تحصين البيت من الجن والشيطان
-----------------------
الإيمان
الجن والشياطين
-----------------------
بهجت بن يحيى العمودي
الطائف
الأمير أحمد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- كيد الشيطان بالأسرة المسلمة. 2- أذكار تحصن البيت المسلم. 3- قراءة سور القرآن. 4- تطهير البيت من المعازف والغناء. 5- تطهير البيت من التصاوير. 6- وسائل أخرى تحمي البيت المسلم من كيد الشيطان.
-------------------------
الخطبة الأولى
عباد الله، إن الله لطيف بعباده، يحب لهم كل خير ويكره لهم كل سوء، وإنه حذّرنا من أعداء لنا من أهمهم وعلى رأسهم إبليس أخزاه الله، ولكننا غفلنا عن هذه الفريضة الربانية عداوة الشيطان، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، فلم يتخذه كثير من الناس عدوًا، بل جعلوه حبيبًا ناصحًا لهم، وفي مجالسهم مسامرًا، وفي طرقاتهم رفيقًا، فتحوا له أبواب قلوبهم قبل أبواب دورهم، أرضوه بمعصية ربهم، ولم يغضبوه بفعل منكراتهم، فصار لهم وليًا، إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ [آل عمران:175]، إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، وقال تعالى محذرًا من اتخاذه وليًا: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً [الكهف:50]. فزادهم رهقًا ووهنًا، مع علمنا أن ربنا أخبرنا بضعفه وعجزه، فقال تعالى: فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء:76].
ولكنهم ببعدهم عن هدي ربهم ورضاهم بوسوسته ووصيته لهم بالسوء صاروا في ضلال عن الهدى، ووقعوا بغيّهِ في مهاوي الردى، قال تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121].
وبعد هذا العرض ـ أحبتي ـ وددت أن أذكر لكم حصونًا من الأذكار النبوية الصحيحة المأثورة عنه ، التي أرشدنا إليها نبينا عليه الصلاة والسلام، وهو الذي كان بالمؤمنين رحيمًا، حتى تحفظنا بإذن ربنا في بيوتنا وأهلنا وذرياتنا، ونكون بذلك قد أرضينا ربنا، واتبعنا سنة نبينا ، وخالفنا عدونا إبليس عليه لعنة الله، وحافظنا على إيماننا من الخلل والتوكل على غير الله، واعتقاد الضر والنفع بغيره سبحانه جل في علاه.
وتحصين البيت أساس مهم؛ إذ فيه الأب والأم والأولاد والبنات، ولأنه أهم أمرٍ يحرص الشيطان على هدمه وإزالة المودة بين سكانه وبث البغضاء والشقاق فيه، مما يؤدي إلى الفرقة بين الزوجين وضياع الأخوين وفساد كبير لكلا الطرفين، فيكون بذلك هدم للمجتمع الذي ينطلق من الفرد ثم الأسرة. فعودًا على بدء ـ أحبتي ـ ارجعوا إلى حياض ونبع دينكم: الكتاب والسنة، وطبقوها في بيوتكم وأنفسكم تفلحوا بإذن ربكم.
وأول هذه الحصون ذكر الله عند دخول البيت، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى ربنا توكلنا، ثم يسلم على أهله)) رواه أبو داود، وقال الألباني في تخريج الكلم الطيب: "إسناده صحيح".
2- التسليم على الأهل، قال النووي رحمه الله: "يستحب أن يقول: بسم الله، وأن يكثر من ذكر الله تعالى، وأن يسلم سواء كان في البيت آدمي أم لا، لقوله تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61]".
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك)) رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح"، وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل)) وذكر آخرهم: ((ورجل دخل بيته بسلام، فهو ضامن على الله سبحانه وتعالى)) رواه أبو داود بإسناد جيد.
قال النووي: "ضامن على الله تعالى أي: صاحب ضمان، والضمان الرعاية للشيء، معناه: أنه في رعاية الله" اهـ. ولا أجمل ـ أحبتي ـ من هذا العطاء، أن يظل الرجل في رعاية الله.
3- ذكر الله عند الطعام والشراب، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ((إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان: أدركتم المبيت والعشاء)) رواه مسلم.
تأمل ـ أخي ـ فضل ذكر الله تعالى عند دخولك وأكلك وشربك، تأمل معي هذا الحديث وانظر إلى كثير من الناس في زماننا هذا حينما يدخل وهو يغني، أو يدخل ويسب ويشتم، فاحذر ـ أخي ـ الغفلة، وكن ذاكرًا لربك.
