authentication required





4
محمد موافى
03
يونيو
2012
07:46 PM


عجب الناس.. وراحوا يقرأون ويحللون, ويزايدون, ويقللون, ويراجعون حكم القاضى أحمد رفعت, وأنا دائما أردد مقولة الشافعي: دع الأيام تفعل ما تشاء/ وطب نفسا إذا حكم القضاء.

وتخيلت الشافعى يرحمه الله, يراقب معنا خطبة القاضى التاريخية, لظرفها التاريخي, فكيف كان سيعلق, وأعتقد أن الشافعى لم يكن ليتطرق مطلقًا, إلى حكم الشرع, واستلهام الوقائع, وطرحها على الأعراف, ثم استنباط الحكم, بل كان سيغادر مجلسنا غاضبا, مما سمعه من لغة ركيكة, وأخطاء نحوية ونطقية كارثية, وصلت لحد الخطأ فى قراءة آيات من كتاب الله.

ومبارك نال المؤبد, وجاوره هامان, وانقضت الدعوى فى حق قارون, وأعلنت براءة كل جنود فرعون, وكنت فى سريرى, كجلمود صخر حطه السيل من علِ, وأنا أستمع لهذه اللغة, وتذكرت خطب عدد من المستشارين المحترمين, فى وقائع ما بعد الثورة, وما صاحبها من إعلان نتائج الاستفتاء, ثم الانتخابات البرلمانية بجولاتها الأربع, ثم إعلانات اللجنة العليا للانتخابات, وتساءلت:أليس خطباء مصر فى القرن العشرين كانوا من رجال القانون, فما بال القانون, يضن علينا باللغة العربية, وإذا كان هذا هو مستوى النحو والصرف والقراءة عند رجال بقامات مرتفعة, فما حالنا نحن الذين نمشى خبط عشواء.

كانت الجلسة على الهواء, وكان الهواء منتشرًا فى فضاء العالم العربى كله, وكان العرب يتابعون مندهشين أن هذه محكمة مصرية, وأن هذا هو حال لغة المصريين, لدرجة أن أكثر الأخبار من حيث عدد القراء فى موقع قناة العربية كان عنوانه "قاضى مبارك يخطئ ثلاث مرات فى قراءة آيات قرآنية".

نحن فى أزمة, سيعتبرها البعض من رفاهية الكتاب والصحفيين, وسأؤكد لسيادتك أنها أزمة خطيرة, فحينما يخطئ أى مواطن مهما بلغت وظيفته فى اللغة أو فى كتاب الله تعالى, يمكن تنبيهه ومراجعته, ونصيحته, أما لو كان هذا المواطن, هو ضمير الأمة, وقاضيها الجالس ومن ورائه ميزان العدالة, فالمشكلة كبيرة.

أعادتنى أخطاء القراءة واللغة فى خطبة المحكمة, لمأزق صياغة القوانين والدساتير, فبسبب كلمة واحدة, ليس لدينا حتى هذه الساعة دستور واحد, يوحد ربنا, فوفقا للإعلان الدستورى جاءت عبارة "ينتخب أعضاء البرلمان لجنة صياغة الدستور" ثم دخلنا فى جدل"ينتخب"هل ينتخبون منهم أم من غيرهم؟, لدرجة أنى عدت لمعاجم اللغة للوقوف على معانى مادة"نخب".. وتساءلت يومها: لماذا لا تكون اللغة العربية مرجعًا تفسيريًا لما تشابه علينا من ألفاظ, ولماذا لا يتم عرض كل القوانين ومواد أى دستور على فقهاء لغة, أو حتى مراجع لغة محترم كمراجع جريدة "المصريون", يزيل عنها ما قد يتشابه ويلتبس, بدلا من أن نلبس عمامات التخبط والسفسطة.

تعليقى فقط على خطبة القاضى, وأنا لا أملك التعليق على الحكم, ولو علقت لغضب أصدقائي, فرأيى المتواضع أن القاضى قد حكم بما توافر لديه من أوراق وأدلة, وأنا مقتنع أنه لم يملك إلا أن يطبق قواعد القضاء على الورق, وأنه, أمام قضية مهلهلة, فلا حكم غير البراءة, بل إن خبراء قانون عديدين توقعوا براءة الجميع, وفقا لوقائع القضية.

كان الله فى عون القاضى فى حكمه, وكان تعالى فى عون آذاننا العنيدة أمام كل خطأ لغوى.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,442