موقع الدكتور عباس علام

للبحوث والدراسات التربوية

 

العولمة وتخطيط المنهج :

 

هناك عدة سمات للعولمة ، وتنشأ عن تلك السمات بعض التحديات التي تستلزم القيام بعدة إجراءات في عملية التخطيط للمناهج الدراسية ، ولمواجهة هذه التحديات سوف نقوم بعرض بعض هذه السمات والتحديات التي تنشأ عنها ، وبعض المقترحات لتخطيط المناهج لمواجهة تلك التحديات .

 

 

السمة الأولى :

 الانفتاح الثقافي ، ويعني تلاشي الحدود الثقافية لتصبح هناك ثقافة عالمية واحدة .

التحدي :

 ضرورة التوازن بين الثقافات المحلية والثقافة العالمية في مناهجنا الدراسية .

المقترحات :

-    تطبيق فكرة التعليم المتوائم الذي يمكن بواسطته تحقيق التكامل بين الخصوصية الثقافية ومتطلبات المنظومة الحضارية العالمية .

-    التعريف بثقافات الدول الأخرى وإنجازاتها وإبداعاتها وإبداعات علمائها ، مع التأكيد على إنجازات ثقافتنا وإبداعات علمائنا سواء في الماضي أو الحاضر ، ونوصي بعدم التركيز على الماضي واستنساخه .

-         الاهتمام باللغة العربية كلغة قومية ، بالإضافة إلى تعليم لغتين أجنبيتين كوسائل اتصال وتواصل نالعالم من حولنا .

-         تنمية التفكير الناقد كوسيلة لتنقية ما يصل إلينا من ثقافات الآخرين .

-         تنمية الولاء والانتماء كقيمتين ترسخان الهوية القومية والاعتزاز بها .

 

السمة الثانية :

الانفتاح الاقتصادي ، ويعني إزالة الحدود الحدود الاقتصادية ليصبح العالم كله سوق كبير موحدة تضم عدة أسواق ذات خصائص ومواصفات تعكس الطبيعة الإقليمية ، كما تعكس المواصفات التي يفرضها التكامل الاقتصادي .

التحدي :

ضرورة اعتبار مقاييس الجودة العالمية هي المعيار الأساسي لمنتجاتنا الاقتصادية .

المقترحات :

-    تطبيق مبدأ التعليم المتبادل ؛ حيث يتم ربط المؤسسات التعليمية بمؤسسات الإنتاج المناظرة لنوع التعليم الذي يقدم في هذه المؤسسات ، ويتردد المتعلم بين المؤسسة التعليمية والمؤسسة الإنتاجية للتكامل بين ما هو نظري وما هو تطبيقي .

-         الالتزام بمبدأ التعلم من أجل التمكن والإتقان في تقويم مخرجات العملية التعليمية .

-    اشتراك المؤسسات الإنتاجية في عملية تخطيط المناهج وتصميمها ، بحيث يتم الربط بين المناهج الدراسية وسوق العمل من حيث تضمين المناهج بالمهارات المطلوبة لهذه المهن.

 

 

السمة الثالثة :

الاعتماد المتبادل ، ويعني أنه في ظل الظروف التي تفرضها التغيرات والتحديات من حولنا لا تستطيع دولة بمفردها أن تحقق اكتفاء ذاتيا أو أن تتغلب على مشكلاتها ، ولابد من التعاون والاعتماد المتبادل بين الدول لحلها ، وهذا يتطلب النفكير الجماعي في كيفية التغلب على هذه المشكلات .

التحدي :

لا يزال التعليم لدينا يعد الفرد على التفكير الفردي في حل المشكلات التي تواجهه ، والمطلوب هو التحول من القدرة على التفكير الفردي إلى التفكير الجماعي في كيفية التغلب على المشكلات .

المقترحات :

-    التركيز على الأنشطة التعليمية والأنشطة الصفية والأنشطة الجماعية ، والتي تتيح للمعلم أن يعمل ويفكر بطريقة جماعية تعتمد على توزيع الأدوار حسب إمكانيات كل فرد في المجموعة .

-    الاتجاه إلى استخدام استراتيجية التعلم التعاوني بكافة صورها ، واستراتيجية التعلم في مجموعات حل المشكلات عن طريق اشتراك مجموعة من الطلاب في التفكير ووضع الخطط وتنفيذها لحل المشكلات .

-    تكليف مجموعة من الطلاب بإجراء دراسات مبسطة أو مقالات علمية ، بحيث تتاح لهم فرصة التفكير الجماعي ، وتبادل الخبرات والآراء أثناء هذا العمل التعاوني الجماعي .

السمة الرابعة :

السيادة التكنولوجية ، وتعني أن هناك دول تنتج الأساليب التكنولوجية المتقدمة ، وتسيطر بها على كافة القطاعات في العلم والعمل ، وتستطيع أن تمنح أو تمنع هذه الأساليب لمن تريد ، وبالتالي تضمن السيادة في هذه القطاعات .

التحدي :

لا نزال نستهلك هذه الأساليب التكنولوجية ولا ننتجها ، ونريد أن نتحول من مستهلكين لهذه الأساليب إلى منتجين .

