المصادر التي يرجع إليها في تقويم المنهج وتطويره
يتضح مما سبق الحاجة الملحة لآراء الخبراء كمصدر أساسي لإصدار القرارات العلمية ، ويصعب توفر الكفايات اللازمة لدى خبير واحد ، والخبير هو الشخص الذي يملك خبرات ذات صلة بأحد نواحي المنهج بحيث يمكن الاستناد إلى رأيه وما يقدمه من معلومات ، والمصادر عبارة عن المعلومات التي يقدمها المختصون ، والمعلومات التي يتم الحصول عليها من هذه المصادر ليست تقويم لكنها أحكام أو إجابات لأسئلة تطرح بغرض الاستفادة من آرائهم في عملية التقويم والتطوير، وفي ما يلي عرض لتلك المصادر:
1- أحكام الخبراء:
- المقابلات الفردية والشفهية.
- جلسات الاستماع.
- الاستجابات الجماعية الشفهية.
- التقارير الفردية المكتوبة.
- تحليل المحتوى.
- التقارير الجماعية المركبة.
2- أساليب الملاحظة:
- مواقف تقاس فيها مدى تحقيق الأهداف.
- مواقف تقاس فيها مختلف المتغيرات.
- مواقف تقاس فيها مدى قابلية المنهج للتطبيق.
- مواقف تحدد فيها الصعوبات التي تحول دون تحقيق الأهداف.
- مواقف تحدد فيها ما أدخله المعلمون من تعديلات.
- مواقف تحدد فيها المخرجات غير المتوقعة.
3- الاختبار والمقايس.
4- المجتمع والمعلمين وأولياء الأمور.
عرض المصادر بالتفصيل
1- أحكام الخبراء:
يرجع عادة للخبراء لاستقاء المعلومات والآراء حول المناهج الدراسية في جميع مراحل تخطيطها وبنائها وتقويمها وتطويرها ، وفي بعض الأحوال يعتمد على تلك المعلومات والآراء دون غيرها في عملية التقويم ، ويتضح هذا الأمر عادة حينما يكون الأمر متعلق بتقويم المواد التعليمية للمنهج من حيث سلامتها من الناحية العلمية والناحية اللغوية ومن حيث اتصالها بمجرى الحياة المعاصرة ، كما يتضح حينما يكون الأمر متعلق بتحديد الأهداف المرغوب فيها ومدى أهمية الموضوعات أو المحاور المختارة من المادة العلمية ، ومدى ملاءمة تلك المادة لمرحلة عمرية معينة.
هذا ويفضل خبراء التقويم الاعتماد على أحكام الخبراء في حالتين على وجه الخصوص : الحالة الأولى عندما لا يكون هناك فسحة من الوقت للحصول على المعلومات والأدلة من خلال نتائج التطبيق الميداني ، والحالة الثانية عندما يصعب تجريب كل ما اقترحه الخبراء في مرحلة تخطيط المنهج ، وهذا يعني ان الارتكاز على أحكام الخبراء عندما لا يتاح الوقت للتجريب أو قلة الإمكانيات ، وآراء الخبراء مهمة لمعرفة ارتباط وحدات المنهج السابقة والتالية ببعضها وبالحياة خارج المدرسة.
وتتم الإجابة على استبيانات تفصيلية تتعلق بمختلف نواحي المنهج من الأهداف والمحتوى وقابلية المنهج للاستخدام ومرونته والأجهزة والوسائل اللازم توافرها وطرق التدريس وأدلة المعلم ...
وتجدر الإشارة إلى عدم وجود خبير محايد تماما ، لذلك يجب أن تأخذ عمليات المنهج بأراء الخبراء المؤيدين والمعارضين وذلك بعدة طرق منها :
أ- المقابلات الفردية الشفهية :
وهى من أيسر الطرق وتتم من خلال توجيه أسئلة شفهية معدة مسبقا تناقش المبادئ العامة للمنهج ، أو مقابلات فردية دون إعداد مسبق للتعرف على أراء عديدة ومتنوعة حول عملية التخطيط وبناء وحدات المنهج.
