د. أحمد عبد الدايم محمد حسين   |  31-12-2011 14:45

قد يكون حديث الدكتور طارق الزمر، أحد قيادات الجماعة الإسلامية، بعد خروجه من المعتقل، بأن أبناء الجماعة تواجدوا فى الميدان منذ اليوم الأول للثورة، وأنهم حموا شباب الثورة المودرن يوم موقعة الجمل، وأن الجماعة كانت مقموعة فى عهد مبارك، وأنها أكثر فصيل دفع ثمن الحرية فى هذه البلد، من الاعتقالات والتشريد والقتل، صحيحاً فى جوانب كثيرة منه. لكن المتابع لموقف الجماعة الإسلامية خلال فترة الثورة، يدرك بأن الضربات التى وجهها نظام مبارك لها هى التى أجبرتها على الصمت. ربما خشية من اعتقادها بأنها أكثر الفئات المستهدفة للاعتقال والتشريد. وربما أن الكثيرين منهم قد خرجوا حديثاً من المعتقلات وما زالوا يكونون أفكاراً عن المجتمع الذى تركوه سنيناً طويلة. وربما لعدم خبرة الجماعة فى تنظيم المظاهرات السلمية وحسن قيادتها. وربما للفجوة التى خلقها نظام مبارك بينهم وبين المجتمع، بلصق تهمة الإرهاب لهم.

 صحيح أن أرشيف الثورة يثبت وجود شبابهم، وقليل من قياداتهم، فى المظاهرات من أول يوم، غير أن تسجيل هذه المشاركة وتوثيقها رسميا لم يتم، ولم يتنبهوا له حتى الآن. فلم تصدر عن الجماعة أو عن قياداتها أية بيانات خلال الفترة من 25 يناير حتى الثانى من فبراير 2011. بل حتى حينما خرجت الجماعة عن صمتها المطبق، راحت تدعو المتظاهرين فى ميدان التحرير إلى التجاوب مع النقاط التى تضمنها خطاب الرئيس مبارك فى الأول من فبراير، الذى أعلن فيه نيته عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، وأن يعودوا إلى منازلهم حتى تسير عجلة الحياة الطبيعية، وأن يغلبوا مصالح الوطن على ما سواها.

 وراح الدكتور ناجح إبراهيم، الرجل الثانى فى تنظيم الجماعة الإسلامية فى مقال نشره على موقع الجماعة الإلكترونى يدعو المتظاهرين بأن يتجاوبوا مع كل النقاط التى حواها الخطاب، وألا تغلب عليهم نظرية المؤامرة؛ بأن هذه خدعة من الرئيس، والتفاف على مطالبهم. مفسراً ذلك بأن الرئيس مبارك ليس من هذا النوع الضعيف الذى يعلن عن أمر ثم يلتف عليه. قائلاً بأن الرغبة فى إذلال رئيس الجمهورية بطرده من مصر لا يليق بشعب مصر العظيم، وأن الرجل قد تخلى عن السلطة، فيجب إكرامه وذكر أفضاله. لكن يبدو أن تفاعل الجماعة الإيجابى مع الخطاب الرئاسى المؤثر لم يدم طويلاً. فبعدما حدث فيما سمى بموقعة الجمل كتب الشيخ أسامة حافظ، مفتى الجماعة الإسلامية، مقالاً على موقع الجماعة أشاد فيه بشباب المتظاهرين فى ميدان التحرير ومن تصديهم للبلطجية، ومشيداً باللجان الشعبية ودورها فى حماية الممتلكات. وفى تقديرى أن حسابات الدكتور ناجح إبراهيم باعتباره منظر الجماعة وأهم شخصياتها القيادية، جعلته لا يتخلص من تراث الجماعة السيئ مع الأمن والشرطة المصرية، وألا يقدم تصريحاً يبدو فيه عكس الانطباع العام الذى ساد الشارع المصرى بعد خطاب مبارك العاطفى. لكن فى المقابل بدت الجماعة وكأنها ليست مع الثورة. خصوصًا أنها تكلمت بعد فترة صمت منذ بدء التظاهرات. لكن إذا قدرنا حجم التعذيب والاعتقالات التى تعرضت لها الجماعة فى عصر مبارك، وعدد الأفراد الذين قتلوا وأعدموا من أبنائها، لتلمسنا العذر والعبء الذى يقع على كاهل قياداتها، ومن ثم فهى أبعد فصيل يمكن اتهامه بالجبن والتخاذل عن نصرة الثورة والثوار.

