الرئيسية مقالات اليوم


2 أ. د. حلمى محمد القاعود 27 يونيو 2012 07:37 PM

 

فى أواخر يونيه من كل عام، يموج الحقل الأدبى بكثير من الحركة والصراع من أجل الحصول على جوائز الدولة بمستوياتها المختلفة غالبًا يكون المتصارعون من الحظيرة الثقافية أو الموالين لها، لأن الجوائز لا تخرج غالبًا أيضًا إلى من يستحقونها ممن يتعفّفون عن مد أيديهم إلى النظام الفاسد البائد، الذى لم يسقط بعد، وإن سقط رأسه وبعض رموزه!

النظام لا يعطى جوائزه إلا لمن يسير فى ركبه، أو لمن يريد أن يطوعهم ويدجّنهم، ويدخلهم الحظيرة، ولو بالصمت على جرائمه فى حق الشعب وعقيدته ومستقبله، وهنا يتم تجنيب المستحقين للجوائز بعيدًا لأن التصويت عليها يكون عادة فى يد من يحكمون الحظيرة بحكم وظائفهم الرسمية أو عضوية اللجان الثقافية، التى عينوا فيها من قبل رئيس المجلس الأعلى للثقافة، وهو رجل السلطة الفاشية المستبدة بامتياز، ولا يستطيع أن يخرج عن إرادتها.

على مدى خمس وعشرين سنة، توجهت الجوائز فى معظمها إلى الموالين للنظام المستبد الفاشى، وأغلبهم من اليساريين والشيوعيين والعلمانيين، الذين يكنون كراهية عميقة للإسلام والمسلمين، فى الوقت الذى لم يحظ فيه أزهرى واحد أو إسلامى واحد بجائزة كبيرة أو صغيرة، مما يعنى أن الانتماء للإسلام بمعناه الحقيقى لن يُعطى أبدًا فرصة للحصول على الجائزة!

بالطبع فإن الحصول على الجوائز لا يعنى بالضرورة أن يكون الحاصلون عليها تتوفر فيهم الأهلية الفنية أو الأدبية، فقد فاز بجوائزها الكبرى والصغرى أشخاص لا يملكون موهبة حقيقية ولا الأدوات الأساسية للكتابة.. هناك من لا يحسن الإملاء ولا النحو ولا الصرف ولا البلاغة، ولكن انتماءه إلى الحظيرة أو النظام الفاسد كان مؤهله الذى يفوق كل المؤهلات! ومراجعة أسماء الحاصلين عليها فى ربع القرن الماضى تؤكد صحة ما ذهبنا إليه، باستثناءات قليلة للغاية. 

لقد تضاعفت القيمة المادية لهذه الجوائز مرات، لذا فإن الحظائريين حريصون على هذه القيمة ويتقاتلون فيما بينهم من أجلها، ويبذلون فى سبيل الحصول عليها كل ماء الوجه للتربيط، وطلب التصويت؛ دون أن يجدوا غضاضة فى ذلك.

ولا يجد بعضهم حرجًا أن يرشح بعضا بالتبادل للحصول على هذه الجوائز، أو يوعز إلى جهة ما لترشيحه، ويتولى هو بعدئذ مهمة العمل على ضمان التصويت له والفوز بجائزة.

ثم إنهم حين يفتقدون مرشحًا منهم ضمن الأحياء، فإنهم يبحثون عنه بين الأموات، ولو كان مستواه الأدبى متدنيًا، وإنتاجه لا يؤهله لجائزة متوسطة! ولكنها شهوة الاستحواذ والتكويش والخطف؛ وحرمان غيرهم وإقصائه، ولو كان أفضل منهم ومن مرشحيهم!

فى هذا العام تم ترشيح وزير الثقافة الحالى للحصول على جائزة من جوائز الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية، وهو الشخص ذاته الذى يفترض أنه يرأس اجتماع المجلس الأعلى للثقافة، فى جلسة التصويت على جوائز الدولة.. لقد تم ترشيحه من قبل الجمعية التاريخية، وعندما تم ترشيحه لم يكن وقتها وزيرًا للثقافة، وإنما بناء على إنتاجه العلمى وإسهاماته فى مجال تخصصه وهو التاريخ.. وقد أجاب الوزير أنه لو جاء الاجتماع الخاص بالتصويت، وهو وزير للثقافة، فإنه سيتقدم بخطاب الاعتذار عن الترشح للجائزة، وبالتالى سيتم حذف اسمه من قوائم المرشحين، لأنه لا يمكن أن يرأس هذا الاجتماع، وفى ذات الوقت يكون مرشحا؟ 

أى أنه يمسك العصا من المنتصف، فعندما تستمر الوزارة سوف يطلب شطب اسمه من الجائزة، وعندما تستقيل الوزارة بسبب انتخاب الرئيس الجديد قبل انعقاد الجلسة؛ سيظل مرشحًا لينعم بالجائزة وقيمتها المادية! 

لقد نفى الوزير وجود تربيطات من أجل التصويت وقال: أحب أن أطمئن الجميع، أن وزارة الثقافة ليس لها أى مرشح، ولا يوجد ما يسمى بتربيطات موظفى الوزارة، وأضاف: أنا حضرت هذا الاجتماع ما يقرب من سبع مرات، لم يعطنى أحد أى توجيهات للتصويت، وهو أمر ينطبق على وعلى زملائى بالوزارة.

ويبدو أن معالى الوزير مضطر لقول هذا الكلام بحكم منصبه السياسى، وهو ما كان يقوله فاروق حسنى، ويكذبه الواقع، فقد تم منح الجائزة لمن لا يستحقون وفقًا لإرادة السلطة، والنموذج الساطع الفاضح يتمثل فى منحها لمن يدعى "سيد القمنى"، الذى تمثل أعماله صورة للتدليس العلمى، فضلاً عن التشكيك فى الإسلام وسيرة النبى محمد - صلى الله عليه وسلم - مما أدى إلى رفع الأمر للقضاء!

لقد طالبت وغيرى على مدى السنوات الطوال الماضية بضرورة مراجعة أمر الجوائز الأدبية، ولكن ذهبت المطالبات سدى، لأن القائمين على أمر الجوائز والثقافة فى بلادنا، ينفذون سياسة فاشية مستبدة، لا تعبأ بمصلحة الوطن ولا الثقافة ولا الأدب!

لقد ظننا أن الأحوال ستتغير بعد ثورة يناير، ولكنها للأسف لم تتغير، بل ازدادت سوءا، وازداد تمكين أفراد الحظيرة من الوزارة التى تحولت إلى "تكية" مستباحة يرتع فيها الماركسيون واليساريون والعلمانيون والمرتزقة، ويتعمق إقصاء غيرهم خاصة من ينتسبون إلى الإسلام وتصوراته..

نتمنى أن نجد فى النظام رجلا رشيدًا يوقف نزيف هذه الجوائز، ويأمر بتجميدها حتى يأذن الله بنظام جديد عادل ورشيد، يمنح الجوائز لمن يستحقون وفقًا لأسس سليمة، ووسائل شريفة. 

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 172 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,478