5
 هشام النجار
29
إبريل
2012
07:33 PM


الذين يدافعون عن عادل إمام وعن حريته كمبدع، لماذا لم نسمع لهم صوتاً دفاعاً عن الإبداع الحقيقى الذى يعكس هموم الناس ويعبر عن وجدانهم، عندما كانت تغتاله رقابة النظام السابق على المصنفات الفنية؟ رقابة مبارك وفاروق حسنى لاحقت كتاباً ومبدعين وفنانين انحازوا لقضايا الأمة وحاولوا إيقاظ وعى المصريين على طريق التحرر من الاستبداد والديكتاتورية، لم نسمع لمن ينوحون على عادل إمام اليوم حساً ولا ركزاً ساعتها، فضلاً عن المبدعين والمثقفين الإسلاميين، فملفهم متخم ومن الصعب استقصاؤه هنا، لاحق حسنى مبارك مستخدماً فاروق حسنى ورقابته بعض مسرحيات يسرى الجندى وجلال الشرقاوى التى انتقدت سياسة أمريكا وإسرائيل وتناولت الواقع السياسى بالنقد وعبرت عن هموم الناس، ومنعوا على سبيل المثال لا الحصر نصاً مسرحياً عنوانه: "الشعب لما يفلسع"، لمحمود الطوخى، لأنه يتناول علاقة الشعب بالحاكم الظالم، ومنعوا فيلم: "مؤذن الكيت كات"، لمنير راضى، لأنه يرسخ لفكرة الثورة على الظلم ويحرض على استعادة الحقوق وتحرير المقدسات بطريقة سلمية، أين كان صوت خالد يوسف وحسين فهمى.. إلخ، ممن يدافعون عن عادل إمام اليوم ويهتفون "يسقط حكم المرشد"؟

سمعت أحدهم فى إحدى الفضائيات مدافعاً يتحدث عن عادل إمام المبدع الكبير ورمز العرب والكوميديان المبهر، وهذا كذب ودجل رخيص، فليست هناك علاقة بين ما قدمه عادل إمام بفن الكوميديا وفن الإضحاك الذى يُعرى أمام الناس الحقائق ويزيد من وعيهم بواقعهم ويخفف عنهم آلامهم بإضحاكهم على هذا الواقع وتعرية عيوب مجتمعهم وساستهم، وعادل إمام لم يكن يُعرى إلا النساء المشتركات معه فى الفيلم أو المسرحية ويضربهن على مؤخراتهن، مع كثير من النكت البذيئة والإشارات الجنسية التى لا تعرض عادة فى المجتمعات الراقية على جمهور الفن، وإنما تقدم فى الخفاء لروادها فى المواخير والكباريهات، بما يعرف عند النقاد بـ"الكيتش"، وهى لفظة ألمانية مرادفة للخلاعة والميوعة أطلقها النقاد فى عصر الانحطاط الفنى. المضحك والمثير للشفقة أنهم يتحدثون عن حرية الإبداع اليوم ويطالبون بحماية مكتسباتهم من العهد البائد!! وأتساءل: هل كان هناك حرية إبداع فى ظل نظام مبارك؟

هذه كذبة كبيرة أخرى؛ لأن النظام الديكتاتورى السابق قمع واضطهد واستبد فى كل المجالات وهيمن على مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وكما كان له خدامه وجنوده فى بلاط السياسة، كان له خدامه وجنوده فى الفن والثقافة، وعادل إمام كان من أكبر خدام النظام السابق فى بلاط الفن بلا شك، ولم يكن يوماً مبدعاً حراً ولم يقف يوماً فى صف المستضعفين، إنما كان على الدوام فى صف السلطة الغاشمة، يأكل من خبز السلطان ويضرب بسيفه.

النظام السابق حاصر المبدعين الحقيقيين وضيق على الكلمة الحرة الشريفة والفن النظيف وأصحاب الرؤى البناءة، وفى المقابل أطلق يد خدامه لهدم قيم المجتمع وإفساد الشباب وتغييب الوعى بما يخدم الأجندة السياسية ويتواءم مع استراتيجية النظام الحاكم فى الحفاظ على السلطة ويتناسب مع تحالفاته الخارجية.

ينتفضون دفاعاً عن عادل إمام، وكانوا يفعلونها دفاعاً عن راقصة درجة ثالثة تطلق على نفسها لقب "فنانة"، لأن هناك حرصًا شديدًا على إبقاء الواقع الثقافى والفنى فى مصر كما هو، دون تغيير ودون إصلاح ودون تطهير، وهناك خوف حقيقى لدى القائمين على السينما والمسرح فى مصر من انقراض الخلاعة والتعرى والقبلات الساخنة والرقص الفاحش من مصر؛ فهذا هو سوقهم الذى يخشون عليه من وافد جديد يسعى لتطهيره وتنظيفه، وتلك هى بضاعتهم الوحيدة التى اعتادوا أن يسرحوا بها فى هذا السوق، وما حدث بالفعل فى قضية عادل إمام الأخيرة تهديد حقيقى قد يؤدى لكساد بضاعتهم

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,389