الرئيسية مقالات اليوم

كعبة الله تشهد

85 Share on print كامـل منـــدور 12 يوليو 2012 08:14 PM

 

كنت أتأهب لصلاة الفجر - فجر الخميس - وكنت قد فتحت التلفاز على القناة التى تذيع شعائر الصلاة من الحرم المكى، جلست أجفف ماء الوضوء، وحين رفعت المنشفة عن وجهى وقعت عينى على مشهد فى التلفاز لم أكن أتوقع أن أشهده أبدًا فيما بقى لى من أجل فرط غرابته، رأيت سيادة الرئيس محمد مرسى، يقف بملابس الإحرام يصلى الفجر فى صحن الحرم منتظمًا فى الصف بين الناس دون أى حراسة، كان المصلون المجاورون له يرتدون ملابس الإحرام، فربما كان من بينهم بعض رفقته أو بعض حراسته الخاصة، ولكن الغريب فى المشهد أنه لم يكن إلى جواره أو بين يديه أو من خلفه جندى واحد من جيش المملكة، ولا حتى شرطى واحد من شرطة الحرم، لدهشتى فزعت إلى الأهل والأولاد أوقظهم ليشهدوا هذا المشهد، كان المخرج التليفزيونى بخيلاً فلم ينقل إلينا صورة الرئيس سوى مرات قليلة جدًا جاءت كومضات خاطفة، يبدو لى أن المخرج قد أدرك أن المغزى وراء الموقف هو أن مشهد الصلاة إلى رب العالمين أعلى قدرًا من مشهد الملوك والرؤساء، ومع ذلك ففى الومضات الخاطفة التى شهدنا فيها وجه الرئيس شهدنا جلالا ووقارًا وخشوعًا وإخباتًا لله هزنى بشدة حتى اقشعر جلدى وفاضت دموعى.

 لاحظت فى عينى ابنتى الصغرى نظرة مؤداها أنها لا تفهم وجه الغرابة ولا سبب الدموع، رحت أشرح لها كيف أن البروتوكول المعمول به فى المملكة إذا نزل فى ضيافتها ملك أو رئيس أن توفر له من الحراسة ما يكفل له أداء الشعائر دون أن يختلط بعوام الناس، فتجده منذ اللحظة التى تطئ فيها قدمه الأرض خارج الحرم يمشى بين صفين من جنود الجيش والشرطة حتى يدخل المسجد، ويصل إلى الكعبة، التى يجدها وقد أبعد الناس عنها وضرب حولها كردون من القوات ليطوف الضيف، منفردًا تمامًا ثم يسعى بنفس الكيفية وينصرف سريعًا إلى قصر الضيافة الملكى المجاور للحرم فيؤدى صلواته فى حجرته أو على الأكثر فى مسجد القصر من وراء حائط زجاجى مطل على صحن المسجد، أما أن نرى ملكًا أو رئيسًا يمشى بين الناس فى المسجد دون حراسة ويجلس حيث ينتهى به المجلس، ويصلى فى الصفوف دون تمييز، فهذا مشهد يندر حدوثه خاصة إذا علمنا أن إمام الصلاة نفسه لا يتحرك فى الحرم بدون حراسة، وعندما يؤم الصلاة ترى شرطة الحرم تحيط به.

أعاد هذا المشهد إلى ذاكرتى واقعة حدثت منذ عشرات السنين حينما توجه حسنى مبارك لأداء العمرة فى ليلة القدر وكيف تحول الحرم رغم الزحام الشديد إلى ثكنة عسكرية، كنا ننتظر الصلاة فى الدور الأخير من المسجد ورغم هذا شعرنا بحركة غير عادية فى المسجد كله ما دعانا إلى التوجه للسور المطل على صحن الحرم لاستطلاع الأمر فشاهدنا الاستحكامات العسكرية المضروبة حول الكعبة، وحول طريق الدخول والخروج، يومها صاح أحد المصريين بالمسجد "شرع الله يا ريس" أو بما يشبه ذلك، فكان نصيبه أن قبض عليه فى مكانه، وتم ترحيله إلى مصر حيث بقى معتقلا عشرات السنين، وأرجو أن يعذرنى هذا الأخ الكريم إذا كنت لا أذكر اسمه لضعف الذاكرة، ولكنى التقيت به بعد خروجه من المعتقل وادعوه ليروى الواقعة بنفسه.

فارق كبير بين الموقفين، حياك الله سيادة الرئيس، بوركت من قائد نبيل، ثبتك الله وأعانك علينا.

[email protected]

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 122 مشاهدة
نشرت فى 13 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

304,417