-----------------------
الأسرة والمجتمع, فقه
الأبناء, النكاح
-----------------------
عبد الكريم بن صنيتان العمري
المدينة المنورة
جامع الصانع
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- حث الشرع على النكاح لما فيه من المصالح وتحريم السفاح لما فيه من المفاسد. 2- من مقاصد النكاح العظيمة تكثير النسل. 3- كراهية الزواج من العقيم لغرض سيئ. 4- ترغيب الإسلام في طلب الأولاد. 5- وجوب العناية بتربية الأبناء. 6- الترغيب في تكثير النسل شامل للذكور والإناث. 7- مزايا تربية البنات في الإسلام.
-------------------------
الخطبة الأولى
روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) رواه أحمد وابن حبان.
لقد اهتمّت الشريعة الإسلامية بالنكاح أبلغَ اهتمام، وعُنيت به أعظم عناية، وذلك لما له من مكانة مهمة في حياة الفرد والمجتمع، وحرَّمت السفاح ونهت عنه، وشدَّدت في عقوبته، وزجرت مرتكبيه؛ لما فيه من الخطر والفوضى وتداخل الأنساب بين بني الإنسان.
وفي هذا الحديث توجيه منه لأفراد أمته بحثهم على النكاح، إعفافًا لأنفسهم، وصونًا لهم عن الوقوع في المحرم، وطلبًا لما يترتب على ذلك من حصول الولد، وقد وجه القرآن الكريمُ إلى هذا، قال تعالى:
فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُم [البقرة:187]، قال العلامة الشوكاني رحمه الله: "أي: ابتغوا بمباشرة نسائكم حصولَ ما هو معظَم المقصود من النكاح وهو حصول النسل".
وفي حديث أنس هذا دعوة منه إلى تكثير النسل ليباهي به: ((فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)).
وكره عليه الصلاة والسلام الزواج من العقيم ولو كانت ذات حسب ونسب، يدل على ذلك هذا الحديث، فقد روى معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: ((لا))، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: ((تزوجوا الودود الولود)) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما.
فقد بين النبي لهذا الخاطب الحكمة من نهيه عن الزواج بالعقيم، بأمره له ولغيره من المسلمين بأن يتزوجوا الودود الولود، وهي المرأة ذات الود والحب لزوجها، اللطيفة في تعاملها معه، التي تلد كثيرًا، وأكد على هذه الصفةِ وأَبرَزَها لكونها أهم المقصود، ((فإني مكاثر بكم الأمم)).
ولا بد من التنبيه هنا على أن ما ورد في هذا الحديث من النهي عن نكاح العقيم للعلماء فيه كلام، وهو أنه ينبغي أن لا يؤخذ هذا على أنه نهي تحريم، بل إما أن يكون للكراهة، بأن يقتصر الرجل على الزواج بها وقصده من ذلك كراهة إنجاب الأولاد، وقد يحرم ذلك عليه؛ لأن التناسل وكثرة الولد من أهم مقاصد النكاح، وإما أن لا تكون هناك كراهة للزواج من العقيم، بل يستحب له أن يتزوجها إذا قصد إعفافها، وكان عنده غيرها من الزوجات اللاتي ينجبن الأولاد، ولو حُمل نهي الرسول على التحريم في كل حال لبقيت العقيم محرومةً من الزواج الذي يحصل به صونها وإعفافها، وليس ذلك من مقاصد الشريعة.
لقد رغب الإسلام في طلب الأولاد، وذلك لما يحصل بهم من الخير والنفع العظيم في الحياة وبعد الممات، فالولد الصالح يدعو لوالديه، ويترحم عليهما بعد مماتهما، فينفعهما ذلك، وترفع درجاتهما بسبب دعاء الأولاد، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله من الدنيا إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، قال العلماء: إن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له، إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها، فإن الولد من كسبه.
وفي مسند أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنى هذه؟! فيقول: باستغفار ولدك لك)).
