريخ البشرية كلها ففي بداية القرن الماضي كان عدد سكان العالم 1200 مليون نسمة بينما يزيد عددهم الآن عن 6000 مليون نسمة – إلا أن خطورة الزيادة السكانية تعاني منها الدول النامية بشكل أكبر بكثير من الدول المتقدمة.
2- سوء توزيع السكان :
<!--توضح خريطة توزيع السكان في العالم أن السكان لا ينتشرون بشكل متوازن بل يزدحمون في مناطق محدودة مثل آسيا الموسمية ووادي النيل في مصر – ويقلون وقد يختفون تماماً في مناطق أخري مثل المناطق الصحراوية والمناطق الباردة - وسوء التوزيع يزيد من حدة المشكلة السكانية.
3- العلاقة غير المتوازنة بين النمو الاقتصادي والنمو السكاني :
<!--يزيد سكان العالم بمعدلات كبيرة بينما يزيد معدل النمو الاقتصادي وخاصة الغذائي بطئ للغاية – ويشبه البعض معدل النمو السكاني بالأرنب السريع ، ومعدل النمو الاقتصادي بالسلحفاة البطيئة – ولذلك تعاني كثير من الدول من خطر المجاعة.
حلول المشكلة السكانية :
1- ضرورة الإسراع بخفض معدل نمو سكان العالم :
<!--وخاصة في الدول النامية التي تعاني بشكل أكبر من خطورة الزيادة السكانية حتى تشعر بأثر تطور إنتاجها الغذائي.
2- ضرورة إعادة توزيع السكان :
<!--وذلك بخروج السكان من مناطق الازدحام والكثافة العالية إلى مناطق التخلخل السكاني وذلك على مستوى العالم وخاصة الدول التي تعاني من مشكلة سوء توزيع السكاني مثل مصر التي يتركز سكانها في الوادي والدلتا ولذلك لابد من غزو الصحراء اقتصادياً باستصلاحها وسكانياً بخلق مدن جديدة.
3- تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والنمو السكاني :
<!--وذلك بالعمل المستمر على زيادة الإنتاج ككل بصفة عامة وزيادة الإنتاج الغذائي بصفة خاصة وذلك عن طريق : التوسع الرأسي بتحسين أساليب ووسائل الإنتاج ، والتوسع الأفقي باستصلاح مساحات جديدة من الأراضي القابلة للزراعة .
<!--وفي هذا المجال يجب على الدول المتقدمة أن تساعد الدول النامية بحكم تقدمها التكنولوجي لتقليل الفجوة بين الدول النامية والدول المتقدمة.
ساحة النقاش