-----------------------
الرقاق والأخلاق والآداب
الآداب والحقوق العامة
-----------------------
عثمان بن جمعة ضميرية
الطائف
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- الإنسان مخلوق مفطور على الجماعية. 2- شرائع الإسلام موافقة لفطرية الجماعة عند الإنسان. 3- ضرورة اختيار المرء لمن يخالطه ويحبه. 4- التحذير من أصحاب السوء والأمر بصحبة المؤمنين. 5- التركيز على تربية البنات والاهتمام بصحبتهن ورفقتهن.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد :
أيها المسلمون: إرادة الله تعالى أن يجعل في هذا الإنسان نزوعا إلى مخالطة الآخرين والعيش معهم ، فجعله تعالى اجتماعيا بطبعه لا يستطيع أن يعيش بمفرده منعزلاً عن الآخرين ، ولو استطاع ذلك فرد واحد لما استطاع سائر الناس أن يتابعوه على ذلك، هذا في أمور الدنيا وحوائجها ، فضلا عن أمور الدين والشريعة ، إذ من فرائض الإسلام وأحكامه ما لا يمكن تأديته إلا بالمخالطة مع الناس وتعاونهم كصلاة الجماعة والجمعة والعيدين وتشييع الجنائز وعيادة المريض وتعلم أمور الدين وتعليمها .
وإذا كان هذا أمرا واقعيا وضرورة حتمية ، فإن من واجب العاقل أن يعرف من يخالط ويقارن فيختار لذلك صحبة طيبة صالحة تذكره بالله إذا نسي ، وتقوّم اعوجاجه إذا اعوج وتنصح له إذا استنصحها ، إنها العلاقة التي تقوم على أساس الحب في الله والبغض في الله فالمسلم لا يحب الشخص إلا لطاعته لربه ومسارعته لمرضاته ، ولا يبغضه إلا لعصيانه ومخالفته أمر ربه ، وكلما اشتدت محبة المسلم لربه اشتدت محبته لأحباب الله حتى تصير موالاة ونصرة وذبا عنهم بالنفس والمال.
وما دام المسلم يحب في الله ويبغض في الله فمن البديهي أنه يختار للصحبة والرفقة أناسا مطيعين لله قائمين بحقوق العبودية له ، فهم نعم الرفيق له ونعم الإخوة ، يشتد ارتباطه بهم ، ويعتز بهم ويحافظ على أخوتهم ، ويرفض مصاحبة وموادة العصاة والفساق المعرضين عن لله والمستهترين بدينهم وخلقهم (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا .
وإن أخوف ما يخافه المرء صحبة شريرة تصده عن ذكر الله وتبعده عن الطريق القويم ، وتجعله في متاهات الضياع والأخلاق الفاسدة الهابطة ، ولا عجب إذن أن تكثر في هذا توجيهات الإسلام وتحذيراته من قرناء السوء ورفاق الشر والفساد ، قال تعالى: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً .
وقال أيضا: قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد . وقال تعالى: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .
وفي توجيهات النبي وهديه ما يحث على هذا: (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )) ، وقال عليه السلام محذرا: (( إياك وقرين السوء فإنك به تعرف )) (ضعيف) .
وإذا كان الأمر كذلك فينبغي الابتعاد عن البيئة الموبوءة الفاسدة كي لا يتعدى الفساد إلى الأبرياء قال : (( لا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره )).
وأمر الرسول أن لا يصاحب الإنسان إلا مؤمنا صالحا فقال : ((لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي )).
ولا نجد أبلغ في التعبير وأدق في التصوير من قوله تعالى في تصوير أثر البيئة في تربية الطفل وتنشئته: والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذين خبث لا يخرج إلا نكداً .
وكم كنا نجد من الأولاد والشباب والكبار أناسا عفت ألسنتهم عن البذيء وعفت جوارحهم عن الأثام واستقامت أخلاقهم وسلوكهم ، حتى إذا ما قيّض للواحد منهم صاحب الشر والميوعة والانحلال تأثر به لا محالة وانحرف معه وإن كان لا يريد في أول أمره انحرافا ، ولكن الصحبة لابد أن تؤثر والصاحب كما يقولون ساحب .
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وإن عشرة السوء تفسد الأخلاق الحميدة .
وشتان بين عشرة السوء ورفقة الخير فيما تأتي به كل واحدة منهما ، وقد شبه النبي الصاحب الخير ببائع المسك، والشرير بنافخ الكير ، فقال: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك) أو تشتري منه أو تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة )).
فما أجدرنا أن نبحث لأنفسنا عن صحبة مؤمنة صالحة ليكتسب كل واحد منها ما ينمي شخصيته ويقومها ، من الإيمان المشرق والعلم النافع والأدب السامي والخلق القويم والرفيع ، ولتكن هذه الصحبة ملازمة لكل الأحوال والأطوار ، صحبة طيبة في الحي أو البلد، وصحبة طيبة في المدرسة وفي العمل وفي المسجد وفي الرحلات والأسفار .
فيا أخي المسلم :
تمسك إن ظفرت بذيل حر فإن الحر في الدنيا قليل
وإذا كان الولد شديد التأثر بالبيئة التي حوله وبالرفقة الصالحة أو السيئة ، فإن البنت أشد تأثرا بذلك لما جبلت عليه من عاطفة فياضة وبما تتأثر به من أمنيات ومغريات وبما تنساق إليه من فتنة المدنية الحديثة وزينة الحياة الدنيا ومظاهرها الخادعة ، فسرعان ما تتنكب عن الحق وتتكيف مع البيئة ، وتميل مع الهوى وتجاري التيار بدون رادع من دين أو زاجر من ضمير أو احتكام لعقل أو نظرة للعواقب .
ولأجل هذا وجب على المسلم أن يكون أكثر اهتماما بالبنت من الذكور مخافة أن تتزعزع في إيمانها أو تتحلل في أخلاقها أو أن تنزلق في متاهات الرذيلة .
وإذا ما تهيأ لأولئك الأولاد جميعا من الذكور والإناث ملاحظة واعية مستمرة من الوالدين وتربية قويمة لأخلاقهم ، وصحبته طيبة صالحة مؤمنة ، فإننا نرجو بذلك أن يكونوا من الأثر الباقي للإنسان بعد موته: (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ))
ولعل هذا أيضا سبيلا للنجاة من النار: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فيا فوز المستغفرين استغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 53 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,762