محمد موافى   |  28-01-2012 13:53

... ما الفرق بين العقاد وأدباء كثيرين فى زمانه, وأدباء ومثقفين كثيرين جدًا فى زماننا؟ ما الفرق بينه وبين العائشين فى الوهم والمحترفين فى تمثيل الدور... الفرق أن هؤلاء ظاهرة صوتية دولارية منظمية حقوقية, يسيرون بين الناس ويثيرونهم ثم يختفون داخل (تويتر) بعد الحرائق. أما العقاد فوتد, وقلم يمده مدد, وجبل راسى فى الذاكرة المصرية, والعقاد أسمر عنيد لا يعرف المستحيل, لا يهدأ, ولا ينام قبل أن يمسك بالقلم, ويكتب لنا أشياء رائعة, وكان حبره من ماء الذهب, ورأسه موزنة بالذهب.

 لو ذكرت لك العقاد, لسرحت فى عبقرياته من أول عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم, وحتى كتابه (عمرو بن العاص), والعقاد بحاجة لعشرات الكتب لشرح قيمة قلمه وعقله, ولكنى لن أذكر شيئًا من ذلك, بل فقط سأذهب مع عباس محمود العقاد إلى الحياة السياسية فى مصر أيام الاحتلال, لتعرف أن قلم المثقف لا ينفصل عن مواقفه, فبعد انتهاء تجربة سعد زغلول ومحاولات الوفد التفاوض مع سلطة الاحتلال الإنجليزى, ومع بداية المهادنة والمنافع الشخصية, غضب العقاد وانقلب على الوفد، وأعلن عدم انتمائه لأى حزب, وخاض الانتخابات مستقلا, ونجح بعد أن أعلن أنه لسان حال المصريين.

 وفى إحدى جلسات البرلمان وبحضور رئيس الحكومة مصطفى النحاس كانت المناقشة فى إعطاء المزيد من الصلاحيات للملك على حساب الدستور, وتعطيل بعض مواد الدستور, لكن العقاد رفض وغضب بشدة, وقام يخطب فى الجالسين خطابًا عفويًا جاء فيه: (إن الأمة على استعداد لسحق أكبر رأس فى البلد يخون الأمة ويعتدى على دستورها) وأكبر رأس وقتها كان الملك فؤاد, وما كان منه إلا أن وجه تهمة العيب فى الذات الملكية للعقاد وحُوكم بالحبس تسعة أشهر, قضاها فى قراءة أعمال أبى حامد الغزّالى.

ما أردت قوله من تلك الحكاية, هو أن المثقف الحق هو الثائر الحق, هو الذى يدافع عن ثوابت الأمة, ولا يبحث عن موقع قريب, أو شهرة وحفنة دولارات, بل هو يقول كلمته ويمضى إلى بيته أو إلى الحبس فى عزلة بعيدا عن الشللية والتكتلات الصحفية والسياسية الشريرة.

والمثقف بحق ليس بالضرورة أن يكون باتجاه اليمين ولا إلى اليسار, ولكن بالضرورة ينبغى أن يكون صاحب رسالة قبل أن يكون صاحب موقف, كما ليس بالضرورة أن انتقاده لاتجاه يعنى تبنيه اتجاهًا آخر, فالمهم هى مصر, فلذلك بقى العقاد بعد وفاته, بينما عشرات الوجوه التى أربكت المشهد أو زورت المشهد من قبل الثورة وبعدها, نصفها ذهب مع الريح, ونصفها ينتظر, لأن مصر تتغير أو هى تعود وتعود معها شمسها الذهبُ.


[email protected]

  

    تعليقات حول الموضوع

أستاذ موافي ... لقد ظلمت العقاد

أسامة أحمد | 29-01-2012 13:25

 أستاذي الفاضل: مع بروز كلمة "مثقفون" وإلباسها لكل ممسك بقلم في صحيفة أو بميكروفون في فضائية بدأت اشمئز من سماعها أو أي من مشتقاتها . للإسف أصبحنا نرى "زفة" تضم مخرجين سينمائيين وممثلين وممثلات ومنتجي أفلام يقومون بمسيرات للبرلمان وينبري أحدهم بقوله: نحن المثقفون والمبدعون نريد أن ........ يا سيدي كلمة ثقافة هذه الأيام نالها من التشويه والمسخ مالا يليق أبدا أن نقرنها بعمالقة كالعقاد . انتظر قليلا حتى يعرف الأدعياء حجمهم وتنجلي عن "الثقافة" أدرانها .





رحم الله العبقري صاحب العبقريات

مجدي عوف ايطاليا | 28-01-2012 17:22

 عباس محمود العقاد من الرجال القلائل الذين اثرواالحياه بالقلم وبالموقف وبالعمل .فبالشدائد تبني الرجال فكان رحمه الله رجلا قوي لايستهان به ولا يشتري بالمال ولا بالمناصب وصاحب مواقف كثيره.وكم من رجال رحلوا ولكنهم احياء وكثير كثير يعيشون بيننا ولكن نحسبهم مع الاموات





فى الصمبم

esaam mohamed | 28-01-2012 16:20

 اصبت واوجزت واحرقت المهرجين





مسرح البرلمان

متفرج | 28-01-2012 14:57

 برلمانيو اليوم افتتحوا مشوارهم وعيونهم على الجمهور، لذلك كان الأداء مسرحيا مبالغا فيه، واجتهاداتهم جانبها الصواب، من قبيل محاولة تعديل نص القسم الذي يقسمه النائب، فشاهدنا مزايدات من أهل اليسار ومن أهل اليمين رحم الله البرلمانيين العظام أمثال ممتاز نصار والدكتور محمود القاضي، الذين كانوا يعرفون تماما ما هو معنى " نائب الشعب" وليس نواب اليوم الذين يلتحفون الشرائط الصفراء والكوفيات تشبها بأهل الميدان، أيها الميدان كم من المسرحيات ترتجل باسمك؟؟

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 29 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,658