4- كثرة تلاوة القرآن في البيت، وبالذات سورة البقرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان))، وفي رواية أخرى صحيحة قال النبي : ((وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)).
الله أكبر يا أمة القرآن، يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، كم هي غفلتنا عن القرآن قراءة وحفظًا وتدبرًا وتحاكمًا واستفتاءً وتعبدًا، ولتعلم ـ أخي ـ أن بقراءتك للقرآن كما أن الشيطان يفرّ من بيتك فكذلك الملائكة تدنو من بيتك، وقد حصل ذلك لأسيد بن حضير كما صح من حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم.
5- تطهير البيت من صوت إبليس، قال تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [الإسراء:64]، قال مجاهد : "صوت الشيطان الغناء"، وقال رسول الله : ((ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)) رواه البخاري.
وأورد ابن القيم في إغاثة اللهفان لابن ماجه بسند صحيح عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله أنه قال: ((ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويُعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم قردة وخنازير)).
قال أبو حنيفة: "الغناء فسق"، وقال مالك عندما سئل عن الغناء: "إنما يفعله الفساق"، بل ترد شهادته كما ورد ذلك عن الشافعي للمستكثر منه.
وبعد: فقد تبين لك ـ أخي المسلم ـ حرمة الغناء، وأنه صوت الشيطان، وسيجتمع جنوده في بيتك، وسيعيثون فيه فسادًا، وسيوقعون فيه الشقاق والفرقة، فطهّر بيتك ـ يا عبد الله ـ من هذا الغناء المؤدي بك إلى الهلاك والدمار، وأبدله بتلاوة كتاب ربك المنان، فلا يجتمع صوت الرحمن وصوت الشيطان.
6- تطهير البيت من الأجراس والكلاب، والتي هي على صوت ناقوس الكنيسة، وهو صوت متقطع بين فترتين معروف، ولا يدخل في ذلك جرس الهاتف وأجراس البيوت، إلا إذا كانت على نفس صوت ناقوس الكنائس أو الجرس الموسيقي، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ((الجرس مزامير الشيطان)) رواه مسلم، وقال : ((لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس)) رواه مسلم. وينقص من أجر من اقتنى كلبًا، ما لم يكن كلب صيد أو ماشية.
7- تطهير البيت من التصاليب؛ لأنها شعار النصارى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه. رواه البخاري.
8- تطهير البيت من التصاوير والتماثيل التي تمنع من دخول الملائكة، ويقصد بالصور والتماثيل التي لها روح، أما ما ليس له روح كصورة شجرة أو بحر أو غيره فلا حرج في ذلك، إذ بخروج الملائكة من البيت تدخل الشياطين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تماثيل أو تصاوير)) رواه مسلم.
واعلم ـ أخي المسلم ـ أن التحريم عام شامل لجميع أنوار الصور، إلا ما كان لحاجة ضرورية، كصورة بطاقة التعريف، فهي مرخّص فيها للحاجة.
-------------------------
الخطبة الثانية
- الإكثار من صلاة النوافل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا)). ومن المعلوم أن المقابر والفلوات والأماكن الخربة مساكن الشياطين، فكأنه يريد منا أن نجعل لبيوتنا قسطًا من صلاة النافلة لطرد الشياطين منها.
10- الكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة، من المعلوم أن الشيطان يريد أن يهدم المجتمع المسلم، فهو يكيد له ويدبر ويخطط، ومن هذه الخطط تقويض عرش الأسرة المسلمة؛ لأنها هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، قال رسول الله : ((إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه ويقول: نعم أنت))؛ وذلك لأن التفريق بين الزوجين هدم للمجتمع من أساسه، وهذا هدف للّعِين.
11- تحصين الأهل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله قال: ((إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادمًا فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه)).
12- تحصين الأولاد من الشيطان، فعلى المسلم أن يقول عند إتيانه لزوجته: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه لو قضي بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا، كما صح بذلك الحديث عند البخاري.
والأذان طارد للشيطان، فيستحب أن يؤذن في أذن المولود عند ولادته لما صح عن الرسول فعله.
13- تحصين الأولاد من الهوام والحسد بأن تجمع أولادك في الصباح والمساء وتمسح على رؤوسهم وتقول هذا الدعاء: أعيذكم بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 126 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,237