authentication required

 

 

كانت الحالة سيئة للغاية . . وعندما تصل حركة التاريخ إلى طريق مسدود بعد أن يفسق أهل القرى ويخلعوا طاعة الله . . في هذه الحال يكون لا أمل إلا في شيء واحد . . هو الزوال . . وهذه هي المعادلة الوحيدة الصحيحة في تفسير التاريخ : خروج على قوانين الله . . إمهال نسبي من الله قد يغري الخارجين على القانون بالتمادي . . تجمع لعوامل الفناء . إغلاق لباب العودة . إبادة وموت في شكل مجموعة من الكوارث ! !
وإلى الحالتين الأخيرة وما قبلها . . وصلت حال الأندلس في القرن السابع الهجري . . ذلك القرن الذي شهد سقوط معظم القلاع والمدن الإسلامية الأندلسية ، ولم تفلت منه - إلى حين - سوى مملكة غرناطة ، التي لم تلبث بعد قرنين - أن لقيت حتفها .
وعلى امتداد الأندلس - شرقيه وغربيه - بدأت حركة ما يسمى بالاستيراد الصليبي تسوق المسلمين المفككين ، المتناطحين بالألفاظ ، المقسمين في ولائهم بين ملوك النصارى . . تسوقهم إلى حتفهم الأخير .
وبعد سقوط الموحدين في الأندلس ، انفرط عقد هؤلاء ، فلم يعد يجمعهم جامع من خلافة إسلامية جامعة ، أو من استجابة لتحد خارجي ، أو من عقيدة متفوقة تشتعل أعماقهم بها ، ويبحثون عن رفعها أكثر مما يبحثون عن رفعة أنفسهم . . ولذا ؛ فقد تبع سقوط الموحدين التمهيد لسقوط كثير من مدن الأندلس كمرسية وبلنسية وقرطبة والشرق الأندلسي . . ثم الغرب الأندلسي الذي كانت عاصمته إشبيلية ! !
لقد عرف أهل إشبيلية بعد سقوط الموحدين ، أنهم لا بد لهم من حماية خارجية بعد أن فشلوا في الاعتماد على الذات . . وقد أرسلوا بيعتهم إلى الأمير أبي زكريا الحفصي أمير الحفصيين في تونس هؤلاء الذين لمعوا بعد سقوط الموحدين ، لكن الرجال الذين أرسلهم الأمير الحفصي إلى إشبيلية أساءوا معاملة الناس وأظهروا الفساد . . فاضطر أهل إشبيلية لإخراجهم ، وبدءوا في الاعتماد على أنفسهم ، وألغوا معاهدة ذليلة كانت قد عقدت بينهم وبين ملك قشتالة النصراني فرناندو الثالث ، وقتلوا " ابن الجد " صاحب مشروع المعاهدة المذكورة ونصير السياسة المستذلة للنصارى .
وكان هذا نذيرا ببداية النهاية لإشبيلية ، إلا أنهم قد فقدوا العون الإسلامي الخارجي . . وأعلنوا - بقطعهم المعاهدة - حربا على قشتالة ، لم تكن ظروفهم مهيأة لدخولها .
وقد شهدت سنة 644هـ بداية التحرك النصراني ضد إشبيلية ، واستولى الصليبيون على حامية إشبيلية في هذا العام . . وكان ذلك بمساعدة ابن الأحمر ملك غرناطة وفقا لمعاهدته مع فرناندو . . !
وفي العام التالي تقدمت الجيوش النصرانية مرة أخرى على إشبيلية ، وقد نجحت في الاستيلاء على عشرات من المدن الإسلامية بفضل تدخل ابن الأحمر ، ومنعه هذه المدن من القتال بحجة أن القتال عبث . . . ! ! !
وتم حصار إشبيلية وتطويقها من جميع الجهات بالكتائب النصرانية . وبالكتيبة التي يقودها ابن الأحمر المسلم ، مشتركين جميعا - باسم وحدة الطبقة العاملة فيما نظن ! ! - في تشريد أهلها وسحق دعوة الإسلام بها . . ولعل وجود راية محاربة إسلامية يلمحها المسلمون المحاصرون . . كان أشد ضربة تلقاها بعيون وقلوب باكية أهل إشبيلية المستبسلون ! !
لقد وقف أهل إشبيلية الشرفاء نحوا من سنة يدافعون الحصار النصراني المدعوم من ابن الأحمر . . وقد نجحوا في إيقاع النصارى في أكثر من كمين وأصابوهم بالهزيمة غير مرة وقد حاولوا - وهم في حصارهم ، الاستنجاد بالمغرب دون جدوى . . بينما توالت النجدات على النصارى ، حتى نجحوا بسببها في منع المؤن عن المسلمين المحاصرين في إشبيلية . . فنفدت الأقوات وبدأ شبح الجوع يدب في أوصال المدينة المجهدة . . . ! !
وكان قضاء الله . . وخرج المسلمون الإشبيليون من مدينتهم وفق شروط المعاهدة . . خرجوا نازحين إلى مدن إسلامية أسبانية أخرى لم تلبث أن أسقطت ! !
لو كان هؤلاء المسلمون في مئات المدن التي استسلمت دون قتال بواسطة ابن الأحمر أو خوفا من الموت . . لو كان قد اتحدوا وقاتلوا . . أو لو أنهم قاتلوا تحت أي ظرف . . أكانت النتيجة ستصبح شرا من هذا الحال الذي لقيه المسلمون في الأندلس ؟
لكنها سنة الله في حركة التاريخ . . فعندما يتم الخروج على قوانين الله تتجمع عوامل الفناء فيغلق باب العودة . . فتتحقق الإبادة . . ويتحقق الموت في شكل مجموعة من الكوارث . . سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ! !

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 69 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2013 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,615