محمد موافى
07
يونيو
2012
07:39 PM


يا بنى وطنى، إلام الخلاف بينكما إلام، وهذى المعارك بينكما علامة؟ وكل حوار بين مؤيد لشفيق وصديقه المؤيد لمرسى، يكاد ينتهى بخصومة، ويملك المصريون شحنات غضب هائلة، نفثوا عن بعضها فى أيام الثورة الثمانية عشرة وما تلاها من أحداث، ولكن يبدو أن مخزون الغضب أكبر مما نتخيل، ولهذا الغضب علامات باتت واضحة، خلال السنوات الأخيرة، وانظر على سبيل المثال لا الحصر، محاولة الاعتداء بالحجارة على أتوبيس فريق دولة زائر، ثم معارك التراشق اللفظى والبصرى والفضائى، مع الصحافة الجزائرية والشعب الشقيق، ثم يكفيك مشاهدة بعض معارك الحوارى والشوارع المبثوثة على اليوتيوب، فقد تحولنا من شعب يحسب ألف حساب عند إسالة نقطة دم، إلى شعب بينه قطعان دموية، تتساهل فى إراقة الدماء، وتنتشر بينها مصطلحات (الغَز، والسنجة، وكسر العين)، وتذكرون قبل الثورة بنحو ثلاث سنوات، حينما تشاجر بلطجى واحد مع منطقة كاملة بحى الشرابية فى وسط القاهرة، وما تلا ذلك من حرقه لعشرات البيوت، بضمير مرتاح قرير العين، فهل هذه مصر التى نعرفها ونقرأ عنها فى كتابات الجبرتى وعبد الرحمن الرافعى؟، ونشاهدها حية نظيفة رائعة فى أفلام (الأبيض وأسود)؟ وهل هذه مصر التى أصابتها الفاجعة وظلت صحافتها شهورًا تتحدث عن حادثة اغتصاب لفتاة بحى المعادى، قبل أكثر من ربع قرن؟

لقد تغيرنا، لم يتغير البلطجية وحدهم، بل انتقلت النخبة المثقفة المتعلمة من خانة أدب الخلاف، واحترام الاختلاف إلى خانات التخوين والتجريح والجرى وراء الفضائح الشخصية، وأحاديث البغاء والتفتيش فى الحياة الخاصة والشخصية جدًا.

هذه الأيام نعيش مرحلة المخاض، ونتوجس من آلام الوضع، انتظارًا لمولود جديد، أسميناه (الجمهورية الثانية)، وانحصرت المنافسة بين الفريق شفيق، والدكتور محمد مرسى، وقد حصل المرشحان على عدد أصوات متشابه فى الجولة الأولى، وقواعد الديمقراطية تؤكد احترام الخصم، والرضا بنتيجة التصويت، لكن نحن قد حولناها معارك أشبه بتقاسيم وصلات ردح امرأة مجرمة، نفرش الملاءة، ونكشف غطاء الحلل، ولا نطيق بعضنا البعض.

ورأيت أمس جلسة حوار، بين مؤيد لشفيق، وآخر لمرسى، والاثنان أولاد عمومة، وبينهما نسب - كادت تتحول لعراك بكل شىء يمكن أن تتخيله، من أول قبضة اليد وحتى الرصاص الحى.

المسئولية كاملة تقع على أكتاف من اعتبرناهم قادة للرأى ومصابيح للفكر وأعمدة للثقافة، وقبلهم شيوخ الدين، بعد أن تحولنا من مجتمع يرى سب الدين خروجًا من الدين، إلى مشاهدين نرى سب الدين على الهواء مباشرة، وإذا ما غضب منا أحد لذلك، خرج سفهاء يعتلون منابر الإعلام ليدافعوا عن شموخ مكانة قامة سفيه مخرف، جعلوها رمزًا للأدب وحارة للشعر.

رحم الله شوقى، ورحم الذين كانوا يرددون بيته الذى نسيناه "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت/ فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا "وأنا أخشى يا أمير الشعراء وساحر بحوره، أن أقول لك: لقد كدنا يا سيدى شوقى أن نذهب، لو ظللنا فى الغِى معاندين.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,461