4 Share on print فراج إسماعيل 28 يوليو 2012 06:29 PM
قيام التلفزيون المصري بتخصيص نصف شاشته لنقل صلاة الرئيس مرسي يوم الجمعة في أحد مساجد الفيوم، والنصف الآخر لصلاة المشير طنطاوي في مسجد آل رشدان بمدينة نصر، ملفت للنظر فعلا، مثير للتعليقات والتحليلات والتساؤلات، خصوصا في ظل المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، والأنباء المتداولة عن تعيين وزير دفاع جديد، وما تردد عن اقتراح تقدم به الرئيس إلى المجلس العسكري بأن يكون ذلك الوزير هو اللواء عباس مخيمر رئيس لجنة الدفاع بمجلس الشعب المنحل.
وراء ذلك نوايا خبيثة أوعقلية إعلامية ضعيفة المستوى منحدرة المهنية، فالقائمون على التلفزيون يقدمون للعالم بهذا السلوك شهادة رسمية بأن مصر منقسمة إلى رئاستين وإلى دولتين. رئاسة عسكرية يقودها المشير محمد حسين طنطاوي الذي وصفه مغلق في صحيفة "الجارديان" البريطانية أمس بأنه القائد الفعلي للبلاد منذ الاطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، ورئاسة منتخبة وشعبية يمثلها الدكتور محمد مرسي.
نقل صلاة المشير لا يوحي عند المتابعين أكثر من ذلك، لأننا على سبيل المثال لم نر التلفزيون مرة واحدة ينقل صلاة وزير الدفاع قبل ثورة يناير، بل إنه قبل انتخاب مرسي لم يحدث ذلك إلا في الأعياد بوصفه قائما بأعمال رئيس الجمهورية، وأكيد أن المشير ليس جديدا على الصلاة، فقد كان يصلي الجمعة في المسجد وليس في بيته.. فما المتغير وراء الهرولة التلفزيونية هذه المرة؟!
علاقة ذلك بمشاورات تشكيل الحكومة الجديدة نقرأها بزاوية أخرى غير الخاصة بوزارة الدفاع، فهناك ارتباك فعلي في التلفزيون بشأن صاحب الكلمة الفعلية في اسم وزير الإعلام الجديد، هل هو المجلس العسكري، وبالتالي ستستمر الوزارة متبنية لسياسته الإعلامية في القنوات الحكومية والخاصة التي تقوم على اعتبار أن رئيس الجمهورية المنتخب مجرد موظف عمومي يخضع للسلطة العسكرية ولا يستطيع أن يحرك خياله وتفكيره في اتجاه التغيير الحقيقي واقتلاع جذور النظام القديم؟!
أم أن تعيين وزير الإعلام الجديد سيكون حقا كاملا لمرسي بشروط محددة لا تخرج عن الاتجاه الانقسامي الحالي.. الرئيس والمشير؟!..
أيا كانت الإجابة فإن استمرار وجود المشير طنطاوي على رأس المؤسسة العسكرية يعني ترسيخا لنظام الدولتين والرئاستين، وتقليلا من هيبة الرئيس مرسي واحترامه في أجهزة الدولة التي ينبغي أن تكون له ولحكومته كلمة عليها، حتى لا يضطر لتبني برامج تطوعية شعبية لتحقيق ما وعد به، مثل برنامج تنظيف مصر.
ومن ثم فإن القمامة ليست ما نحتاج أن ننظف منها مصر، لأن أمرها سهل ميسر، ويمكن لأي شقة أن تساهم في ذلك دون تكلفة. ما نحتاجه هو تنظيف يقودنا إلى دولة موحدة برئيس واحد فعلي يملك شرعية الانتخاب، لا شرعية الاستلاب بالأمر الواقع وعصا العسكر.
ساحة النقاش