سية رأي


2 د. إبراهيم أبو محمد 27 يونيو 2012 07:47 PM

 

سيدى الرئيس، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. وبعد 

فرحتنا بك لا يعدلها إلا أملنا فيك ورغبتنا فى توفيق الله لك.

  • سيدى الرئيس، الناس هنا ومن حولى يتضرعون إلى ربهم أن يسدد خطاك وأن ينقذ بكم شعب الكنانة، وأن تتجاوز بمصر المحروسة أزماتها.
  • قالت لى إحداهن هل تعرفه شخصيا؟ قلت لها، سمعت عنه ولكنى لم أره.. قالت ساعد المرسى يا ولدى ... قلت لها كيف أساعده يا أمى وهو هناك فى مصر وأنا هنا فى أستراليا؟؟؟
  • قالت: بقلمك وقيام الليل وضراعات الأسحار، أدركت ساعتها أن المرأة موصولة ببارئها وأن من تهتم به وتدعونى لمساعدته هو رجل توبة ورجل دولة.
  • سيدى الرئيس لا أعرفك من قبل، ولكنى أحبك فى الله تعالى، وليست لى عندك حاجة حتى أطريك أو أثنى عليك، لكنه رباط المحبة فى الله، ثم مظلة الوطن التى نلتقى من أجله قلبا لقلب وعقلا لعقل وفكرا لفكر وعطاء بعطاء.

 

  • أعرف يا سيدى الرئيس أن حجم مسئولياتكم كبيرة وأدعو الله أن يعينك عليها وليس من حق مثلى أن يشغلك بإضافات، وأعرف أيضًا أن حجم الفساد الذى تعانيه مصر يضاعف من حجم التحديات الضخمة أمام الرئيس الجديد.
  • نعرف أيضا أن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، ولا نستطيع به أن نسترد ما ضاع منا، لكننا يجب أن نستفيد من دروسه وعبره، وإذا كانت كل الدول تحتاج فى قيادتها إلى رجل دولة بالمفهوم السياسى، يملك من الخصائص النفسية والعقلية ما يمكنه من إدارة الأزمات والخروج بالأمة من مآزق شتى فإن تطبيق هذه الشروط فى حالة مصر لا يكفى، فرجل الدولة فى الحالة المصرية يمكنه أن يقود البلاد بشىء من الحزم والشدة، لكن ذلك وحده لا يكفى لتضميد الجراح المصرية وسد الفتوق والخروق التى يعانى منها جسد الوطن طوال ستين سنة، هذا بالإضافة إلى البثور والقروح التى تتمثل فى العشوائيات بشتى صنوفها المادية والثقافية، والتى شوهت صورة مصر ورجعت بها إلى الوراء، وجعلتها تتخلى بعجز مخز عن دورها العربى والإقليمى والدولى.
  • رجل الدولة هنا بكفاءته وقدراته يصبح عاجزًا عن تضميد الجراح النفسية والعطب الذى أصاب المجتمع المصرى فأفسد بعض النسيج فيه وشوه بعض خلاياه.
  • الناس هنا فى المحروسة تحتاج فى تضميد جراحها إلى رعاية من نوع خاص لا يستطيع أن يقوم بها إلا رجل يجمع بين خصائص رجل الدولة ورجل التوبة.
  • الموقف فى مصر يحتاج قدوة حانية تتسلل بطهر أخلاقها إلى قلوب الناس فتعالج حقدهم وجحودهم وأنانيتهم، كما تحتاج إلى حزم عدالتها لتعالج ظلمهم وجشعهم، القدوة هنا تغرس فيهم عن طريق المراقبة أو ما يسمى بالضبط الإرادى احترام القانون العام وحماية النظام العام وتولد لديهم الإحساس بالمسئولية الوطنية.. وتذكر يا سيدى الرئيس "أن الناس على دين ملوكهم" وقد استبشرنا خيرًا بقولك: "وليت عليكم ولست بخيركم".
  • العبارة تحمل من ظلال العدالة الوارفة معنى المساواة وأنه لن يزيد لديك نصيب مؤيد على نصيب معارض، ولن يتقدم عندك قريب على حساب بعيد، وتلك سمات رجل الدولة والتوبة.
  • رجل التوبة كلما زاد تمكين الله له كلما زاد عدلا وتواضعًا بين مواطنيه.
  • رجل التوبة ورجل الدولة ينظر بعيونه إلى الشعب، بينما يكون قلبه متعلقا برجاء الجناب الأعلى، فهو يرعى فى كل مخلوق حق من خلقه بصرف النظر عن دينه أو جنسه.
  • رجل التوبة كلما زاد تمكينا ابتغى فيما آتاه الله الدار الآخرة، ومن ثم فهو لا ينسى نصيب شعبه من الدنيا تمكينا ونهضة وعلما وطهارة وأخلاقا.
  • رجل التوبة طبيعة تكوينه أنه يحسن إلى شعبه كما أحسن الله إليه، وضميره يذكره دائمًا بسيادة شعبه، وأنه صاحب السلطة العليا ومصدر التوجيه، وما الحاكم إلا أجيرًا وحارسا أمينا على مصالحه، ومستخلفا فى إدارة شئونه، فإن أحسن أطاعوه وساعدوه، وإن أساء عزلوه وحاسبوه، وشكرا لك سيدى الرئيس على طلب ذلك منا ،ونعدك أن نكون على العهد والوعد.
  • رجل الدولة يكون مطاعا فى رعيته بينما رجل الدولة والتوبة يجب أن يكون طائعا قبل أن يكون مطاعا ، ونحمد الله تعالى أن اختارت لنا أقداره من تتوفر فيه تلك الصفات. نحسبك كذلك والله حسيبك ولا نزكى على الله أحدًا.
  • رجل الدولة يحسن شئون الدنيا ويحسن العمل فيها، بينما رجل الدولة والتوبة يحسن شئون الدنيا والآخرة، ويتكامل فى رؤيته عالم الغيب مع عالم الشهادة، عالم الدنيا مع عالم الآخرة، عالم المادة مع عالم الروح.
  • نظرة رجل الدولة إلى الدنيا نظرة تتسم بالشمولية وهو يحسب حساب رقابة شعبه، فالرقابة عليه أرضية المصدر ، بينما رجل الدولة والتوبة ينظر إلى العالمين، عالم الدنيا وعالم الآخرة، ويحسب حساب مواطنيه ولكنه قبلهم يحسب حساب مولاه وسيده الذى ولاه فالرقابة عليه متعددة، وعليه وفوقه أكثر من سلطة وسلطان، سلطة شعبه ورقابته، وقبلها وبعدها رقابة الله ورسوله والمؤمنين ثم رجوعه إلى عالم الغيب والشهادة وحسابه بين يدى ربه {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. } (التوبة ١٠٥)
  • رجل الدولة حساباته مادية محضة، بينما رجل الدولة والتوبة يحسب حساباته مادية ومعنوية، فعنصر البركة هنا عامل حاسم فى توفيق النتائج وعموم الفائدة وتعميم الخير، ومن ثم فهو يعتمد الأسباب المادية، لكنه يرنو بأفقه البعيد إلى مسبب الأسباب يستغفره ويدعوه ضارعا ويرجوه متفائلا وآملا .{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ( الأعراف ٩٦ )

