ليبراليون فى خدمة العسكر
4 Share on print محمود سلطان 13 يوليو 2012 08:52 PM
من ثمار ثورة يناير، أنها تفتح آفاقًا جديدة، لإعادة النظر فى عدد من المفاهيم، التى تستخدم، فى تصنيف التيارات والقوى السياسية فى مصر.
من بين تلك المفاهيم، مفهوما "التيار الدينى" و"التيار المدنى".. إذ أفضت التجارب الأخيرة، إلى انطباع أقرب إلى الحقيقة، بأن التصنيف "المعتمد" من قبل النخبة، هو تصنيف "مزيف" ولا يعبر عن هوية التيارات السياسية على وجه الدقة أو التقريب.
لا يوجد فى مصر تيار دينى بالمعنى الذى نسمعه من البعض، بل يستخدم هذا التعبير من قبيل "الاستعلاء" و"التعالى" الذى يمارسه "الأفندية" على التيارات السياسية التى تستقى هويتها الوطنية من العروبة ومن الإسلام.. ومحاولة تقديمهم إلى الرأى العام، فى صورة "الدراويش" وذوى "العقول المغلقة".. مقابل تسويق "الأفندية" بوصفهم فى منزلة أرقى وأعلى وأكثر تعليمًا وفهمًا وتحضرًا وتفتحًا.
والحال أن التيار المحسوب على "الهوية الوطنية الإسلامية".. هو الأكثر والأرقى تعليمًا من كل القوى التى تنتحل صفة تيار "مدنى".. ويكفى أن نشير ـ هنا ـ إلى أن د. محمد مرسى، كان من العشرة الأوائل فى الثانوية العامة، وتفوق فى دراسة الهندسة، وعُين معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا فى أعرق الجامعات المصرية (جامعة القاهرة).. ثم درس فى أرفع الأكاديميات العلمية الأمريكية، ودرس فيها بصفته أستاذًا، وتخرج من تحت يديه جيل من المهندسين الأمريكيين، واعتمدت أبحاثه وكالة "ناسا".. وفى تقديرى أنه لا يوجد من بين التيار الذى يحمل عضوية "مضروبة" فى نادى "التيار المدني".. من يناظر مرسى فى منزلته العلمية الرفيعة.. ومع ذلك فإن الكذابين، تحدثوا عنه ـ أثناء الانتخابات ـ بوصفه مرشح "الدولة الدينية" فيما رأوا مرشح "دولة اللصوص".. الجنرال الهارب والأقل تعليمًا، والحاصل على 50% فى الثانوية العامة.. رأوا فيه مرشحًا لـ"الدولة المدنية"!!.
قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب، لم يكن إلغاءً لحكم "الدستورية"، وإنما إلغاء لقرار "المشير" بحل البرلمان.. واستيلاء العسكر على "سلطة التشريع".
قرار مرسى كان انتصارًا لـ"الدولة المدنية" ضد "دولة الجنرالات".. ومع ذلك فإن التيار المتمسح فى "المدنية" هو الذى بادر إلى رفع دعوى قضائية ضد قرار الرئيس، وترافع أمام المحكمة الدستورية لصالح "الدولة الأمنية".. أساتذة "قانون" يرشقون فى "جيب" بدلهم الباريسية "وردة" المدنية.. ليتيحيوا للجنرالات إحكام قبضتهم على سلطتى التشريع والتنفيذ!
لأول مرة فى التاريخ يوجد تيار "مدني" يتلذذ بالعمل فى الخدمة تحت "البيادات" الميرى.. ويقبل النزول إلى مرتبة "جندى المراسلة" فى ثكنات الجيش.. ويعرض مساندته للمؤسسة العسكرية حال قررت تدبير انقلاب عسكرى على السلطة المدنية المنتخبة!.
مصر لم تُبتلَ ـ قبل الثورة وبعدها ـ بأخطر من فساد نخبة سياسية وإعلامية، أعاقت الإصلاح السياسى قبل 25 يناير.. وتحولت إلى "رحم مستأجر" لاستقبال "نطف التوريث".. ثم تحولت ـ بعد الثورة ـ إلى بؤر "شرجية" يدفع من خلالها نظام مبارك، ما تجود به أمعاؤه الغليظة، من نفايات على الشعب المصرى.
ساحة النقاش