ولن يتأتى ذلك إلا بالعناية التامة بالأولاد منذ نشأتهم، والعمل على تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، وحفظهم ومراقبتهم، فمتى ما تعاهد الوالد ولده وغرس في نفسه حب الخير وأدبه بآداب الإسلام الفاضلة وتعاليمه النيرة قرت به عينه، واطمأن عليه، ونفعه حيًا وميتًا، فإحسان التربية للولد منذ نشأة الأسرة وتكوينها أمر لا بد منه، مصحوبًا بدعاء الله له بالصلاح والاستقامة، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان: 74].
إن حث الإسلام على طلب الأولاد وتكثيرهم ليس مقصورًا على الذكور منهم، بل إن ذلك عام يشمل الذكور والإناث، وجعل الإسلام للبنات مزيةً انفردن بها عن الذكور، فإن الله تعالى لما ذكر أقسام الخلق بدأ بالإناث، قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49،50]. قال واثلة بن الأسقع : (إن مِن يُمنِ المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر؛ لأن الله تعالى بدأ بالإناث).
ومما يدل على أنَّ للبنات مكانة خاصة ومنزلة هامة ما ورد من الأحاديث الصحيحة الدالة على حصول الثواب العظيم والأجر الجزيل لمن ربَّى بناته تربية حسنة، وصبر عليهن، وأنفق عليهن بالمعروف، حيث ينال جزاء ذلك وهو دخول الجنة، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : ((من عال ابنتين أو ثلاثًا أو أختين أو ثلاثًا فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة)) رواه الترمذي، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((من ابتُلي من البناتِ بشيءٍ فأحسن إليهن كنَّ له سترًا من النار))، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو)) وضم أصابعه. رواه مسلم. وهذا تكريم منه للبنات، مَيَّزَهُن به عن الأولاد، وخصَّهن به.
وبذلك يتبين خطأ الاعتقاد السائد بين كثير من الناس من كراهتهم وتسخطهم وتضايقهم حين يرزقون بالإناث، وذلك لجهلهم بالأحاديث الواردة في فضل البنات، فإن كراهتهن من العادات المتأصلة في الجاهلية، حيث كانوا يسأمون من ولادتهن، قال تعالى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58،59].
وقد جاء الإسلام فأبطل ذلك كله، وبين فساده وسوءه، وأوضح أن البنات كلهن خير، إذا اتقى الوالد الله فيهن، ورباهن التربية الإيمانية، ورعاهن رعاية صالحة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((ما من مسلمٍ يكون له بنتان فيحسن إليهما ما صحبهما وصحبتاه إلا أدخلتاه الجنة)) رواه ابن ماجه، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((من كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدتِه كنَّ له حجابًا من النار)) رواه أحمد.
والمرء لا يدري، فلعل الله تعالى قدَّر الخير عندما رزقه بهذه البنت، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، فالبنات قد يكنّ رافدًا من روافد الخير لأهلهن، وقد كان الإمام أحمد رحمه الله إذا ولد له ابنة يقول: "الأنبياء كانوا آباء بنات".
إن على المسلم أن يرضى بقضاء الله، فيشكره على ما وهبه من الولد ذكرًا كان أو أنثى، فكم من الناس يتمنى الولد وقد حُرم منه، فإن الأولادَ ذكورًا أو إناثًا نعمة عظيمة، لا يعرف قدرها إلا من حُرمها.
وقد يفتح الله تعالى للأب بهذه البنت أبوابًا وطرقًا من الخير والسعادة، فكم من فتاة مستقيمة ملتزمة جلبت السعادة والهناء لأسرتها ومجتمعها، وكم من ولد عاق منحرف أدمى قلبي والديه وزُج به في غياهب السجون، وجلب لأسرته التعاسة والشقاء، ولمجتمعه الشر والبلاء، فتقبل ـ أخي المسلم ـ ما وهبه الله لك بنفس راضية مطمئنة، واشكر الله تعالى على ذلك، يحصل لك الأجر والثواب من المنعم جل في علاه.
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,194