محمود سلطان | 14-11-2011 23:49

صحيفة خاصة أوردت يوم أمس هذا الخبر: " أقام الدكتور أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وعدد من المحامين، دعوى قضائية جديدة أمام محكمة القضاء الإداري، طالبوا فيها بمنع جميع أعضاء الحزب الوطني المنحل من الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشورى"
الخبر ربما يثير الارتياح، لأنه يعني أن ثمة قلق قد بدأ يتسلل إلى الجماعة.. وأن "الثقة" في "بطاقة الضمان" التي في "الجيب" .. قد بدأت تهتز .. وهو قلق مشروع وربما يعكس قدرا من الحرفية السياسية.
فليس ثمة يقين في السياسة.. فالأخيرة بناء هلامي وفضفاض، يمتد عبر رمال متحركة ومترامية الأطراف.. وليس من الحكمة أن نأمن لتقلباته ومفاجآته.. هكذا هو سمت السياسيين المحترفين.
قرار جماعة الإخوان مطاردة "الفلول" قضائيا لمنعهم من الترشح في الانتخابات البرلمانية القادمة.. ليس تصفية حسابات مع الحزب الذي سامهم سوء العذاب.. المسألة هنا لم تكن من قبيل "الثأر" وإنما على سبيل "السياسة".. وتعيد الاعتبار إلى "الوعي" الإخواني.. وإعادته إلى "الموضوعية" وإلى "الأرض".. بعد أن ظل محلقا في آفاق بعيدة من الخيال والاغترار بالقوة.
الوعي المتعاطف مع الجماعة.. لا يعبأ بـ"الكتلة الصامتة".. وهي "الكتلة الحرجة" التي عندها تنكسر كل الثوابت وتحدث الانقلابات السياسية الكبرى.. وهي مشكلة لا يتحمل هذا الوعي المسؤولية عنها وحده.. فهي نتاج عصر مبارك الذي همش فيها تلك الكتلة.. وزور إرادتها وكلف أجهزة أمنه ومؤسساته الإدارية بالتصويت بالوكالة عنها لتفصيل برلمان على "مزاج" البيت الرئاسي.. فبدت وكأنها غير موجودة من الأصل.
هذه الكتلة كانت خارج الحسابات وتقدر بـ 25 مليون صوت انتخابي، غير مسيسة أو مؤدلجة.. قوة جبارة شاردة .. خارج حسابات الأحزاب الإسلامية .. وهو المنعطف الخطر الذي قد يثمر التهور عنده نتائج مفزعة.
هذا الرقم الغائب عاد اليوم بعد الثورة ليستعيد عافيته السياسية ويريد أن يسعد بيوم إعادة الاعتبار لصوته وأنه قد بات له قيمة وأن بإمكانه أن يحسم المعركة لهذا الطرف أو ذاك.
أي خطأ في التعاطي مع هذا الرقم .. قد يكلف الأحزاب الإسلامية فاتورة باهظة، وقد يحرجها أمام الرأي العام.. وربما تفقد هيبتها الاجتماعية حال ـ لا قد الله ـ رسوبها في أول اختبار سياسي لها.
[email protected]