 {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} (هود ٥٢ ) {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا } (نوح١٠ـ ١٢)

  • رجل الدولة له جنوده من أهل الأرض، بينما رجل التوبة له جنوده من أهل الأرض والسموات.
  • الأفق أمام رجل الدولة محدود بمساحة الوطن وعدد السكان ومصادر الدخل وحجم ما يأتيه من مساعدات خارجية، بينما الأفق أمام رجل الدولة والتوبة يتجاوز مساحة الوطن، بل يتجاوز مساحة الأرض كلها ومصادر الدخل كلها ليُدخِل فى حساباته خزائن الله التى لا تنفد أبدًا، فالأفق هنا أوسع مدى وأعظم حجمًا وأكثر ثقة فى حجم المساعدات، التى تأتيه من ربه ولا ترهن الإرادة أو تلوى الذراع ولا تهدد بقطع المعونة.
  • رجل الدولة مستقبله محدود بحدود هذه الحياة الدنيا، بينما رجل الدولة والتوبة شعاره: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ( البقرة ٢٨١)
  • رجل الدولة مسئول أمام شعبه عن كل خلل يصيب أفراد مجتمعه بكل أطيافه بينما رجل الدولة والتوبة تتسع مسئولياته لتشمل مجموع أمته ويسأل حتى عن الحيوان الأعجم إذا عثر لِمَ لَمْ يمهد له الطريق ويرحمه من عثراتها.
  • مصر فعلا فى حاجة إلى رجل دولة ورجل توبة، رجل توبة يتقى الله فى شعبه فيكون مسئولا عن الفقير الجائع والمريض الضائع والعارى المجهود فى عشوائيات لا يرضى الحيوان بسكناها، واليتيم المكسور الذى فقد من يرعاه ولا يرحمه أحد، والأرملة والشيخ الكبير وذى العيال الكثيرة والرزق القليل الذى يولى ظهره نحو الحياة ويقبل على الموت منتحرًا لأن آخرين قد سرقوا قوته وأخذوا حقه ومنعوه نصيبه فلم يعد قادرًا على تحمل أعباء أسرته فهرب من الدنيا إلى الموت منتحرًا.
  • مصر فى حاجة إلى رجل دولة ورجل توبة يوفر لشبابها عملا شريفا ومسكنا نظيفا وماء نقيا غير ملوث، ويحميهم من مغامرات الهجرة القاتلة التى تعرض حياتهم للغرق أو الضياع فى غابات إفريقيا.
  • لا نريد أن نعكر صفو فرحتنا بالحديث عن المطالب وهى كثيرة يا سيدى الرئيس والتحديات أكثر ، ومصر يرعاها الله ويرعاكم فى حاجة إلى ترتيب أوضاعها من الداخل، وهى تحتاج إلى رجل له قلب وعقل، تحتاج إلى رجل دولة ورجل توبة فى نفس الوقت، فلتكن أنفاسك محملة بروح الحياة فى سبيل الله، ولتكن بين أهل السياسة رجل دولة، ولتكن بين يدى ربك رجل توبة فتجمع لشعبك خيرى الدنيا والآخرة، وحينئذ نفخر برئيس يكون سيدًا مطاعا لا بين عبيد وإماء، وإنما بين سادة أتباع، هم جميعا شعب مصر .

ألف مبروك ـ لا مبارك ـ لمصر عرسها الديمقراطى، ولك يا سيدى خالص تحيات المحب لكم. 

mail: [email protected]

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,649