الرئيسية رأي


Share on print د. أشرف محمد دوابة 31 يوليو 2012 05:52 PM

 

التكافل الاجتماعى خلق إسلامى رفيع، ومبدأ اجتماعى قويم، وقد أشار إلى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: "مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" رواه مسلم.. وشهر رمضان فرصة عظيمة للصائمين لتحقيق ذلك التكافل من خلال التذكير بحال الأكباد الجائعة من المسلمين، والإحساس بألم الفقراء ومعاناتهم وحرمانهم، فكثير من المسلمين فى بقاع الأرض يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ولا يجدون ما يسد رمقهم، حيث يمثل الفقر أحد أهم التحديات التى تواجه الأمة الإسلامية، فعلى مستوى العالم -الذى يعتبر نصف سكانه من الفقراء- يعيش نحو 1,3 مليار إنسان تحت خط الفقر (أى على أقل من دولارين اثنين فى اليوم للفرد الواحد).. وفى العالم الإسلامى يعيش 37% من السكان تحت مستوى خط الفقر، أى ما يعادل 504 ملايين شخص تقريبًا، وتبلغ نسبتهم إلى فقراء العالم 39%، وهذا يعنى أن أكثر من ثلث سكان العالم الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر يسكنون دول العالم الإسلامى.. وعلى مستوى مصر فإن 45% من الشعب المصرى يعيش تحت خط الفقر.

إن من يذوق ألم الجوع فى بعض الأوقات يتذكر الجائعين فى جميع الأوقات، فيأخذ بأيديهم للرفع من مستواهم الاقتصادى، وهذا بدوره يؤدى إلى تداول المال وقيام نوع من التوازن الاقتصادى والاجتماعى بين أفراد المجتمع.. ﴿كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم﴾ (الحشر/7).. وقد قيل لنبى الله يوسف عليه السلام، وكان كثير الجوع: لِمَ تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ فقال: إنى أخاف أن أشبع فأنسى الجائع.

وقد جعل الله تعالى من شهر رمضان موسمًا للخيرات ومضاعفة الحسنات، ويسر السبيل فيه لرفع الدرجات ولو بأقل الأعمال، فهلا واسينا فقيرًا أو مسكينًا أو يتيمًا أو أرملة فى رمضان سواء بالمال أو الطعام أو الشراب أو حسن المعاملة أو الكلمة الطيبة.. فما أحوج الصائمين إلى تذكر هؤلاء المحرومين، والإحساس بآلامهم والتكافل معهم كما أراد الله فى قوله تعالى:  ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً﴾ (الإنسان:8- 10).

إننا اليوم فى أمس الحاجة إلى تلبية مشاعر هؤلاء، وإرواء عطشهم، وسد رمق جوعهم، وكسوتهم، فقد كان من دأب النبى صلى الله عليه وسلم فى كل حياته أنه لا يرد سائلاً، ولا يمنع طالبًا، ولا ينسى متعففًا، ويمسح بيده الشريفة على رأس اليتامى، ويسعى فى حاجة الأرملة، وإذا جاء رمضان زاده تحليًا بهذه الأخلاق، وقد ثبت فى "الصحيحين" من حديث ابن عباس - رضى الله عنهما- أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة".. فهذا الحديث يدل على زيادة جود النبى صلى الله عليه وسلم فى رمضان عن غيره من الشهور, فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أجود الناس, ولكن أعلى مراتب جوده كانت فى رمضان, وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملاً لجميع أنوع الجود، وفى مقدمة ذلك إيصال النفع للعباد بكل سبيل وطريق, من إطعام جائعهم, ووعظ جاهلهم, وقضاء حوائجهم, وتحمل أثقالهم .

لقد يسر الإسلام سبل التكافل الاجتماعى بين المسلمين، وجعله فى هذا الشهر أعم وأشمل وأعظم فأباح الإفطار للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض الذى لا يرجى برؤه إذا لم يُطيقوا الصيامَ، على أن يُطعموا عن كُلِّ يوم مسكينًا، ورخَّص لِلحامِل والْمُرضِعِ إذا خافتا على أنفسهما كَذَلِكَ،  وهو ما يوثق عُرَى التكافل بين المسلمين.. قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكمْ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِيْنَ يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ﴾ (البقرة: 183).

كما جعل الإسلام الصدقة من أهم أركان تماسك البنيان الاقتصادى والاجتماعى للمجتمع، وبرهان كثير من النفوس الصادقة الباذلة حين تتجاوز شهواتها إلى تعميق أثر الأخوة بمزيد من الإحسان.. والمحسن السخى قريب من الله تعالى، وقريب من الناس، وقريب من الجنة، وبعيد عن النار.. يقول تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ (الليل : 5-11).

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 1 أغسطس 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,741