9
صباح الموسوى
20
يونيو
2012
07:07 PM


الظلم لا يثنى المظلوم عن السكوت ولا يجعله يتنازل عن حقه والقتل لا يوقف حركة التاريخ، فدورة التاريخ من سنن الحياة، فالكون شهد أبشع جرائم الإبادة البشرية.. لقد مرت على الأرض أنظمة وطواغيت عدة، وقامت دول وإمبراطوريات شتى، ارتكبت أبشع وأشنع مظاهر الظلم والطغيان، ولكن جميعها كان مصيرها الزوال والفناء.. ولم تكن بلاد فارس بمنأى عن ذلك.. فقد شهدت هى الأخرى إمبراطوريات وأنظمة أقل ما اتصفت به أنها كانت ظالمة ومتجبرة.. ولعل فى الدول، الصفوية والقاجارية والبهلوية، التى ظهرت فى العهود القريبة الماضية، خير مثالا على ذلك.. ومن المؤكد أن نظام الخمينى، الذى يحكم إيران منذ أكثر من ثلاثة عقود لن يكون استثناء عن تلك الدول والأنظمة التى أصبحت فى مزبلة التاريخ.. وذلك لما لهذا النظام من صفحة سوداء فى تاريخ البشرية عامة، وتاريخ إيران الحديث خاصة.

لقد اعتاد نظام الخمينى، الذى بنى على جماجم الشعوب والقوميات العديدة فى إيران، على ارتكاب المجازر وقمع الشعوب، للحفاظ على وجوده ودوام سلطته واستمرار دولته الطائفية، ولكن هل يتمكن هذا النظام من تحقيق حلم بقائه إلى ما لا نهاية؟. كلا وأبدا فهذا يخالف منطق التاريخ وسنة الكون، التى سنها الله جل جلاله، فهو القال وصدق قوله، "وتلك الأيام نداولها بين الناس".. إذن إنما هى الأيام، وهى يوم لك ويوم عليك.. وقال سيدنا أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، إن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم.

إن ممارسة القمع والاضطهاد الذى يمارسه نظام الخمينى ضد أبناء الشعوب فى إيران عامة، وفى الأحواز ضد العرب خاصة، ليس إلا واحدة من تلك المظاهر، التى تجعل من هذا النظام رقما فى سجل الدول والأنظمة التى خلدها التاريخ فى صفحاته السوداء.. فما أقدم عليه نظام الخمينى فى يوم 18 حزيران 2012م بإعدامه لثلاثة أشقاء من عرب الأحواز ليس سوى حلقة فى مسلسل طويل من الإعدامات والانتهاكات اللاإنسانية بحق الشعب العربى الأحوازى المضطهد.

إن حكام إيران الذين استرخصوا أرواح البشرية عامة، وأرواح الشعوب الإيرانية خاصة، يتجاهلون كليا ما يدور حولهم من ثورات وانتفاضات على الظلم والطغيان، الذى ارتكبه أقرانهم من الأنظمة التى كانت تمارس القتل والإعدامات والاضطهاد وسيلة للحفاظ على ديمومة كراسيها.. أن يتجاهلوا ما تشهدها سوريا من ثورة شعبية عارمة على نظام بشار المجرم، الذى يعد الحليف الأكبر لنظامهم فى المنطقة.. متناسين أن ثورة الشعب السورى لم تكن لتنطلع لولا الظلم والاضطهاد الذى مارسه الفانى حافظ الأسد ومن بعده ابنه وخليفته الجزار بشار الأسد.. ويتجاهلون كليا مصير حليفهم المقتول "معمر القذافى"، الذى عاث فى ليبيا فسادًا وأشبع أهلها قتلا واضطهادا.. وما بين هذا وذاك يغضون الطرف عن مصير فرعون مصر"حسنى اللا مبارك"، الذى تصدق فيه الآية الكريمة "اليوم ننجينك ببدنك لتكون لمن خلفك آية".

وقبل هذا كله يتناسون أن ثورة الشعوب الإيرانية عام 1979م التى جاءت بهم إلى كرسى الحكم، ما كانت لتحدث لولا ظلم وطغيان الشاه البهلوى بحق هذه الشعوب.. فإذا كل هذه الأحداث لا تشكل عبرة لهؤلاء الملالى المتجبرين فما هى العبرة التى تلفت أنظار قادة النظام الإيرانى وتعيدهم إلى رشدهم، إن كان فيهم بقايا من الرشد؟

ومما لا شك فيه أن الشعب العربى الأحوازى الذى وقع منذ قبل 87 عاما تحت احتلال الدولة الإيرانية، ليس المرة الأولى التى يتعرض فيها ثلة من أبنائه إلى الإعدام على يد النظام الإيرانى، فقد ارتكب "رضا شاه بهلوى" فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى مجازر عدة بحق هذا الشعب، وحين تم عزله بواسطة الإنجليز وخلفه ابنه المقبور "محمدرضا بهلوى" سار هذا الولد المتجبر هو الآخر على نفس النهج والمنوال فى قمعه وارتكاب الجرائم بحق الشعب الأحوازى.. وهذا ما فعله ويفعله اليوم نظام الخمينى بحق الشعب الأحوازى.. ولكن هل استطاع نظام البهلوى فى عهدى الأب والابن (رضا ومحمد رضا) من وقف مطالب الشعب الأحوازى العادلة؟ طبعًا لا، ولهذا فإن ما ارتكبه الخمينى من مجازر فى مذبحة المحمرة فى 30 آيار عام 1979م، والتى سميت بالأربعاء السوداء، ومرتكبه من مجزرة فى آيار 1985 وما بينهما وما بعدهما من مجازر لم توقف مطالب الشعب الأحوازى بحقوقه المشروعة. وهكذا هو الحال بالنسبة لما قام ويقوم به النظام الإيرانى اليوم فى ظل حكم"الولى الفقيه"، فقمع انتفاضة الأحوازيين فى عام 2005م وما رافقها من سجون وإعدامات وانتهاكات ضد الإنسانية لم توقف حركة الشعب الأحوازى المطالبة بالعدالة والمساواة.. ولهذا فإن مسلسل الإعدامات الذى تشهده الأحواز اليوم ليس بالأمر الجديد على هذا الشعب، وسوف لن يكون عامل تخويف ورادع لهم، بقدر ما هو وقود لثورتهم، التى لاشك أنها سوف تنتصر وإن اشتد الظلم والاضطهاد.. فظلم الملالى لا يوقف حركة التاريخ فى الأحواز.

كاتب وباحث أحوازى

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

319,161