الشاب المسلم

كل ما يهم الشباب المسلم

 

قوة خفية أكبر من أي خزن

في المكان الذي أعيش فيه في الريف الغربي ذي الطبيعة الساحرة، يوجد كم هائل من الحياة البرية يحيط بمنزلي. هناك الأيائل والأرانب والسناجب والذئاب التي تسكن شمال أمريكا وعدد لا حصر له من الطيور من كافة الأشكال والألوان والأحجام. الطيور محظوظة في هذا المكان تحديدًا، لأنه في مناخ كاليفورنيا المعتدل لا تندر الحشرات أو البذور أبدًا. إنها حياة رائعة بالنسبة للطيور وغناؤها الذي لا ينقطع أكبر دليل على ذلك.

ثم إن هناك القطة. هي ليست ملكًا لأحد. والحقول المحيطة بمنزلي ظلت بمثابة المقاطعة الخاصة بها قبل أن أنتقل في هذا المكان. ومن المرجح أن تظل هنا حتى بعد أن أترك المكان. سنوات استقلالها شحذت مهاراتها في الصيد بشكل جيد. لكن نجاحها لم ينبنِ على سرعتها أو قوتها الفائقة. هذه القطة تسود في كثير من الأحيان بسبب أنها تمتلك ذكاءً غريزيًا يفوق ذكاء فريستها.

هذه القطة التي تقوم بالصيد خارج منزلي تعرف المكان الذي تتجمع فيه الطيور كي تتغذى. وفي كل يوم تتسلل هذه القطة إلى هذه المنطقة الصغيرة، وبالرغم من أنها تزعج الطيور وتنفرها، إلا أنها تستمر في التسلل. وبعد ذلك، وفي موضع معين، لا يعرفه سواها، تختبئ في ثبات تام وتصبح غير مرئية تقريبًا. وبعد عدة دقائق تعود الطيور في سعادة لمواصلة ما كانت تقوم به، برغم أن القطة لا تزال هناك. هي لا تحرك عضلة واحدة لكن تكون على أهبة الاستعداد بحيث عندما يحين الوقت الحاسم، تكون أسرع من انطلاق الطيور.

هذا هو الحال في الطبيعة. يستجيب الطائر لما يراه، وبوجه عام، لا يرى سوى ما يتحرك. وما لا يراه، ينساه تقريبًا. في المملكة الحيوانية هذا الخطأ يمكن أن يكون مميتًا. بالنسبة لنا، يكون النظر ونحن نجلس في حجرة المعيشة الآمنة إلى هذا العالم القاسي للفريسة والصياد، يكون من الواضح أن كون الصياد لا يتحرك لا يعني عدم وجوده. لكن ماذا عن عالمنا الداخلي الذي نجد فيه أننا مقيدون ونناضل ونحن في شرك الخوف أو في خضم أزمة؟ لقد تعلمنا بالفعل أن السلبية أيًّا كان نوعها وتأثيرها لا يمكن أن نحمل المسئولية عنها لأشخاص آخرين أو أشياء خارج أنفسنا. أكرر ثانية وأقول إن الجانب الداخلي يحدد الجانب الخارجي.

 والسؤال الذي ينبغي أن نسأله لأنفسنا هو: كيف نكشف الصيادين الداخليين المتحفين الذين يطاردون خلسة جهازنا النفسي؟ جميعنا يعرف معنى أن ينقض علينا الشك الذاتي أو القلق الهائج، ناهيك عن الأفكار والمشاعر الأخرى الكئيبة. الأسئلة والأجوبة التالية تلقي الضوء على مسألة البحث عن فهم ذاتي أفضل وأمان نفسي مطلق.

سؤال: بدأت أدرك بمساعدة هذه الأفكار الجديدة أن ما كنت أرتاب فيه دومًا هو الحقيقة. لقد ظللت أضيع وقتي بخطط الهروب. إنني أحتاج إلى طريق هروب يقودني إلى الابتعاد عن نفسي، هل لديك أي مقترحات؟

جواب: ربما يدهشك هذا، لكن كي تهرب من ذاتك ينبغي أن تتوقف أولاً عن محاولة نسيان مخاوفك وشكوكك وقلقك.

سؤال: لكن أظن أنك قلت إنه ينبغي علينا أن نحاول ترك آلامنا وراء ظهورنا، أليس كذلك؟

جواب: ما قلناه هو أنه ينبغي أن تتعلم كيف تفهما. هذا الفهم الجديد هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تحررك من الفخاخ الذاتية لأن قلة فهمك هي التي تحبك وتقوي هذه الشراك في المقام الأول.

سؤال: هذا نختلف تمامًا عما كنت أتعلمه دائمًا. وماذا عن المقولة القديمة: "البعيد عن العين، بعيد عن البال"؟

جواب: على المستوى المادي، هذه الفكرة قد تكون صحيحة، لكن على المستوى الروحي، وبالنسبة للعالم الداخلي، هي أبعد ما يكون عن الحقيقة. الفيلسوف الكبير ميستر إيكهارت فهم هذه الحقيقة. لقد حذر برفق طلابه من مخاطر التظاهر

بما ليس حقيقيًا وخداع الذات عندما أخبرهم قائلاً: "ثقل حجر تحت سطح الأرض هو نفس ثقله عندما يكون مرئيًا".

سؤال: أعرف أن ما تقوله منطقي، لكن كي أخبرك بالحقيقة، أود أن أنسى نقاط ضعفي. ما العيب في ذلك؟

جواب: محاولة نسيان خوفك ما مثل محاولة الإمساك بكرة سلة منفوخة تحت الماء. هي تستنفد كل قوتك وتركيزك، مع الوقت لابد أن تطفو على السطح.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 132 مشاهدة
نشرت فى 21 سبتمبر 2015 بواسطة abdou100

ساحة النقاش

عبد القادر

abdou100
عبد القادر شاب عربي مسلم عمره 32 سنة من جنسية تونسية مهنته تقني سامي في الهندسة الالكترونية اختصاص برمجة اعلامية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

388,256