-----------------------
الأسرة والمجتمع, فقه
الأبناء, النكاح
-----------------------
عبد الكريم بن صنيتان العمري
المدينة المنورة
جامع الصانع
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- نعمة الأولاد. 2- للأولاد على آبائهم حقوق كثيرة. 3- من آداب تسمية المولود.
-------------------------
الخطبة الأولى
الأولاد نعمة عظيمة يمنّ الله تعالى بها على الوالدين، فبهم تقرّ أعينهم، وبهم يأنسون في حياتهم، وهم رافد يتدفّق بالأجر ويفيض بالرحمة، إذا أحسن الوالدان تربيتهم وتنشئتهم نشأة صالحة فإنهم مصدر سعادة للمرء في حياته وبعد مماته.
غير أن على الأب مسؤوليةً عظيمة تجاههم، بالعناية بتربيتهم، وحفظهم من كل ما يصرفهم عن الطريق الصواب والجادة الصحيحة، حتى يكونوا قرة عين لوالديهم؛ لذلك فإن حق الأبناء على آبائهم من الأمور التي حثّ عليها الشرع وألزم الآباء القيام بها، وهي حقوق كثيرة، ومنها تسمية الولد، وقد أعطى الإسلام هذا الجانب عناية خاصة وأولاه اهتمامه، ويجدر بنا أن نقف مع الآداب المتعلقة بالتسمية هذه الوقفات:
الوقفة الأولى: أن الاسم وسيلة ورمز يدلّ على صاحبه، ويمكن لأي واحدٍ أن يتعرف على شخصٍ ما من خلال اسمه الذي سُمي به، فالأسماء أعلام على مسمياتها، وضعت للتعريف بها وتمييزها عن غيرها، وتختلف معانيها ودلالتها بحسب اللفظ الذي وضع لها، وهي بحسب ما تتضمنه من المعاني وما يمكن أن يلحظه المنادي بها قد توحي للمسمَّى بها بمعنى من المعاني، فقد يكون له من اسمه دلالة ومعنى، كما قيل:
وقلَّ ما أبْصَرَت عَيْنَاك ذَا لقبٍ… إلاَّ ومَعْناه إن فكَّرتَ في لقبه
والله سبحانه وتعالى بحكمته في قضائه وقدره يُلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها لتناسب حكمته تعالى بين اللفظ ومعناه، كما تناسب بين الأسماء ومسمياتها، ونقل ابن القيم رحمه الله عن ابن جِنِّي من علماء العربية أنه كان يقول: "لقد مرّ بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه، ثم أكشفه، فإذا هو ذلك بعينه أو قريب منه"، قال ابن القيم: "فذكرت ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: وأنا يقع لي ذلك كثيرًا، وقد قال : ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها)) متفق عليه، ولما أسلم وحشي قاتل حمزة وقف بين يدي النبي فكره اسمه وقال: ((غيّبْ عني وجهك، لا أراك)) رواه البخاري.
فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها، وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها، وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام، وما سُمي رسول الله محمدًا وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه، وهو أعظم الخلق حمدًا لربه".
الوقفة الثانية: وقت التسمية، والأمر في ذلك واسع، فيجوز أن يسمى يوم ولادته، أو بعد ثلاثة أيام، أو أن يؤخر إلى اليوم السابع، ويجوز قبل ذلك وبعده، فعن سمرة قال: قال رسول الله : ((كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويُسمّى فيه، ويُحلَق رأسه)) رواه أحمد وأبو داود، وعن أنس أنه قال: ((ولد لي الليلةَ غلام، فسميته باسم أبي إبراهيم)) رواه مسلم.
والوالدان هما اللذان يختاران اسم مولودهما، فلو قدِّر اختلافهما في ذلك فإن التسمية من حقّ الأب؛ لأنه ينسب إليه ويُدعى لأبيه، قال تعالى: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:5].
فلو سماه غيرهما كالجد أو الأخ أو الخال أو العم أو أي شخص آخر صح ذلك، فقد كان المصطفى يسمي أبناءَ أصحابه رضي الله عنهم.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن تسمية المولود مشروعة أيضًا لو مات قبل أن يُسمّى، وكذلك لو خرج ميتًا من بطن أمّه قبل تمامه وهو مستبينُ الخلق، وهو ما يعرف بالسّقْط، فقد قال جماعة من العلماء باستحباب تسميته، فإن لم يتبيَّن أذكر هو أم أنثى سُمي باسم يصلح لهما، قالوا: لأنهم يدعون يوم القيامة بأسمائهم، فتستحب تسميتهم.
الوقفة الثالثة: أن يكون الاسم حسنًا، فلا يُسمى باسم قد يُعيَّرُ به عند كبره، أو يحصل له به شيء من الأذى أو المضايقة، فيختار أحسن الأسماء، وأحسنها عبد الله وعبد الرحمن، وهما أحب الأسماء إلى الله تعالى، قال : ((إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن)) رواه مسلم.
ثم ما كان مُعبَّدًا لله تعالى من الأسماء الثابتة لله جَلَّ وعز، فإن التسمية يُدركُ المسمى بها عند كبره أنه عبدٌ لخالقه جل وعلا، وأن لفظة العبودية ملازمة له، فيؤدي ذلك إلى شدة تعلقه بربه وقوة صلته به.
ثم التسمية بأسماء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وقد قال : ((تسمَّوا باسمي)) متفق عليه، وسمَّى ابنه باسم أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام. رواه مسلم. وسمى ولدًا لعبد الله بن سلام بيوسف. رواه أحمد.
وكذلك التسمية بأسماء الصحابة والعلماء والصالحين، أو يكون اسمًا حسنًا لائقًا بصاحبه الذي يحمله، وقد جاء في الحديث أنه أمر بتحسين الأسماء، فقال: ((إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم)) رواه أحمد.
الوقفة الرابعة: تحرم التسمية بالأسماء المعبّدة لغير الله تعالى كعبد النبيّ وعبد الرسول ونحوهما، وكذا التسمي بأسماء الله الخاصّة به، أو التسمية بأسماء اليهود والنصارى وسائر الكفار والطغاةِ وأئمة الكفر والإلحاد، كما تُكره التسمية بالأسماء التي تدلّ على التزكية، فعن أبي هريرة أن زينب رضي الله عنها كان اسمها برّة، فقيل: تزكّي نفسها، فسماها رسول الله زينب. متفق عليه.
وغيَّر اسم المدينة، كان اسمها يثرب، فسماها طيبة، وكان يكره تسميتَها (يثرب) كراهة شديدة، وإنما حكى الله تعالى تسميتَها (يثرب) عن المنافقين، قال تعالى: وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا [الأحزاب:13].
كما نَهى عن التسمية بأسماء أخرى، فعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله : ((لا تُسمّيّن غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلَح، فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون)) رواه مسلم.
وكلّ من سمِّي باسم قبيح أو اسم يكرهه ورأى أن المصلحة تقتضي أن يغيِّره فله ذلك؛ لما ثبت عنه أنه غيَّر أسماء تحمل معاني مستكرهة، فقد غيّر اسم (حرب) إلى (حسن وحسين)، وقال لرجلٍ: ((ما اسمك؟)) فقال: حزَنَ، فقال: ((بل أنتَ سهل)) رواه البخاري.
ومتى ما قُصد تغيير الاسم فإنه ينبغي مراعاة تقارب الألفاظ بين الاسم المغُيَّر والاسم الجديد، حتى يكون ذلك أسهل في معرفته وأقرب إلى النطق به، وذلك مأخوذ من أسلوبه في تغيير الأسماء.
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 59 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,126