حزب الله ما بعد سقوط الأسد
3 Share on print صباح الموسوي 16 يوليو 2012 08:47 PM
يوم بعد يوم تضيق الحلقة على نظام بشار الأسد، وكلما زاد الخناق أصبح وضع حزب الله فى لبنان يزداد حرجًا على الساحتين المحلية والدولية.. ومن خلال قراءة الخريطة السياسية التى يتوقعها المحللون السياسيون لما بعد نظام بشار، يزيد تشاؤم المؤيدين لحزب الله، وسبب هذا التشاؤم يعود إلى وضع الدور الإيرانى فى المنطقة فى مرحلة ما بعد بشار الذى يمثل سقوطه ضربة للمشروع الإيرانى على الصعيدين الإقليمى والدولى.
إن تخوف مؤيدى حزب الله عززه موقف حماس المبكر الذى أظهر حياديته مما يجرى فى سورية، فموقف حماس شكل ضربة قاصمة لإيران وحزب الله، فضلاً عن نظام بشار.. فحماس كانت إلى وقت قريب تشكل أحد أهم أطراف التحالف الإيرانى السورى القائم فى المنطقة، والذى كان يعطى حزب الله دفعة معنوية فى تعزيز مكانته السياسية على الصعيدين اللبنانى والعربى بصفته عنصرًا هامًا فى هذا التحالف الاستراتيجي.
ففى الوقت الذى بدأت فيه حماس، بعد الربيع العربى، تجد مناصرين وحلفاء جدداً فى كل من مصر وتونس وليبيا، فقد أخذ حزب الله يفقد مناصريه فى سورية، كدولة، وفى الشارع العربى عامة، وذلك بسبب موقفه المؤيد لنظام بشار ومعاداته الثورة السورية من جهة، وضعف الموقف الإيرانى على الصعيدين الإقليمى والدولى من جهة أخرى. فالموقف الإيرانى الذى بدا ضعيفًا بعد الربيع العربى ويسير نحو الأضعف فى ظل الحصار الغربى وفقدان الظهير السورى، قد أخذ يلقى بظلاله على حزب الله الذى يواجه معاضل شتى على الصعيدين الداخلى والخارجى.
إن أول ما يواجه حزب الله بعد سقوط بشار، انهيار منظومة ما يسمى بتحالف 8 آذار المكون من الحركات والأحزاب اللبنانية المدعومة من سورية وإيران، هذا التحالف الذى استطاع أن يسقط حكومة منافسه تحالف14 آذار اللبنانى بقيادة تيار المستقبل المناهض لنظام الأسد والمدعوم من قبل قوى إقليمية ودولية معادية لإيران والنظام السورى.. ومن الطبيعى أن سقوط تحالف 8 آذار سوف يساعد على عودة التحالف المنافس الذى يشدد على ضرورة إقامة المحكمة الدولية التى أنشأت للبت فى قضية قتلة رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريرى والتى وجهت فيها اتهامات لعناصر من حزب الله. وهذا ما يزيد من تخوف الحزب الذى بسقوط نظام بشار سوف يكون عاجزًا عن القيام بأى مناورة لحماية نفسه من أى قرار قد تصدره المحكمة الدولية المذكورة. كما أن إيران التى ستكون فى وضع لا يحسد عليه بعد سقوط الحليف السورى، لن تكون قادرة على دعم حزب الله بالشكل الذى هو عليه فى ظل نظام بشار، كما لا ينسى أن إيران التى تواجه ضغوطًا دولية كبيرة جراء معاركها الدائرة مع المجتمع الدولى بشأن ملفها النووى وملف حقوق الانسان، ومحاولاتها المستمرة لرفع الحصار النفطى والاقتصادى المفروض عليها بموجب قرارات مجلس الأمن، والذى بات يهدد بقاء نظامها فى الحكم فى ظل تصاعد التذمر الشعبى، ستكون مضطرة لتقديم تنازلات عديدة للخروج من هذا المأزق الحرج، وعليه فليس لديها من القوة السياسية التى تمكنها من حماية حزب الله. هذا إن لم يكن حزب الله ذاته هو إحدى الأوراق التى يترتب على إيران التضحية بها لحماية نفسها من الأخطار التى تحدق بها.
ولكن قد يسأل سائل، وهل يمكن لإيران التى عملت كل هذه السنوات الطوال على بناء حزب الله الذى بلغ حجمه أكبر من حجم الدولة اللبنانية أن تضحى فيه بكل هذه البساطة؟.
نعم لأن إيران ما أسست حزبًا الله إلا لغاية، وهى حماية مصالحها الخاصة ومد نفوذها السياسى فى المنطقة فعندما تصبح المصلحة الكبرى، وهى مصالح الدولة العليا، المتمثلة ببقاء النظام مهددة بخطر الزوال، فعندها لا تبالى إيران فى التضحية بحزب الله، كما يجب أن لا ننسى أن لإيران سوابق فى هذا المجال وليس أدل على ذلك، تخليها عن ما كان يسمى بحزب الله الحجاز وحزب الله الكويت وجماعة الحكيم فى العراق وغيرها من الحركات الصغيرة الأخرى فى المنطقة واستبدالها بحركات جديدة من أمثال التيار الصدرى فى العراق وحركة الوفاق فى البحرين ومجموعات طائفية متطرفة هنا وهناك.. خصوصًا إذا ما علمنا أن إيران قد أصبح لها امتداد ونفوذ فى مناطق فى شمال إفريقيا وشرق آسيا وآسيا الوسطى وحتى أمريكا الجنوبية، وأنها ترى فى نفسها قائدة للطائفة الشيعية ومناصرة للفكر المتطرف فى العالم، ولهذا لا يستبعد إذا ما تخلصت من حركة موالية فى هذه المنطقة قد تعاود القيام، بعد استعادة أنفاسها، ببناء حركة أو جماعة جديدة موالية لها فى منطقة من تلك المناطق بمسمى وعنوان جديد. ولكن يبقى حزب الله اللبنانى وأنصاره هم الخاسرون فى لعبة المصالح، وفى هذه يجب أن يكون عبرة لمن عادوا أوطانهم وراهنوا على إيران.
ساحة النقاش