40 Share on print جمال سلطان 09 يوليو 2012 08:26 PM 
لا أعرف كيف لم يشعر بالعار هؤلاء الذين أهاجوا الدنيا أمس صخبًا على الفضائيات غضبًا من استعادة سلطة التشريع من "المجلس العسكرى" وعودتها إلى مجلس الشعب المنتخب، لا أعرف كيف واتتهم الصفاقة أن يخوضوا هذه المعركة دفاعًا عن عودة سلطة التشريع إلى الجنرالات، هؤلاء الأشاوس لم ينتفخ لهم عرق ولا بحَّ لهم صوت عندما اغتصب المجلس العسكرى سلطة الدستور نفسه وليس القانون، وأصدر إعلانًا دستوريًا يحكم به البلاد والعباد بدون أى تفويض ولا صلاحية ولا قانون ولا دستور، فقط تذكروا القانون والدستور عندما أصدر رئيس الجمهورية قرارًا باستمرار عمل البرلمان بشكل مؤقت لحين إجراء انتخابات جديدة عقب إقرار الدستور، كثير منهم فقد عقله تمامًا ودعا الجيش للانقلاب على السلطة المنتخبة والاستيلاء على السلطة، هكذا بكل صفاقة وانعدام للحياء السياسى، والبعض الآخر من أصحاب الأدمغة "اللاسعة" طالب بحصار القصر الجمهورى ومنع الرئيس من الدخول، وبعض الناصريين الأشاوس الذين يتشوقون لعودة دولة "العسكرتاريا" التى أقامها جنرالات وأنصاف جنرالات الخمسينيات والستينيات، فخربوا مصر وهزموها مرتين وتركوا ثلثها محتلاً وأعادوها للوراء عقودًا على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى، هؤلاء الأشاوس قالوا إن ما حدث لم يحدث حتى فى عصر المخلوع مبارك، وكأن التزوير أصبح شعار المرحلة، ونسوا أن المحكمة الدستورية عندما قضت بعدم دستورية قانون انتخابات 84 ظل البرلمان يعمل بعد حكم المحكمة أربعة أشهر كاملة، ثم أُجرِى استفتاء على حله، بينما هؤلاء الأشاوس طبلوا وزمروا للعسكرى عندما قرر حل البرلمان صبيحة يوم صدور الحكم ووضع الجنود على أبواب البرلمان لمنع الأعضاء من دخوله، فى مشهد بالغ العنف والاستخفاف بإرادة ثلاثين مليون مصرى، فكان أن انقلب السحر على الساحر وتضامن ملايين المصريين مع مرشح الثورة وأسقطوا مرشح الفلول بعد تلك الواقعة بيومين فقط، وهو ما حرق دم الناصريين الذين كانوا قد رتبوا أوراقهم لوراثة الدولة بالتنسيق مع شفيق والجنرالات، بالأمس تكلم كل مَن هب ودب، البعض حركتهم أحقادهم مع جماعة الإخوان، فباعوا الوطن ومصلحته لتصفية حساباتهم مع الجماعة التى انتسبوا إليها يومًا ما، وآخرون من أنصاف المثقفين أمثال خالد يوسف، تصوروا من فرط ظهورهم فى الفضائيات والنفخ الكذاب فيهم، أنهم أصبحوا محللين كبارًا وخبراء قانون واستراتيجية، وليسوا مجرد تجار رقص وخلاعة وقبلات بجسد المناضلة هيفاء وهبى، وبعض ترزية القانون والدساتير الذين فصَّلوا نصوص التوريث للمخلوع مبارك وفصلوا نصوص التأبيد فى الحكم للسادات من قبله، ظهروا على الفضائيات أمس ليذرفوا الدمع الكاذب على الدستور والقانون، وتليفزيون الدولة الرسمى الذى يؤكد كل يوم أن "الفلول" يهيمنون عليه هيمنة كاملة، لم يجد من خبراء الدستور أمس إلا "الأسطى" درويش لكى يعقب على القرار ويطالب بعزل الرئيس ويرغى ويزبد بأكاذيب وأباطيل، ولم يخطر ببالهم أن هناك خبراء دستور غيره أعلنوا بوضوح وحسم أن القرار سليم مائة فى المائة وأنه صحح أوضاعًا دستورية خاطئة، تجاهلوهم جميعًا، ولم يجدوا إلا الأسطى درويش، وأما الفضائيات الخاصة التى يهيمن عليها الفلول تمويلاً وإدارة، فقد نصبوا "المندبة" المنتظرة وبعضهم تصرف بهستيريا من فرط عجزه عن التحكم بأعصابه، والحقيقة أن بعضًا من مقدمى تلك البرامج يحتاجون إلى العرض على أطباء نفسيين متخصصين قبل ظهورهم على ملايين الناس فى الشاشات، قرار الرئيس مرسى أول أمس كان متوازنًا وعاقلاً جدًا، أكد على احترام القانون والالتزام بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية ولكنه فى الوقت نفسه حافظ على منع حدوث فراغ تشريعى ودستورى بغياب برلمان منتخب، وقرر استمراره مؤقتًا لعدة أشهر لحين إنجاز الدستور الجديد، فينتهى دوره ووجوده وتتم الدعوة لانتخاب برلمان جديد خلال ستين يومًا من الاستفتاء على الدستور الجديد .
قرار الرئيس مرسى يخدم المصلحة الوطنية بكل تأكيد ، ويجعل من الدولة المصرية مكتملة المؤسسات؛ بما يحقق الاستقرار السياسى ويساعد جديًّا على الاستقرار الأمنى والاقتصادى ويبعث برسائل الثقة إلى المجتمع الدولى بأن مصر تتعافى وتعود إلى طبيعتها كدولة متكاملة الأركان ، وكل ذلك لا يريده المبطلون والحاقدون على فوز التيار الإسلامى فى البرلمان أو الرئاسة، ويخشون كل الخشية أن ينجح مشروع النهضة وإنقاذ مصر فتكون نهايتهم السياسية ، ويتمنَّوْن الفشل وأن يخرب البلد كله فى سبيل هزيمة منافسهم السياسى ، وكان الدكتور يحيى الجمل قد قال على الهواء مباشرة أول أمس فى تعليقه العفوى على القرار : "بكره الصبح البلد ها تخرب، إن شاء الله" ، خبت وخسرت يا وزير مبارك ، بل تتعافى بلادنا وتصح وتحيا بإذن الله ، رغم أنفك .
ساحة النقاش