الرئيسية مقالات اليوم

لا خير فينا إن لم نقلها

7 Share on print جمال سلطان 23 يوليو 2012 06:07 PM

 

توالى المحن على جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وحتى العام قبل الماضى والمعاناة التى عانتها من صدامها مع نظم قمعية ومستبدة متوالية أوجد تراثًا فكريًا ونفسيًا يميل إلى مشاعر "المظلومية" والإحساس بالاضطهاد والملاحقة والحصار، ومع الوقت تحولت تلك "المظلومية" إلى شماعة سهلة وغير مكلفة لتبرير أى سلبيات، وكانت معظم الأخطاء والمشكلات التى تقع فيها الجماعة، كأى جماعة بشرية، يتم الدفاع عنها أو تبريرها بتلك الروح، روح "المظلومية" وأننا ملاحقون وأننا مطاردون وأننا مهمشون وأننا محاصرون، لكنى أخشى أن تكون هذه الروح ما زالت ممتدة فى تأويل وتبرير أى أخطاء أو ترهلات أو تجاوزات أو سلبيات تحدث فى المرحلة الحالية وهم يتوسدون ـ فعليًا ـ أرفع منصب فى الدولة المصرية، رئيس الجمهورية، وذلك أن استمرار تلك الروح البسيطة والسهلة، والتى يمكن أن تهرب بها من أى استحقاق وتبرر بها أى خطأ وتستبيح بها أى تقصير، ستكون مدمرة على المستوى السياسى الجماهيرى للجماعة ومشروعها وللتيار الإسلامى معها، لأن روح "المظلومية" يمكن أن تطيب بها خواطر أتباعك أو تسكت قطاعًا منهم، أو تدغدغ مشاعرهم للحفاظ على التنظيم أو الكيان، ولكنك لا تستطيع بتلك الروح أن تخاطب أو تقنع عشرات ملايين المواطنين العاديين الذين يقيمون أداءك السياسى بشكل عملى وعلمى وواقعى بعيدًا عن أى أدلجة أو انتماء تنظيمى لا يخصهم فى شيء، الناس تقيمك ـ كرجل دولة ـ بما تنجزه من إصلاحات وتطوير وإيجابيات ملموسة فى حياتهم العملية، فى الطرق فى المواصلات فى التعليم فى الصحة فى الإسكان فى فرص العمل فى مستويات الأجور فى استتباب الأمن فى توفير السلع والوقود، فى كل شؤون الحياة، كما أن الناس تأخذ التزامات رجل السياسة العلنية على محمل الجد ولا شأن لها بتبريراته، فهى اختارته بوصفه قويًَا وقادرًا على تجاوز الصعاب والتحديات، وبالتالى فعندما التزم الدكتور محمد مرسى بإنجاز حزمة إصلاحات عاجلة خلال المائة يوم الأولى من حكمه إذا فاز، فإن الناس تنتظر منه تحقيق ذلك وليس البحث عن "مظلومية" جديدة نحولها إلى شماعة نعلق عليها فشلنا، وهو ـ وحزبه ـ قد أتى إلى السلطة ويدرك أنه سيواجه خصومًَا كثيرين وتحديات كبرى، ولا يتصور أنه كان يفهم أن الأرض ستكون مفروشة أمامه بالحرير والديباج بدون أى معوقات أو مؤامرات، وأى مشتغل فى السياسة يعانى ذلك، الطغاة والجبابرة وحدهم الذين يسحقون أى معارضة أو خصوم بالقوة والعنف والبطش لكى يحكموا بدون معارضة أو عقبات أو تحديات أو تربص مزعج، أما السياسة فى منظومة ديمقراطية حرة فهى فن إدارة الصراع والإنجاز من خلاله، لن يقبل أحد من الدكتور محمد مرسى أن يعلق شماعة أى تخبط أو فشل على أن "العسكرى" يعرقله، فنحن لم نرَ أى معالم ظاهرة لتلك العرقلة، بل وجدنا المجلس العسكرى يعلن بكل وضوح وثقة أنه سلم السلطة كاملة للرئيس، ووجدنا الرئيس نفسه لم ينكر ذلك ولا تأفف ولا اشتكى، بل ولا يترك خطبة ولا مناسبة إلا ويشكر المجلس العسكرى ويحييه على وفائه بوعده وأمانته مع الشعب، وبالتالى فأى كلام عن أن اضطراب خطوات الرئيس أو بطئها سببه المجلس العسكرى هو كلام "هجايص" وبحث عن "شماعة"، كذلك الحديث عن أن هناك مَن يبتزون الرئيس فى اختيارات الوزارة مما يعطل إنجازها لن يقنع أحدًا خارج إطار "الإخوان" بل قد يظهره بالرئيس الضعيف والذى لا يملك قدرة على الحسم، وأسوأ من ذلك محاولة استثمار هذا "الخطأ" لجعله "تحليلاً" للنكوص عن التعهد القطعى للرئيس مرسى بأن لا يشكل الإخوان أو حزب الحرية والعدالة غالبية الحكومة الجديدة، وإذا كان الإخوان ـ كما يقولون ـ يمكنهم أن يقدموا ألف خبير، فإن مصر يمكنها أن تقدم مليون خبير، فالإخوان فصيل وطنى أصيل وصاحب جذور عميقة فى التربة المصرية وشريك فى النضال والثورة، ولكن مصر أكبر من الإخوان وأكبر من أى جماعة أو حزب آخر، ومصر ولادة، ومترعة بالكفاءات، وإذا كان "الحزبيون" يرهقون الرئيس فإن أمامه الكفاءات الوطنية المستقلة وهم كثيرون، وفى المحصلة فإن الانشغال بالبحث عن تبريرات للأخطاء أو بطء العمل أو سوء الإدارة يضر بالرئيس ولا ينفعه، بل ويضلله ويجعله أكثر استرخاءً واطمئنانًا بينما الأرض تميد تحت قدميه والخراب يتوالد، ولقد وصلت التبريرات إلى حد التهكم على الإشارة التى ذكرت بها الدكتور مرسى باستلهام سلوك "الراشدين" والاستدلال بهم، فلما كان الحكم بيد غيرنا كنا نقول لهم: أين أنتم من عمر بن الخطاب، فلما صار الحكم بيدنا قلنا إن الزمان تغير ونموذج عمر لا يقاس عليه اليوم!!، نحن ما زلنا فى بداية الطريق، وأمام الرئيس محمد مرسى الفرصة الكاملة للاستيقاظ والمبادرة وسرعة بناء الدولة الجديدة ووضع بصمته حتى يشعر بها الناس فى حياتهم العملية، وعلينا أن نستحثه على ذلك وننتقده إذا تباطأ ونقرعه إذا تكاسل وندعمه إذا تحرك، فالهم واحد، والمشروع واحد، والأمل واحد، والخطر أيضًا فى النهاية ينال الجميع بتوابعه.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 149 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,671