5
شعبان عبد الرحمن
07
يونيو
2012
07:37 PM


برزَ الثعلبُ يوماً فى ثيابِ الواعِظِينَ ومَشَى فى الأرْضِ يَدْعُو ويَسُبُّ الماكِرينَ هذا البيت من قصيدة طويلة كنا ندرسها فى المرحلة الابتدائية، مازال يتردد فى ذاكرتى منذ أن تابعت بإمعان حملة القصف العشوائى ضد رئيس مصر القادم، بإذن الله تعالى، «د. محمد مرسى» وجماعة الإخوان المسلمين، والتى دشنها الفريق «أحمد شفيق» بخطاب يوم الأحد 3/ 6/ 2012م، ثم أكد ما جاء فيه فى حوار امتد حتى صباح اليوم التالى على قناة (cbc) الفضائية. خطاب كارث؛ لأن الفريق «شفيق» بدا فيه وكأنه أصبح رئيساً لجهاز «أمن الدولة»، كاشفاً عن براعة فائقة فى تلفيق التُّهم لجماعة الإخوان، بل والتهديد بالسجون، كما بدا فيه مستخفاً - فى نفس الوقت - بالشعب المصري، ظاناً أن ذلك الشعب فقَدَ ذاكرته، أو نسى أنه من أركان نظام «مبارك» وآخر رئيس وزرائه، أنه الذى أشرف على مذبحة «موقعة الجمل»، وترتيب إخفاء الأدلة ضد «العادلى» وأركان الداخلية، والجديد الذى كشفه اليوم أنه أشرف - أيضاً - على تلفيق أدلة بشهود زور ضد الإسلاميين على أنهم الجناة الحقيقيون.. أين الحياء؟! لقد ورَّطه من كتب له خطابه، ومَنْ يمده بالمعلومات ويقدِّم له النصائح للتعاطى مع الإعلام، وتلك من نِعَم الله تعالى أن يعمى بصائر خلية أمن الدولة الإعلامية، التى تتحرك معه بأسلوب التلفيق و«التلطيش»، وهو أسلوب بدائى عفا عليه الزمن.. لقد وضعتنا كلمات خطابه السالف الذكر، ثم إجاباته فى حواره المطول فى أجواء عفنة تخلص منها الشعب المصرى لمدة عام بعد نجاح الثورة، وصنعت تلك الأجواء مانشيتات صحيفة «روز اليوسف»، التى أسسها النظام الساقط خصيصاً للطعن فى الإخوان بقيادة «عبدالله كمال»، وهستيريا «عمرو عبد السميع» فى برنامجه «حالة حوار»، وهذيان «مجدى الدقاق»، و«أسامة سرايا»، و«كرم جبر»، وشلة لجنة السياسات بـ«الحزب الوطنى» المنحل بقيادة «محمد كمال»، و«جهاد عودة». هجوم «شفيق» المتوتر ضد الإخوان تفوح منه رائحة طبخة مسمومة بأيدى هؤلاء وغيرهم من شياطين الإعلام والسياسة الذين تعودوا على قلب الحقائق.. فقد أصر «شفيق» على وضع «المجرم» فى ساحة الحرية، ووضع «الضحية» فى قفص الاتهام.. فهل يصدق عاقل أن الإخوان هم الذين قتلوا ثوار ميدان التحرير، متهما الدكتور محمد البلتاجى والشيخ صفوت حجازى بمعرفة قتلة الثوار وقيل إن الذى أبلغ تلك المعلومات الملغومة لشفيق هو الدكتور ممدوح حمزة وهو علمانى بامتياز يؤيد شفيق بعد أن كان ثائرا فى الميدان وأفاد حمزة برنامج "الحقيقة" أنه علم بتلك المعلومات من أحد لواءات المجلس العسكرى.. وبهذا يتكشف كثيرا من حقائق المطبخ المسموم؟!

