محمد موافي
19
إبريل
2012
07:00 PM



لو تولى الحجاج مسؤولية الإعلام والثقافة والفن وشؤون السياسيين واللاعبين، كان سيأتى بكل واحد ويفعل به ما فعله فى الشاعر إياه (أعشى همدان).. ولو للأسماك ذاكرة، لأخذت العظة، وركبت أمواج الحيطة، من طُعم الصياد، وتشترك مصرنا وعالمنا العربى مع السمك فى الذاكرة، وتتشابه أصنامنا التى تتصدر كل مشهد بالحرباء فى تلونها وتكيفها مع كل وضع، حتى إن بعض تلك الرموز شديد الإضاءة، موصل جيد للكذب، فتجد فلانًا على المشير يضىء، وعلى مبارك يضىء، وعلى (يسقط يسقط حكم العسكر)شغال، وعلى صدر حملة شفيق ملصوق، وفوق يافطات المستبعد عمر سليمان معلق، وللإخوان مشتاق.. يعنى كله على كله، فى زمنٍ لو نطق أبو جهل وامرأة أبى لهب لقالا نحن أبناء الثورة ونحن من طلائع الفتح التحريرى.

وللعرب الأقدمين عبارة خالدة معبرة فى كلمتين: "ألست القائل؟" يعنى كلما حاول أحدهم تغيير جلده، أسرعوا وقالوا له: "ألست القائل؟" والعبارة مبثوثة ومنتشرة فى كل كتبنا صفراء الذهب،.

وخذ عندك: كان ياما كان فى عصر بنى العباس، شاعر اسمه صالح بن عبد القدوس، من العلماء بالكلام، واشتهر بشعر الحكمة والأمثال والمواعظ، ومع ذلك تم اتهامه بالزندقة وبسب الصحابة، وألقوا القبض عليه واقتادوه للخليفة المهدى، وسمع منه الخليفة، فأعجب بفصاحته وحكمته وبراعة شعره، فأمر بتخلية سبيله.. وما إن أدار سى سيد صالح بن عبد القدوس ظهره مغادرا مجلس الخليفة، إذ يا سيدى الفاضل بالخليفة يستوقفه ويقول له: "ألست القائل: والشيخُ لا يَتْركُ أخلاقَهُ .. حتى يُوَارَى فى ثرى رِمْسه؟ فقال: بلى، فأمر به الخليفة فقُتل.

طيب ارجع لأول المقال لصاحبنا سى السيد أعشى همدان الذى خرج فى جيش يعارض الخليفة عبد الملك بن مروان وطبعا ضد الحجاج، ولما قبض عليه الحجاج وقبل أن يقول له (فين يوجعك) ظل يسأله: ألست القائل كذا.. ألست القائل كذا؟ وعدد له أشعاراً شتم فيها الخليفة.. فرد السيد أعشى: لا بل أنا القائل:

أبى الله إلا أن يتمم نوره.. ويطفئ نار الفاسقين فتخمدا

وجدنا بنى مروان خير أئمة ... وأعظم هذا الخلق حلماً وسؤددا

وخير قريش من قريش أرومةً ... وأكرمهم إلا النبى محمدا

لكن (الحجاج) كان كصديقنا أشرف عبد الشافى صاحب الكتاب الشافى المسمى (البغاء الصحفى) يعنى كان فاكرًا ومتذكرًا ومسجلاً كل مقال وبيت شعر.، فقال الحجاج: أظننت يا عدو الله أنك تخدعنى وتفلت من يدى، ألست القائل: كذا وكذا فى ذم وشتيمة الخليفة، يا حرسى اضربا عنقه.

يعنى يا سى سيد فلان ويا ست هنية فلانة، دع ودعى عنكما لومى، فإن اللوم إغراء، فلو قبلنا توبة أبى لهب، فلا يمكن أن نقبل دعواه بأنه من أوائل المبشرين بالثورة والواقفين فى وجه الفساد. وألست القائل؟

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 5 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,356