 وفى هذا الإطار يمكن فهم البيان الأول الذى أصدرته الجماعة الإسلامية بخصوص الثورة المصرية خلال جلسات الحوار الوطنى التى كان يجريها عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، مع القوى الوطنية والسياسية. فتحت عنوان أفكار تستحق الإشادة اعتبرت الجماعة بأن الأفكار الواردة فى تلك الجلسات هى أمور تستحق الإشادة والتدعيم، وأنها تمثل الخطوة الأولى للخروج من الأزمة الدائرة، ومن حالة الجمود التى سيطرت على الدولة المصرية على مدى ثلاثين عاماً. بما أدى إلى إصابة المجتمع المصرى بحالة من التيبس. لكنها وخلال إشادتها بالحوار الوطنى ونتائجة، راحت تطالب بضمهما إلى الحوار الذى يجريه عمر سليمان مع القوى الوطنية.مبررة مطلبها، على لسان الدكتور ناجح إبراهيم ، بأنها من أوائل القوى السياسية التى عارضت الحكم فى مصر، ودفعت ثمناً كبيراً لذلك، ومن حقها أن يشملها الحوار مع قوى المعارضة. فى حين راح عصام دربالة، عضو مجلس شورى الجماعة، فى بيان له على موقع الجماعة الإلكترونى، يطالب بالحرية دون إقصاء أى تيار سياسى من خلال رفع القيود عن العمل السياسى .

د. أحمد عبد الدايم محمد حسين

[email protected]

  
    تعليقات حول الموضوع

شكرا ولكن

عبدالسلام الرزيقى | 07-01-2012 14:29

 اولاشكراعلى مقالك الجميل وحرصك على عدم اهدار ماضى جميل للجماعة ولكن يااخى فاتك الكثير من الاحداث كان من الممكن تضع المقال فى صورة نهائية لتطورات كثيرة مرت بها الجماعة فى الفترات الاخيرة مثلا من رئيس مجلس شورى الجماعة ودور الشيخ ناجح فيهافالاخوان لم يدعو شرف تحريك الثورة ولاالسلفية ادعو ذلك ولااى حزب اوتيار سياسى ولكن الكل يقول انها ثورة شعبية اما عن تطورات مشاركة الجماعة فى الثورة فهى الى الان لم تنل حظهامن الدراسة





بكل تجرد

الشامي | 01-01-2012 15:36

 انا كنت عضو في الجماعة الاسلامية واقول وأؤكد بأنيي كغيري ظلمنا وأظلم مستقبلنا وشردنا بسبب عدم الرؤية والتسرع الذي تمتع به قيادتنا فهم كانوا مجتهدين لكن من نوع: رحمه الله كان مجتهدا وكلما اجتهد أخطأ ، الجماعة رجعت الدعوة ثلاثين سنة إلى الوراء والمطلوب بكل حيادية وتجرد أن تحل الجماعة نفسها فهي لم تدرك حنكة الاخوان ولا ثبات الدعوة السلفية .





اللهم اغفر لمشايخنا (ان كانوا غير متعمدين)

مصطفى الضابط | 01-01-2012 14:29

 اذا افترضنا جدلا ان الدكتور ناجح صادق فى دعوته لله وانه قال كلمة حق عند سلطان جائر وانه والجماعة عرضا انفسهم لمزيد من الفتن حتى وصلوا الى درجة لا يطيقها بشر .... ؟!!! اذا فكان على سيادته الا يتحدث اصلا طالما انه لا يستطيع ان يقول ما يخالف اسياده فى امن الدولة لأنه غير مضطر الى ذلك ! فلا هو شيخ الاسلام ولا استفتاه احد ولو فرضنا ان احدا استفتاه ..فاما ان يؤدى امانة الفتوى بشجاعة او يعتذر





لماذا التحول من التطرف الإرهابي إلي التطرف الإنبطاحي؟

كريم حسين | 01-01-2012 08:36

 لماذا لم يكن للجماعة إسترتيجية و طنية محددة. فإذا كانت قد تخلت عن السلاح وإزهاق الأرواح البريئة ورفعت الرايةالبيضاء, فلماذاأصبحت تهادن النظام و كأنها جزء منه بل أنها تواطأت معه. فلماذا لم تتبني أجندة مقاومة سياسية سلمية كالإخوان المسلمين مثلا أو حركة كفاية او 6 أبريل؟ لماذا التحول من التطرف الإرهابي إلي التطرف الإنبطاحي حتي المتآمر مع النظام ضد الشعب. وكانوا ضد ثورة يناير علي مدار أيام الثورة الثمانية عشر. حتي موقفهم الآن هو موقف المتآمر علي الثورة والثوار و يركبون موجة العسكر. عجيب أمرهم





