د.جمال نصار   |  16-01-2012 14:39

العلمانية هى عدم الاعتراف بأهمية الدين فى حياة الشعوب وتحطيم كل ما هو مقدس، وهى تهدف إلى نقل الناس من العناية بالآخرة إلى العناية بالدنيا فقط.

وقد بدأت العلمانية فى أوروبا وصار لها وجود سياسى مع الثورة الفرنسية عام 1789م، وقد عمّت أوروبا فى القرن التاسع عشر، وانتقلت لتشمل معظم دول العالم فى السياسة والحكم فى القرن العشرين بتأثير الاستعمار.

من هنا ظهرت العلمانية كثورة على النفوذ الدينى للبابوية فى العصور الوسطى، حيث كانت الكنيسة ترفض الأفكار العقلانية، يقول رابويرت صاحب كتاب مبادئ الفلسفة: "كانت الكنيسة عدوة الفلسفة والعلم فجمدت الحياة العقلية، ولم تسترد نشاطها إلا بعناء عندما انبعثت أشعة النهضة ممتزجة بأشعة من الشرق الإسلامى فأضاءت سماء القرون الوسطى المظلمة".

 وقد مارست الكنيسة وسائل عديدة فى صرف العلماء عن علمهم، بل تعدّى الأمر إلى محاربتهم وقتلهم، فعندما حاول العالِم "جاليليو" إثبات فكرته بأن الأرض تدور حول نفسها، خافت الكنيسة من إعمال الفكر، فقبضوا عليه وعذبوه حتى الموت.

ثم جاء نيوتن، بنظرية "الجاذبية" ومفادها أن الكائنات أو الكواكب جميعًا تتماسك بفعل الجاذبية، وكانت الطامة الكبرى، برغم أن كل هذه النظريات لا يترتب عليها أية إساءة للدين، إلا أن الكنيسة اعتبرتها مصائب يجب القضاء عليها فى مهدها، وترتب على ذلك ثورة من علماء الفكر على الكنيسة لأنها تعادى العلم، ومن هنا بدأ الفكر العلمانى آخدًا فى التطور، وتسرب إلى العالم العربى من خلال منارات العلم كالقاهرة ودمشق وتركيا إلى باقى البلدان العربية.

وفى عام 1883م أدخل الخديو إسماعيل القانون الفرنسى إلى مصر، وكان مفتونًا بالغرب، على أمل أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا.

وفى العصر الحديث فى الربع الأول من القرن العشرين نجد أن أبرز بلد إسلامى حكمته العلمانية، ونفّذت فيه خططها وسياستها، وضربت بيد من حديد كل من يقاومها، وخاضت فى ذلك معارك عديدة، هى: تركيا، بلد الخلافة الإسلامية حتى عام 1924م، الذى قهره "كمال أتاتورك" على تطبيق النموذج الغربى فى الحياة كلها، وسلخه من كل تراثه، وقيمه، وأقام دستورًا علمانيًا، يهدف إلى عزل الدين عن الحياة عزلا كاملا، ويسير على المنهج الغربى فى كل شىء. حيث جعل كمال أتاتورك من العلمانية أساس الدولة وأساس التحديث فيها، مما كان يعنى أن الإسلام يجب أن يخرج من الحياة العامة، ليحتفظ فقط بحق التأثير فى ضمائر المتدينين.

وهكذا تحولت دولة الخلافة الإسلامية إلى دويلة مقطوعة الصلة بعالمها الإسلامى تابعة للغرب فى ثقافته وتقاليده، بعد أن كانت تحكم العالم بأسره.





ومن أهم الأفكار والمعتقدات التى تدعو إليها العلمانية:

1- فصل الدين عن السياسة، وإقامة الحياة على أساس مادى

2- تطبيق مبدأ البرجماتية (النفعية) فى كل شىء فى الحياة

3- الزعم بأن الإسلام استنفد أغراضه ولا يصلح للعصر الحديث

4- الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف

5- هدم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى فى البنية الاجتماعية

6- الطعن فى حقيقة ومبادئ الإسلام والقرآن والسنة

7- أن الحياة تقوم على أساس العلم المطلق، وتحت سلطان العقل والتجريب

8- اعتماد مبدأ الميكيافيلية فى فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق



ومن أبرز دعاة العلمانية فى العالم العربى والإسلامى: أحمد لطفى السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين، طه حسين، عبدالعزيز فهمى، ميشيل عفلق، أنطون سعادة، سوكارنو، سوهارتو، نهرو، مصطفى كمال أتاتورك، وحديثًا مراد وهبة، وغيرهم كثير فى العالم العربى والإسلامى.

تلك هى حقيقة العلمانية وأهم مبادئها التى تدعو إليها. فهل تناسب الهوية والواقع العربى والتقاليد والأعراف العربية؟!



* مدير المركز الحضارى للدراسات المستقبلية

[email protected]

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 16 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

325,548