الرئيسية مقالات اليوم


15 Share on print جمال سلطان 07 نوفمبر 2012 05:15 PM

 

أستغرب كثيرًا من انشغال الإعلام العربى على نطاق واسع بالانتخابات الأمريكية الأخيرة، حتى أن بعض الفضائيات المصرية خصصت مساحات البث كاملة على مدار أيام لمتابعة وقائع الحملات الانتخابية وأيام الحسم فى الانتخابات، وأما يوم التصويت فكان كأنه يوم الانتخابات المصرية ذاتها، بطبيعة الحال فإن الولايات المتحدة ليست دولة عادية أو هامشية كما أن رئيسها ليس كأى رئيس دولة، وإنما هو "رئيس مجلس إدارة الكرة الأرضية" على حد تعبير بعض ظرفاء السياسة، وبالتالى لا أقصد من كلامى هنا أن نتجاهل الحدث، ولكن المبالغة فيه كانت فوق التصور وخارج إطار المعقولية، لا أعتقد أن هناك مليون مصرى فقط من بين ثمانين مليونًا كانوا مهتمين بمن يفوز فى أمريكا، أوباما أو رومنى، المصريون مثلاً الذين قابلتهم كانوا يعتقدون أن "كلا الأخوين مظراط وشهاب الدين أظرط من أخيه"، والمسألة بالنسبة لهم لا تتجاوز ذلك، فما هو المعنى لتخصيص تلك المساحات الضخمة من صحف محلية أو قنوات فضائية مصرية يفترض أنها تخاطب ملايين المتفرجين المصريين وليس ملايين الناخبين الأمريكان، إلا إذا كان نوعًا من التقليد والمحاكاة ومراهقة إعلامية لإثبات أنهم متابعون للشأن العالمى كما الآخرين.

بالنسبة للنخبة الصغيرة من السياسيين المصريين والعرب كانت الغالبية تميل إلى باراك أوباما وتتعاطف معه وتتمنى فوزه، باعتبار أن الديمقراطيين أقل عدوانية فى السياسة الخارجية من الجمهوريين، كما أن الجمهوريين تاريخهم أكثر دموية مع العالم العربى والإسلامى، مع العلم بأن بعض الصحفيين وإحدى القنوات الكبيرة فى الخليج كانت تتحيز للجمهوريين وكأن الحزب الجمهورى الأمريكى هو مالك تلك القناة، وأتصور أن رئيس إحدى القنوات "العربية" الشهيرة مصاب بالإحباط الآن بعد خسارة رومنى، لأنه فى كراهيته للعرب والمسلمين أكثر جمهورية من الجمهوريين الأمريكان أنفسهم، وظلت قناته تبشر بأن رومنى يتفوق ورومنى يتقدم حتى أتاهم اليقين، بنفس الطريقة التى أداروا بها حملة المتابعة لانتخابات الرئاسة المصرية وظلوا ينفخون فى شفيق وفرص شفيق حتى صدمتهم النتائج النهائية، أيضًا لا شك أن أوباما يحظى بقبول نفسى عند العرب من ناحية أصوله العرقية والدينية التى يشعر كثير من أبناء الشرق الأوسط أنها ليست بعيدة عنهم، فجذوره المسلمة جعلت هناك شيئًا من الإحساس بالتعاطف معه من قبل كثير من العرب حتى أن أهلنا فى الخليج العربى ينادونه "أبو حسين"!!، لأن اسمه "باراك حسين أوباما"، لكن السياسات الأمريكية التى تديرها مؤسسات وأجهزة لها تقاليد وميراث إمبراطورى لا تتأثر جوهريًا بهذه الانتماءات والمشاعر، وإنما هى لغة المصالح والمغالبة وانتهاز الفرص، وإذا كنا نلوم العوام والبسطاء الذين يتحدثون بشىء من السطحية عن النفوذ الأمريكى فى عالم اليوم فإنه يحق لنا أن نسخر من بعض "الرموز" الإعلامية التى تتحدث بكل استهبال عن دور "أوباما" فى صناعة الربيع العربى، وهو استهبال سياسى وإعلامى أحقر من أن نتكلف الرد عليه.

[email protected]

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 209 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,369