المقترحات :

-    الاهتمام بالتعليم التكنولوجي الذي يركز على الوعي المهني ، ويهتم في المقام الأول بالجانب التطبيقي الذي يضمن إعداد المتعلم بمستويات مختلفة من المهارات والقدرات الفنية والتطبيقية المتخصصة .

-    تطعيم المنهج بأنشطة تكنولوجية تكسب المتعلم كيفية تطبيق المعلومات واستخدامها ، وغرس سلوكيات حسب الاستطلاع العلمي لديه .

 

              ومن ثم فالتمكن من التكيف مع واقع العولمة والتفاعل مع تأثيرها في العصر الحاضر خصوصا من

         الناحية  التربوية ، يتطلب إدراك التخطيط الجيد الذي يتسم بالآتي :

1-   الابتعاد عن التعصب والفكر المغلق ، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي مركزي لابد أن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر .

2-   تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير النقدي وحرية الرأي والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على ثرواته الحضارية والدينية والثقافية .

3-   الحاجة إلى تفكير جديد يعمل على إنتاج تاريخ جديد وتشريع جديد وتعليم جديد وذلك من خلال تشكيل منظومة تربوية وتعليمية موحدة ومتحضرة لها القدرة على الحركة والتفاعل مع الآخرين على اختلاف ثقافاتهم وأفكارهم .

4-   وضع سياسات تربوية راسخة وليست شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه المختلفة الثقافية والأخلاقية من خلال بلورة استراتيجية تربوية داخلية تسمح للمجتمع بعدم الرفض المطلق للعولمة أو القبول المطلق لها ، بل الاستفادة من إيجابياتها وتحجيم إفرازاتها ومخاطرها وسلبياتها .

5-   تهيئة المواطن لمواجهة العولمة وفق منظومة قيمية أخلاقية متكاملة وإحداث التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة والانفتاح إلى الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة .

6-   فتح قنوات الاتصال مع مختلف الفئات والشرائح والتوجهات السياسية والحزبية بالمجتمع لإمكان تحقيق الديمقراطية الحقيقية تضم كل تيار سياسي أو ديني أو فكري مع القبول بالحد الأدنى من التنازل من أجل الصالح العام والواقع الراهن والمصير الواحد .

7-   الاهتمام بالعقول والكفاءات التربوية ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص والحوافز أمامها للعمل وللتطوير وتشجيع وتنمية الفكر الإبداعي في التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث ( الموارد البشرية ، المادية ، التفاعل المهني ، التواصل الاجتماعي ) .

8-   مواكبة التطور السريع في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتوظيفها بفاعلية مع بناء استراتيجيات متكاملة لإدارة المعرفة والإيمان بحتمية وضرورة التغيير كقاعدة للتطوير .

9-   إحداث التغيير المطلوب في منظومة التعليم وفق استراتيجية متكاملة تهدف إلى مواكبة التطوير المستمر ، تقوم على الاهتمام بالتعليم المبني على الأداء الوظيفي الحقيقي الفعلي والتركيز على إتقان المتعلم لما تعلمه وتفعيل ثقافة الإنجاز والتنمية .

10-  الاهتمام بالتطوير الكيفي لمناهج التعليم من اجل تحقيق تعلم فعال ينمي التفكير ويرعى الموهبة ويدعم ويعزز الإبداع .

11- النظر إلى التعلم على أنه أحد أبرز مدخلات المستقبل والتقدم وهذا لا يتم إلا من خلال تعليم منتج ذو جودة عالية وثيق الصلة بمتطلبات التنمية وبحث علمي أكثر رصانة ومعلمين على  درجة عالية من الكفاءة رفيعي المستوى الأكاديمي والمهني والثقافي والاخلاقي .

12- إعادة النظر بالنسبة للمعلم حيث يتم التركيز على كيفية اختياره وإعداده وتأهيله وكيفية رفع مستوى معيشته وصولا به إلى الرضى الوظيفي حتى يتفرغ للتعلم وللتعليم مدى الحياة .

13- الانفتاح على ثورات العصر ( المعلومات ، الاتصالات ، التقنيات ، الإعلام ) بشخصية ثقافية مؤهلة تحسن وتتقن التعامل مع أدوات العصر الراهن ومؤهلة علميا وتربويا وتقنيا .

14- الاهتمام أثر بالإدارة التربوية التي اصبحت علما له فلسفته وأصوله وقواعده وأساليبه وطرائقه وممارساته التي هي أساس تطوير التعليم وإعادة النظر بواقع الإدارة التربوية الحالية .

15-  يجب أن تهتم منظومة التربية والتعليم الحالية والمستقبلية بالفردية والجماعية والتفاعلية وتؤمن التفاعل المستمر والتغذية الراجعة مع استخدام كل النظريات العلمية الحديثة في المعرفة لأن المستقبل ليس ذو اتجاه واحد بل هو عبارة عن وجوه متعددة .

 

 

المصدر: كتاب تخطيط وتطوير المنهج للكتور عباس علام
  • Currently 73/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 1416 مشاهدة
نشرت فى 5 ديسمبر 2010 بواسطة abbasallam

ساحة النقاش

دكتور عباس راغب علام

abbasallam
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

351,370