سيدى الكاتب اعرف قبل ان تتكلم

احمد | 01-01-2012 05:12

 يبدو أن الاستاذ كاتب المقال لا يدرى ان الدكتور ناجح ابراهيم معظم اراؤه ومقالاته يشذ فيها على راى الجماعة وله اراؤه الخاصة التى لا يوفقه عليها 99% من افراد الجماعة وانه فى حكم مت ترك الجماعة الاسلامية مئذ فترة طويلة وان موقع الجماعة الاسلامية فى الاصل ليس موقع الجماعة ولكنه موقع الدكتور ناجح ابراهيم





دعوة

أبو يوسف المنيلاوي | 01-01-2012 02:14

 والمطلوب بإخلاص من الجماعة الإسلامية أن تحل نفسها بوازع من الأخلاص والتجرد فلم يعد لديها جديد تقدمه، وأن تترك المجال للجماعة الصادقة التي لم تغير أ و تتنبدل ألا وهي جماعة الأخوان المسلمين ،





دعوة 4

أبو يوسف المنيلاوي | 01-01-2012 02:12

 و من المستغرب أن الجماعة الإسلامية لم تجر مراجعة جذرية لمسيرتها وخياراتها وكأن شيئا لم يحدث ، والأغرب هو إصرارها علي مواصلة أساليبها السابقة كما هي من خلال أمرائها خاصة في الصعيد ممن أرتكبوا كوارث لا أخطاء ومع ذلك مصرين علي إمارتهم للجماعة ولم يرغب أي منهم في أتباع سبيل المحلصين وأفساح المجال لجيل جديد .





دعوة 3

أبو يوسف المنيلاوي | 01-01-2012 02:06

 وقد أثيت الأيام أن الجماعة الإسلامية جانبت الصواب في الكثير من طروحاتها التي أصبحت الآن باهتة وغير واضحة ، علي العكس من الجاذبية التي حظبت بها جماعة الأخوان المسلمين التي برهنت علي مصداقيتها وطرحها المعتدل وغير المتغير تبعا للظروف .





دعوة 2

أبو يوسف المنيلاوي | 01-01-2012 02:03

 والجماعة أو قادتها مسئولون عن دماء سفكت وعن تدمير مستقبل وحياة الألاف من أعضائها الشباب عبر رؤاها التي أنقلبت عليها180 درجة ، وهي لم تعتذر عن هذا حتي الآن ولم تعتذر عن إجرامها بحق شباب الأخوان في الصعيد ,





دعوة

أبويوسف المنيلاوي | 01-01-2012 02:00

 إذا كانت الجماعة الإسلامية قد تصدت في فترة من مسيرتها لنظام مبارك فهذا لا ينفي لأأنها تماهت بعد ذلك كلية مع هذا النظام وعصاه الأمنية ( لاظوغلي ) ، هذا فضلا أن الجماعة تعاملت طوال تاريخها مع قضايا معينة بأسلوب أستعلائي ولها في هذا المجال خطايا لا تحصي ، والقول بأن شباب الجماعة كانوا في التحرير من أول يوم هو كذب صراح بالكلام المشهور لناجح





بارك الله فيك

أبومعاذ القاضى | 31-12-2011 21:46

 المقال رائع وأحب أن أضيف لك أننا على مستوى الأفراد قد نكون مختلفين مع فضيلة الدكتور ناجح فى مقاله ارحموا عزيز قوم ولكن نلتمس له العذر فقد حمل على كاهليه ابعاد أى شبهه عن الإخوة أو خوفه على البلد وبعده الكبير عن الدنيا خارج السجون جعلته وكثيرين غيره من شتى التيارات لايحسنون تكوين فكرة عن هذا الحدث حتى من بدأ الثورة لم يكن فى مخيلته أن تكون هذه هى النتائج عموما مقال رائع





خطورة الفتره

طه الشريف بن كفرالدوار | 31-12-2011 19:57

 الفتره التى تكلم عنها ا.احمد هى بمثابه الفتره الانتقاليه الخطيره فى تاريخ الجماعه الاسلاميه وخطورتها انها واكبت قيام الثورة وقولى كون الفتره انتقاليه لانه تمت اهم وابرز طريقه لانتخاب مجلس شورى الجماعه الاسلاميه ولاول مرة بانعقاد جمعيه عموميه تمت فيها انتخابات المجلس وخرج عدد بارز ومهم من المجلس وعلى راسهم الشيخ كرم رئيس المجلس السابق..المهم كانت معظم بيانات الجماعه من خلال موقعها بقلم الدكتور ناجح معبره بالضرورة عن وجهه نظره وقناعاته التى ظهر الاختلاف الجلى بينها وبين كثير من قاده الجماعه

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 25 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,321