الرئيسية مقالات اليوم


14 جمال سلطان 25 يونيو 2012 08:01 PM

 

توقفتُ طويلاً أمام الخبر اللافت الذي نشرته "المِصريون" أمس بعُنوان "أسرة خالد الإسلامبولي تقرر تلقّي العزاء فيه بعد فوز مرسي"، وفي أعراف أهلنا في الصعيد أنه إذا قُتِلَ لهم قتيل فإن الأسرة لا تتقبل التعزية فيه إلا إذا أخذوا بثأره، ولو بعد خمسين عامًا، فإذا أخذوا بثأره شُفيت نفوسهم ، فيأخذون العزاء في قتيلهم ، وفي ما فعلته أسرة الإسلامبولي مؤشر بالغ الأهمية على أن لفوز محمد مرسي وانتصار الديمقراطية في مصر أبعادًا لم نكن نتخيلها ، ومنها هذا البُعد الذي تكشف عنه تلك الواقعة ، إن انتصار الثورة وانتصار المشروع الديمقراطي نجح في تفكيك أفكار العنف ونزع مرارات النفوس وإنهاء رغبات الثأر والانتقام داخل التيار الإسلامي ، أسرة الإسلامبولي اعتبرت أن "ثأر" ابنها تحقَّق ، ليس بالدم ، ولكن بالديمقراطية ، ليس بالنار ، ولكن بالسلام ، ليس بالانتقام وإنما بالانتصار للحرية ، وتلك واحدة من أسمى المشاعر الإنسانية ، وتكشف عن أن انتصار الربيع العربي سيكون أعظم جسر إنساني لنشر السلام في ربوع الشرق الأوسط والعالم كله ، لقد فشلت الولايات المتحدة ومعها الغرب في إنهاء العنف والإرهاب وأعمال الانتقام والثأر بطائراتها ومدافعها وصواريخها وجيوشها ، صحيح أنها حققت بعض الإنجازات وبعض الإخفاقات ، ولكنها لم تنتصر في النهاية ولم تفلح في نشر السلام ، بينما الربيع العربي الآن يجفف منابع العنف ، ويقتلع أفكار الانتقام والقسوة من جذورها ، ويؤسس لأفكار المشاركة السياسية والحوار الإنساني وسلمية الاحتجاج والقبول بتداول السلطة ، طالما كانت بعيدًا عن التزوير والتلاعب ، ولا ننسى أن مصر طوال العام والنصف الذي شهد وقائع ثورة يناير لم تشهد حالة إرهاب أو عنف سياسي واحدة ، رغم أن النظام السابق كان يعلن كل أسبوع تقريبًا عن خلايا إرهاب وأعمال إرهاب ودم ونار ، انتصار المشروع الديمقراطي ، وانتصار الحرية ، وحده الذي أتى بالسلام ، ونجاح هذا الربيع العربي عندما يكتمل بإذن الله ، وحده الذي سينشر السلام في ربوع العرب وفي العالم كله ، وينهي عقودًا من الموت والدمار والعنف والقسوة المفرِطة التي نشرت الخوف في مساحات واسعة من عالم البشر .

إعلان فوز محمد مرسي كان إعادة اعتبار للدولة المصرية ، وبشكل أخص كان إعادة اعتبار للقضاء المصري الذي أضاف لهيبته الكثير بعد إشرافه الكامل على انتخابات نزيهة ومبهرة للعالم كله ، وأيضًا كان إعادة اعتبار للمؤسسة العسكرية المصرية ، التي راهن كثيرون من الفاسدين والمرتزقة والقتلة داخل مصر وخارجها على أنها مستعدة لأن تصل إلى أبعد الحدود لمنع وصول رئيس مصري مدني منتخب ، حتى لو احترق الوطن كله ، العسكرية المصرية أثبتت أنها نسيج مختلف ، وأنها جيش وطني ، وليس جيش بشار الطائفي أو كتائب القذافي وأولاده ، وأثبتت مجددًا أنها تستشعر المسؤولية تجاه الوطن ، وأعتقد أن المجلس العسكري ربح الكثير عقب إعلان النتيجة ، ويبقى أن يعزز صورته الوطنية بفتح حوار جدي مع الرئيس الجديد وشيوخ القضاء والرموز الوطنية من أجل حل الإشكالات المتعلقة بقضية الإعلان الدستوري المكمل وحل البرلمان ، فالحوار الجاد والمسؤول يمكن أن يحل الكثير من المشكلات ، طالما حسنت النيات ، فنحن على أعتاب مرحلة تحتاج إلى تكامُل الجهود وتأسيس روح الحوار واحترام مؤسسات الدولة وهيبتها ، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة ومؤسسة القضاء ، فتكامل الجهود والحوار المسؤول هما بوابة مصر إلى مستقبل أفضل للجميع ، وغياب التكامل والحوار والإحساس بالمسؤولية سيجعل الجميع خاسرًا ، الجميع بلا استثناء .

[email protected]

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 108 مشاهدة
نشرت فى 26 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,689