ب- جلسات الاستماع :
وهى جلسات تجمع بين الخبراء المعنين بتطوير المنهج وبين الجهات ذات الصلة بالمنهج ، وقد يكون بينهم مشتغلون بالأعمال التجارية والصناعية وغيرها وذلك لتبادل وجهات النظر ، وهذه الجلسات تعد من المصادر الأساسية التي يتخذ في ضوئها قرارات بشأن تطوير المنهج.
جـ - الاستجابات الجماعية الشفهية :
وهذا الأسلوب يستخدم عندما يكون الأمر متعلق بمواد تم إعدادها في المرحلة الأولى مثل قوائم الأهداف والمقررات والتعليمات والوسائل التعليمية والخطط التفصيلية لكيفية تنفيذ المنهج ، ويصدر عن تلك الاجتماعات تقارير ترسل إلى الهيئات المعنية بتطوير المناهج وتقويمها.
د- التقارير الفردية المكتوبة :
عبارة عن إجابات الخبير عن أسئلة محددة في صورة اختيار من متعدد أو إجابات قصيرة يشملها استبيان يقدم للخبير الذي يجيب عن الأسئلة كتابة ، ومن مميزات هذا الأسلوب أن الإجابة عن الأسئلة لا تحتاج إلى وقت أو جهد كبير من الخبير ، وسهولة تلخيص ما يصدر من استجابات عن الخبراء إما بصورة يدوية أو بالحاسبات الإلكترونية.
هـ - تحليل المحتوى :
أحد الأساليب الموضوعية الشائعة في مراكز بحوث المناهج ، وعندما يكون الخبير بصدد إجراء دراسة تحليلية لمحتوى أى مادة تعليمية يبدأ بتحديد تصنيف يبدأ في ضوئه عملية التحليل ، وقد يكون ذلك في صورة أقسام لجمل المادة التعليمية مثل جمل حقائق ومعلومات أو جمل إخبارية وجمل أسئلة أو مفاهيم وتعميمات أو غيرها.
وقد تشمل عملية تحليل المحتوى على الصور والأفلام والتسجيلات والحقائب التعليمية وغيرها من المواد المرتبطة بالمنهج.
و- التقارير الجماعية المركبة:
قد تضم هذه اللقاءات أحد الخبراء القادرين على استقطاب الآخرين وفرض وجهة نظره وآرائه عليهم ، أويعتمد هذا الأسلوب على تقديم تقارير جماعية مكتوبة للخبراء بصورة منفصلة ويطلب منهم الإجابة عنها كتابة ثم تجمع تلك الإجابات وتتم جدولتها وتلخيصها وتوزع مرة أخرى على الخبراء ، ويطلب منهم التأكد من وجود الآراء والمقترحات في الملخص ، ثم يتم استخلاص المسائل التي اختلفت عليها أراء الخبراء ثم التعديل والعرض مرة أخرى.
2- أساليب الملاحظة :
تعد أساليب الملاحظة أداة رئيسية يمكن من خلالها تعرف الجدوى الفعلية لأى منهج دراسي ، فهى تبين مدى تحقق الأهداف التي حددت للمنهج ، كما تبين الصورة الحقيقية لكيفية ممارسة المعلم والمتعلم للأنشطة التي يحتويها المنهج ، وتعتبر أساليب الملاحظة من أكثر أساليب جمع المعلومات والبيانات عن المنهج تكلفة ، والفائدة منها تتحقق بوجود المختصين القادرين على استخدام هذا الأسلوب ، وهناك مواقف عديدة يمكن من خلال نتائجها تقويم المنهج وتطويره ومنها:
أ - مواقف يقاس فيها مدى تحقق الأهداف :
قد تكون الأهداف معرفية أو وجدانية أو مهارات حركية أو اجتماعية وقد تشتمل على جميع هذه الجوانب ، وفي هذه الحالة يصبح الهدف من الملاحظة هو التعرف على أنواع التفاعلات التي تجري بين المعلم والمتعلم وبين مختلف المواد التعليمية لتحقيق الأهداف.
ب - مواقف يقاس فيها مختلف المتغيرات :
مثل كيفية توزيع وقت الدرس على الأنشطة الفردية أو الجماعية اللفظية وغير اللفظية.
