د. رفيق حبيب | 08-02-2012 14:23

من توابع زلزال الثورة الشعبية، حدوث حالة انفلات شعبى عام من قطاعات ليست بقليلة من المجتمع، أهم مظاهرها حالة الإضرابات والاعتصامات، وأيضا حالة الخروج على النظام والقانون، وانفلات تصرفات الناس فى الشارع العام. وتلك الحالة فى حد ذاتها، تمثل واحدة من المخاطر التى تواجهها الثورة، خاصة إذا أضيف لها حالة العنف التى أصابت العديد من المنتمين إلى الروابط الرياضية، وحالة العنف التى ظهرت فى العديد من المظاهرات، وأيضًا حالة العنف المنفلت التى أصيب بها قطاع المهمشين فى المجتمع وأطفال الشوارع وغيرهم. لذا أصبح لدينا العديد من المظاهر التى تعد فى حد ذاتها خروجا عن قواعد التظاهر السلمى، وخروجًا على القانون، وأصبحت تؤدى إلى بث الاضطراب والقلق فى الشارع المصرى.. ورغم أى أحداث مدبرة أو منهجية، فإن حالة الانفلات الشعبى، تمثل التحدى الأبرز، لأنها تطال قطاعا واسعا من المجتمع، فيصبح من الصعب السيطرة عليها أو منعها.. وتلك الحالة تمثل فى حد ذاتها انفجارا لموجات الغضب الكامن، والذى تعرضت له قطاعات واسعة من المجتمع فى ظل النظام السابق، كنتيجة للقهر والظلم، بل إن الغضب الذى كان وقود ثورة يناير، هو نفسه الذى ينفجر الآن بصورة عشوائية، تعرقل مسار الثورة، وتعطل عملية التحول الديمقراطى، وعملية التغيير والإصلاح.

وموجات الغضب التى تنفجر بصورة متكررة فى صورة اعتصامات وإضرابات، تشل حركة الحياة، وتعرقل استعادة الأمن، وتعرقل إعادة تدوير عجلة الاقتصاد.. رغم أن الاعتصامات كلها ذات أساس اقتصادى، وتعبر عن الحالة الاقتصادية المتردية التى وصل لها المجتمع، إلا أن الاعتصامات فى حد ذاتها تؤدى إلى تراجع الوضع الاقتصادى بصورة تضر عامة الناس، وتضر حتى المحتجين والمعتصمين.. مما يعنى أن الحالة العامة لدى قطاع من الناس، أصبحت تفتقد للوعى بالمصلحة العامة والخاصة، لدرجة جعلت التعبير عن الغضب يضر الجميع، دون أن يحقق ما يتمناه الجميع. ويبدو أن حجم الغضب المكبوت لدى الناس وصل لحد يصعب التحكم فيه، لذلك أصبحت موجات الغضب المتتالية منفلتة وخارج السيطرة.

ويضاف لتلك الحالة العامة من الغضب، حالة العنف أو الغضب العنيف التى أصابت الروابط الرياضية والمجموعات الشبابية وقطاعات من المهمشين، فتصرفات تلك الفئات أصبحت تجنح للعنف، مما يعنى أنها مندفعة للتعبير عن نفسها فى صورة عنيفة، تتعارض مع سلمية الثورة المصرية. لذا أصبحنا أمام مرحلة من التظاهر العنيف، والتعبير العنيف، الذى يؤدى إلى عرقلة الحياة، والتأثير سلبًا على السياحة والاستثمار، مع تدنى معدلات الاستهلاك المحلى، مما يوقف عجلة الاقتصاد وعودة الأمن، كلما حدث فيهما تقدم.. لذا أصبحت تلك الطاقة الهائلة من الغضب والعنف، من معوقات حركة المجتمع، بدرجة تعرقل مسار الثورة كلها. وكل تلك الظواهر، رغم ما يمكن أن يكون مدبرا، تمثل حالة شعبية عامة، لن يتحكم فيها إلا رأى عام قوى رافض لها.

 

 

تعليقات حول الموضوع

....

حسن سلامة | 09-02-2012 10:55

المشكلة الاكبر يا استاذي ان الماسكين بزمام الامور في تلك الفترة لم يستطيعوا تقديم مشروع قومي يلتف الناس حوله فيربطون الاحزمة استعدادا له ويضحون من اجله وهم في غاية الفرحة وعندما تفتقد الهدف لا تكلمني عن سوء الاداء

 

 

جزاك الله خيرا يا د. رفيق.....البعض يمثل دور الثورجى الغاضب دائما والاعلام المغرض

منى عبد العزيز | 09-02-2012 09:39

يكمل التمثيلية القذرة...طباخ السم لابد أن يذوقه...اذا لم يتم تدارك الأمر فان هؤلاء الخونة سيكونون أول من تطحنهم ثورة الجياع...الاعتصامات والاضرابات تشكل نزيفا لموارد البلد...نرجو ألا ينساق أصحاب النوايا الطيبة خلف من يتحينون الفرصة لافتراسنا...أيضا على كل مسئول القيام بواجبه وتطبيق القانون بكل حسم...على سبيل المثال مشكلة ( أنبوبة البوتجاز ) هذا موضوع حيوى بالنسبة للكثيرين..وهناك تجار جشعون أصحاب السوق السوداء...الناس فى معاناة...لابد من توفير الضروريات كحد أدنى

 

 

احييك اخي في الانسانية و الوطن

عبدالباسط القصاص | 08-02-2012 16:50

مقال رائع رائع رائع الفراغ و التفرغ للكلام و لا يوجد عمل يكافئ جهود الافراد علي رآي المثل عض قلبي و لا تعض رغيفي فالرغيف غير متوفر و الفلب مليان غل من اللصوص فيظهر الغضب

 

 

الأعلام هو رأس الحربة

مصطفى جمعة | 08-02-2012 15:49

الأعلام هو العامل الأكبر في تأجيج هذا الأنفلات وتسليط الضوء بصورة كثيفة عليه وأضفاء شرعية على الفوضى والفوضويين وأحاطتهم بهالة من القداسة والحصانة حتى أصبح من يقتل في أعمال الأجرام أو

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,538