المنظمة العربية الدولية لحقوق الانسان والتنمية

أجْمعُ نصٍّ أصّلَ لحقوق الإنسان هو قول الله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِيآدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىكَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء: 70)، وأين هذا النص الشامل

لحقوق الإنسان من كل ما صدر من إعلانات واتفاقيات لحقوق الإنسان؟
فإذا كُرِّم الإنسان حصل على كل حق من حقوقه، وإذا أُهدرت كرامته فَقَدَ بعض حقوقه أو كلّها، ولا عجب أن تنص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م في مادته الأولى على كرامة الإنسان: «يُولد جميع الناس أحرارًا في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميرًا، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضًا بروح الإخاء»، وما فعله الإنسان تجاه أخيه الإنسان على مدى التاريخ يفوق ما فعلته الوحوش الضارية، وحتى هذه النصوص المشرِّعة لم تردع الإنسان عن إهدار كرامة الإنسان، يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه (حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة): «إن آخر ما أمَّلت فيه الإنسانية من قواعد وضمانات لكرامة الجنس البشري كان من أبجديات الإسلام، وإن إعلان الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان ترديد عادي للوصايا النبيلة التي تلقّاها المسلمون عن الإنسان الكبير، والرسول الخاتم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم».
اختارت الجامعة العربية يوم 16 من مارس كل عام يومًا لحقوق الإنسان العربي؛ ليكون مناسبة للتذكير والتوعية بحقوق الإنسان، واختارت له هذا العام موضوع «كرامة الإنسان»، وهو موضوع هو أساس حقوق الإنسان ومرجعها، فإذا كُرّم الإنسان حُفظت حقوقه، وإذا أُهدرت كرامته أُهدرت حقوقه، فمَن يكرّم الإنسان (أي إنسان) لا يهدر حقًّا من حقوقه، وممّا يُنسب لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- «لا تضربوا الناس فتذلوهم، ولا تحرموهم فتكفِّروهم، مُذْ كم تعبّدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا».
ولابد أن أشير إلى الفارق الكبير بين نصوص إسلامية نصّت على كرامة الإنسان، وبين تطبيق المسلمين: فالتطبيق الخاطئ ليس حجة على النصوص، بل هو خطأ من تجاوز النصوص مع أن إعطاء الحق لصاحبه واجب ديني، يُحاسب الإنسان عليه إذا غمط صاحب حقٍّ حقه، وجزاؤه أكبر إن هو ظلم أو دَفَعَه الكُرْه، أو الحقد لإهدار حق إنسان، بل حق حيوان! فقد دخلت امرأة النار في هِرّة حبستها.
ومَن يجادل فيما صدر من مواثيق إنسانية حقوقية صدرت عن المنظمات الحقوقية الدولية يجادل بالباطل، ما لم تكن تلك المواثيق انطلقت من انحياز لمبادئ تعتنقها، أو من كُرْه لأخرى تكرهها، ومع ما ورد في تلك المبادئ من نفاسة في الإعلان عن الحقوق فإن التطبيق في أكثره لا يساوي نفاستها، وقد تلعب به المصالح أو الأهواء، ويُنسي الطغيان الالتزام بكرامة الإنسان وحقه.
لو كرَّمت الأمُّ رضيعَها لما صرخت عليه، ولو كرَّم الولدُ أبويه لما وقع في العقوق، ولو عطف الأبوان على أولادهما لما حصلت منهما قسوة، ولو رأى المعتدي مالعِرْض غيره لما هتك أعراض غيره، ولو راعى الموظفُ كرامةَ المراجع في التعامل (ولو لم يحقق له رغبته) لما رفع صوته عليه، أو أغلق بابه دونه، أو بخسه حقًّا له، ولو تعامل العسكريُّ مع الجاني بما لا يهدر كرامته، ودون إجحاف في حق المجني عليه لكانت السجون إصلاحيّات، لو عرف الطالبُ حقَّ المعلمِ في الاحترام، وعرف المعلمُ حقَّ الطالبِ في التربية والتعليم لتربّى الطالبُ على معرفة الكرامة لكل مَن يتعامل معه في المجتمع، ولو أن مَن يقذف الناس بالقنابل والصواريخ عرف أن الإنسان خُلق في أحسن تقويم لما أزهق الأرواح، ولكنه الجور، وحب السيطرة، وغمط كرامة الإنسان، لو عرف كل معتدٍ كرامة الإنسان لما أهدر حق إنسان.
لو رُبّي النشء على كرامة الإنسان لعاش الناس في وئام، ولكن ما تُشحن به النفوس من كُره لبعضها يفوق ما يدعو للوئام، وكرامة الإنسان، وللأسف أن أكثر مَن يقوم بذلك كثير من المثقفين والمفكرين والمتحمسين لما يرونه، ويأتي الناس بعدهم منفذين، فويل لهم من كل كُره يزرعونه، مهددًا لكرامة الإنسان، وزارعًا للحقد بين الناس. 

المصدر: المنظمة العربية الدولية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 80 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2013 بواسطة abc2009335

المنظمة العربية الدولية لحقوق الانسان والتنمية

abc2009335
المنظمة العربية الدولية لحقوق الانسان والتنمية هى منظمة مصرية عربية تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة فى ممارسة الانشطة الخاصة بتعزيز وحماية حقوق الانسان والتنمية الاجتماعية . نحن نعمل على بناء الانسان والتعريف بحقوقة ووجباتة ونساعدة فى شتى المجالات الانسانية والثقافية والاجتماعية والتنموية تعزيز حقوق الفئات المهمشة داخل المجتمع المصرى. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

28,213