الأحد, 22 نوفمبر 2009 06:29

أ.د. حسام الدين بن موسى عفانة

قال الله تعالى:{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } سورة الأنبياء الآية35، وقال الله تعالى:{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ } سورة الزمر الآية 30،

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) رواه البخاري ومسلم. وورد في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم:( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) وهو حديث حسن. وقال علي رضي الله عنه: ( يموت العلم بموت حملته )رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:( عليكم بالعلم قبل أن يُرفع، ورفعُهُ هلاك العلماء ) رواه الدارمي. ولا شك أن موت العلماء يعتبر خسارة عظيمة للأمة كما قال الشاعر:
تعلَّم ما الرزيَّة فَقْدُ مالٍ ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ          ولكن الرزيَّةُ فَقْدُ حُرٍّ يموت بموته بشرٌ كثيرُ                            
وكما قال الآخر:
الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها      متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها    وإن أبى عاد في أكنافها التلف
توفي يوم الأحد الماضي 27 ذو العقدة 1430 هـ الموافق 15/11/2009م في عمان في الأردن فضيلة الشيخ العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر، وهو من علماء فلسطين الذين عاشوا في الشتات، ويعتبر العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر من علماء العصر والأوان وله مجموعة من المؤلفات النافعة والمفيدة في الفقه والأصول والتفسير والحديث وعلوم اللغة العربية وغيرها. وهذه لمحة مختصرة عن حياته رحمة الله عليه: فهو محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد ( هو الأشقر ) بن سليمان دغلس .من أهل قرية بُرقة قضاء نابلس وقد
ولد فيها سنة 1930م وقد قرأ القرآن دون معلم. والتحق بالمدرسة الابتدائية في قريته وتخرج منها عام 1944م. ثم التحق بالمدرسة الصلاحية الثانوية بنابلس، ثم ذهب إلى المملكة العربية السعودية فعمل في التدريس، والتحق بكلية الشريعة في الرياض حيث تخرج منها سنة 1376هـ وقد درس على عدد من المشايخ الأجلاء، فدرس التفسير وأصول الفقه على الشيخ محمد أمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان, والفقه والعقيدة على الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله آل باز مفتي المملكة السابق, ودرس الفرائض على الشيخ عبد العزيز بن رشيد , والحديث على الشيخ عبد الرحمن الإفريقي , والنحو على الشيخ عبد اللطيف سرحان والشيخ يوسف الضبع، ثم درَّس سنتين في كلية الشريعة بالرياض، ثم انتقل إلى التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ثم انتقل للعمل في الأوقاف في الكويت. وقد حصل في أثناء ذلك على درجتي الماجستير و الدكتوراه من كلية الشريعة بجامعة الأزهر. وكانت رسالته للدكتوراه بعنوان:( أفعال الرسول صل الله عليه وسلم و دلالتها على الأحكام الشرعية ) .واشتغل في مشروع الموسوعة الفقهية الكويتية وشارك في لجنة الفتوى الشرعية بالكويت ثم رجع إلى الأردن حيث استقر سنة 1990م .وتفرغ  للبحث والتأليف .ومن مؤلفاته المطبوعة:
أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأدلة الشرعية، الواضح في أصول الفقه، زبدة التفسير من فتح القدير وهو مختصر لتفسير فتح القدير للشوكاني، نفحة العبير من زبدة التفسير، الفتيا ومناهج الإفتاء، الفهرسة الهجائية والترتيب المعجمي، المجلّى في الفقه الحنبلي ،فهرس المغني في الفقه الحنبلي لابن قدامة، معجم المغني لابن قدامة، فهرس البداية والنهاية لابن كثير، كيف تدخل في الإسلام، أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة (مع آخرين)، بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة (مع آخرين)، أبحاث اجتهادية في الفقه الطبي.فقه العمل للآخرة وجزاء الأعمال وموازنتها في الكتاب والسنة، نيل المآرب شرح دليل الطالب في الفقه للشيخ عبد القادر التغلبي الحنبلي تحقيق وتعليق، حاشية الشيخ عبد الغني اللبدي على نيل المآرب تحقيق وتعليق، إجمال الإصابة في أقوال الصحابة للحافظ العلائي تحقيق وتعليق، منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة للحافظ العلائي تحقيق وتعليق، مجموع بالمناقلة والاستبدال بالأوقاف لابن قاضي الجبل الحنبلي تحقيق وتعليق، مجموعة أبحاث فقهية في الموسوعة الفقهية الكويتية، المستصفى من علم الأصول للغزالي تحقيق، وله مجموعة من الكتب المخطوطة التي لما تنشر بعد. رحم الله الشيخ العلامة الدكتور محمد سليمان الأشقر رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وإنَّ لله ما أخذَ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمَّى، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه و ارفع درجته في عليين اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. وإنا لله وإنا إليه راجعون.