authentication required





جمال سلطان
21
يونيو
2012
05:16 PM


الغموض الشديد هو سيد الموقف الآن في مصر ، وكل الاحتمالات لها فرصة للتحقق ، وانعدام الثقة بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها أوضح من أن يتجاهله أحد ، والإعلان الدستوري المكمل أضاف إلى انهيار الدولة والثقة بها ، المزيد عندما جعل "العطسة" التي يمكن أن يعطسها عضو بالمجلس العسكري قانونًا وتشريعًا للبلاد في أي وقت وأي لحظة ، ولا معقب عليه ولا رادّ لما قرر ، والأجهزة الأمنية تخوض معركتها النهائية ، والتي تعتبرها حياة أو موتًا ، والداخلية وظفت أكثر من نصف طاقتها الآن لتشغيل آلة الدِّعاية والإشاعات والحملات المصطنعة لإشاعة أجواء من الخوف والتوتر ، وهناك اقتحامات للشقق المفروشة بدعوى البحث عن عناصر أجنبية خطيرة ، وكلام في "الهجايص" كثير جدًّا تسمعه الآن وتراه وتتعايش معه ، والتليفزيون الرسمي للدولة يتحدث الآن بلغة أمنية صريحة ، وأصبحنا نقرأ في صدْر نشراته "عناصر من الإخوان يعتصمون في التحرير" ، ولفظ "عناصر" لا صلة له بالإعلام ، ولا يوجد أي مهني يكتب "عناصر" ، وإنما يكتب أعضاء بالإخوان أو نشطاء بالإخوان ، وهو ما يكشف أن أمن الدولة أصبح يتدخل حتى في كتابة الأخبار نفسها ، والصحف القومية ومواقعها أصبحت "تضرب" الأخبار بسهولة مدهشة ، حتى أنه من الطبيعي أن تسمع تكذيبًا رسميًّا لأخبار ينشرها موقع الأهرام ثلاث مرات في اليوم الواحد ، ووكالة الأنباء الرسمية للدولة تنشر أخبارًا "مضروبة" ببرود أعصاب ، مثل خبر تعيين رئيس لديوان الرئيس وخبر موت مبارك إكلينيكيًّا ، وهو ما يكشف أن أكثر من قوة وأكثر من جهاز أمني وأكثر من "وكر" في الدولة وأجهزتها يعمل لحساباته الخاصة وتقديراته الخاصة ، وفي ظل هذا الانفلات وتلك الفوضى المقصودة واحتقار القوانين والدساتير لدرجة أن يأتي الحاكم العسكري ويقول علنًا : أنا الدستور والدستور أنا ، يصبح الحسم ميدانيًّا ، بمعنى أن الثورة لا يمكن أن تصل إلى حق الشعب والوطن إلا بالميدان والشوارع والنضال السلمي المدني ، والمجلس العسكري وحلفاؤه من الأجهزة الأمنية والإدارية تتمسك بمنطق "القوة" لحسم خياراتها ؛ لأنه مدرك أنه يفتقر إلى الشرعية ، فلم تعد هناك دولة ولا شرعية ، وإنما هناك : سلاح العسكر وميدان الثورة.

وفي تلك الأثناء تأتي اللجنة العليا للانتخابات لكي تعلق الإعلان عن نتيجة الانتخابات ثلاثة أيام عن الموعد المحدد والمقرر سلفًا ، بدعوى أن عدد الطعون كبير ، واللجنة تعلم مسبقًا أنه سيكون هناك طعون كثيرة أو قليلة ، وأنه إذا ضاق بها الوقت الخميس فإنه يمكنها المد للجمعة ، أما أن تمد الأجل لثلاثة أيام فهذا يعني أنه قرار سياسي ، وليس قضائيًّا ، وأنه تعمد إعطاء مساحة زمنية لترتيبات وربما مفاوضات لا أحد يعرف فحواها على وجه الدقة ، والحقيقة أنه رغم الغموض الذي تحيط به اللجنة العليا للانتخابات عملها ، إلا أن الاحتمالات كلها محدودة ومحصورة في ثلاثة ، بعد استبعاد أي احتمال ، لأن تعلن تفوق أحمد شفيق في نتائج الفرز ؛ لأن هناك إجماعًا من كل الجهات الأهلية والإعلامية التي كان لها غرف عمليات ، على أن محمد مرسي فاز في التصويت بفارق تسعمائة ألف صوت ، ومحاضر اللجان الفرعية واللجان العامة بحوزة الناس جميعًا الآن ، وأيضًا استبعاد فكرة إعادة فرز صناديق ؛ لأنها عقب خروج القضاة ومندوبي المرشحين أصبحت فاقدة للمصداقية ، ويمكن أن تأتي الشرطة و"العسكري" بأي صناديق بديلة ، والمطابع مطابعنا ، والدفاتر دفاترنا ، ومن ثَمَّ فنحن أمام ثلاثة سيناريوهات : الأول وهو أقصر الطرق لمَن أراد حماية الوطن واحترام إرادة الشعب أن تعترف اللجنة بأن مرسي فاز برئاسة الجمهورية ، والاحتمال الثاني أن تعمل اللجنة على استبعاد آلاف الصناديق أو مئات اللجان بحجة أي طعون ولو شكلية أو وهمية من أجل الوصول إلى نسبة زيادة لشفيق في المحصلة النهائية ، وهو احتمال لو حدث فسيكون "فضائحيًّا" ، ولن يوجد أحد في مصر أو في العالم سيفهمه سِوى على أنه "تفصيل" شيطاني ، والاحتمال الثالث أن تُلغَى الانتخابات بدعوى ما شابها من اضطراب وتزوير ، والدعوة لإعادتها حسب ما طالَبَ به أحمد شفيق ، وهو احتمال لن يقل فضائحية عما سبقه ، وفي كلتا الحالتين الثانية والثالثة فتكون اللجنة ، ومَن وجَّهها ، قد أدخلت البلاد في نفق مظلم يمتد سنوات ينهار فيه ما تبقَّى لمصر من مؤسسات اقتصادية أو سياسية أو قانونية ، ولن يبقى فيها سوى : سلاح العسكر وميادين الثورة .

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 44 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,491