ج - مواقف تقاس فيها مدى قابلية المنهج للتطبيق :
وذلك بقياس المخرجات الناتجة عن المدارس ومقارنتها بالمستويات المختلفة لتنفيذ التوجيهات التي تصاحب المنهج ، حيث يلاحظ أن بعض المعلمين لا ينفذون التعليمات المصاحبة للمنهج.
د - مواقف تحدد فيها الصعوبات التي تحول دون تحقيق الأهداف :
قد يكون هناك سوء فهم للمحتوى من قبل المعلمين مما يؤدي إلى أخطاء في طرق التدريس التي اقترحها الخبراء ، وقد يكون هذا الأمر بسبب عدم توافر التفسير في أدلة المعلم أو المحتوى.
هـ - مواقف تحدد فيها ما أدخله المعلمون من تعديلات :
عند حذف المعلم أو إضافت شيء من المحتوى يحتاج الأمر من الخبراء إلى معرفة أسباب هذه التعديلات لمعالجة المنهج الأصلي وتطويره.
و - مواقف تحدد فيها المخرجات غير المتوقعة :
لتحديد المخرجات التي توضع في الاعتبار عند تقويم المنهج وتطويره في مراحله الأولى وهى المخرجات التي تخالف الأهداف الموضوعة ، وما يتم التوصل اليه عن طريق الملاحظة يعتبر تدعيما لما يتم التوصل إليه من المصادر الأخرى.
ويجب على الملاحظ أن يهتم بالموضوعية ، وأن يميز بين النواحي المراد ملاحظتها والنواحي الأخرى غير المطلوب ملاحظتها ، فمثلا ملاحظة سلوك المعلم أو بعض الخصائص في سلوك المعلم مثل التمكن من المحتوى الذي يقوم بتدريسه واهتمامه بدافعية المتعلم ، ويحتاج الملاحظ إلى الاهتمام بملاحظة الخصائص المتداخلة.
3) الاختبارات والمقاييس :
تستخدم الاختبارات والمقاييس كوسائل للحصول على نتائج يستفاد منها في إصدار قرار علمي بشأن عمليات تقويم المناهج وتطويرها ، ومنها يلمس المعلم بصورة مباشرة نتائج جهده ونتائج التعلم التي استطاع تلاميذه تحقيقها بعد مرورهم بخبرات المنهج ، ولا يستطيع المعلم ذلك إلا بناء على إجراءات وعمليات علمية يقوم بها المختصون بتقويم لما يراد قياسه ، ومراعاة شروط الضبط العلمي لها من حيث صدقها وثباتها.
4) المجتمع والمعلمين وأولياء الأمور :
عندما يتم إعداد أو تقويم أو تطوير منهج ما فإن ذلك المنهج يتفق مع حاجات المجتمع ، ويتوقع أولياء الأمور أن يحدث تغيرا في شخصيات الأبناء وكذلك المجتمع ككل والمعلمين ، لذلك تعد من المصادر الأساسية التي يمكن استقاء الخبرات منها ، وتلجأ مراكز البحوث إلى استطلاع آراء المفكرين ورجال السياسة والفلاسفة وغيرهم ممن لهم علاقة بالمنهج من حيث فلسفته وأسلوب تنظيمه للاستفادة من آرائهم بإجراء التعديلات اللازمة قبل البدء في مراحل التجريب الموسع ومرحلة التعميم ، ويتم استطلاع الآراء عن طريق استبيانات تحتوي على أسئلة متعلقة بالأهداف العامة للمنهج ومدى تقبلهم لها ، وما لوحظ من سلوك جديد على الأبناء نتيجة دراسة المنهج.
ومن ذلك يتضح أن عملية تقويم المنهج وتطويره ليست عملية عفوية ولا فردية ، لكنها عملية لها أصولها ومصادرها التي تستسقي منها البيانات والمعلومات والأدلة ، ومن الخطورة أن يتم التطوير بشكل تقليدي بالحذف والإضافة من قبل لجان غير متخصصة وبشكل عشوائي.
وكلما تعددت المصادر وتمت المقارنة بين نتائجها زاد توفر الظروف المناسبة للتقويم والتطوير.
ساحة النقاش