ويتعمق شفيق فى الكذب ليؤكد لمحاوره قائلاً: ستظهر كل الحقائق، ولدى كل الأدلة، مثلما قال «عبدالله كمال» خلال الثورة على الفضائيات: «إن تلك الثورة مخطط إخوانى كبير سيحاسَبون عليه، وسيتم كشفه فى حينه».. هى هى نفس العبارات التى يرددها «أحمد شفيق» اليوم، مقدماً لائحة اتهامات ملفقة لما بعد تربعه على أنفاس الشعب المصرى - لا قدر الله - ومقدماً خريطة طريق انتقام من الإخوان أصحاب الجماهيرية والشعبية الأولى فى مصر، وفق صناديق الاقتراع. «أحمد شفيق» يتهم الإخوان بأنهم قتلة الثوار فى ميدان التحرير يوم كان رئيساً لوزراء «مبارك»، وأن لديه الأدلة على ذلك، فلماذا يخفى تلك الأدلة حتى اليوم؟! أليست تلك خيانة لرئيسه وولى نعمته «مبارك»؟ لماذا لم يقدمها للرأى العام فى حينها؛ علَّه كان أنقذ بها نظام الحكم؟ ألا يعد تأخير تلك الأدلة خيانة للوطن أو خيانة لمثله الأعلى - كما يقول - «مبارك»؟ وكيف صمت حتى صدر الحكم على «مبارك» بالمؤبد ثم يخرج ليعلن أن لديه أدلة؟ أم أنه انتظر عاماً حتى يقوم دهاة النظام السابق بتكييف قضية مكتملة الأركان عبر ترهات من الأكاذيب أشبه بأكاذيب قضايا المحاكم العسكرية، التى تم تلفيقها للإخوان على مدى السنوات السابقة..؟! والطرفة المضحكة فعلاً قوله: إن الإخوان المسلمين هم النظام السابق، ثم دلل على ذلك بمشاركتهم فى البرلمانات السابقة بنسب مختلفة، ثم قوله: إن الإخوان عقدوا صفقات مع النظام السابق لنيل تلك المقاعد.. وغنى عن البيان هنا، أن د. أسامة الغزالى حرب، عضو لجنة سياسات «جمال مبارك» و«أحمد عز» السابق، أكد - للأسف الشديد - لـ«الجزيرة مباشر» كلام «شفيق»، وساق نفس أدلته، ثم أعلن فى اليوم التالى تأييده لشفيق فى الانتخابات، ويبدو أن هؤلاء السادة فقدوا ذاكرتهم، وأصيبوا بحالة عمى فى بصائرهم منعتهم من تلمس الحقائق.. فكافة الناس يعلمون أن فوز الإخوان بمقاعد فى البرلمان فى عهد «مبارك» كان لا يقدم إليهم من النظام على طبق من ذهب، وفق صفقات واتفاقات، ولكن كان يدفعون ثمنه غالياً عبر حملات بوليسية لا تقل ضراوة عن المعارك الحربية، يتم خلالها اعتقال عشرات الآلاف من قيادات وكوادر الإخوان، وحملات إعلامية كاذبة لا تقل شراسة عن حملات اليوم.. وليذكر لنا «أحمد شفيق»، الرجل الصوفى الربانى، ود. أسامة الغزالى حرب، الرجل الذى يعلِّم الطلاب فى الجامعة، طرق التحليل عبر معلومات أمينة وصحيحة، ليذكرا لنا انتخابات جرت فى عهد «حسنى مبارك» وشارك فيها الإخوان دون تعرضهم لحملات إعلامية وأمنية ضارية! إن النظام لم يدع الإخوان للمشاركة السياسية، ولم يسمح لهم بذلك، وقد حاولت بعض القوى السياسية المحسوبة على المعارضة، وهى فى حقيقتها جزء من نظام «مبارك»، حاولت إخراج الإخوان من الساحة؛ حتى يكف النظام عن تزوير الانتخابات، ولكن قرار الإخوان كان الإصرار على ممارسة حقهم الوطنى رغم أنف النظام. .. وسقط «النظام» وبقى «الإخوان». [email protected]

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

319,172