خطوة للوقاية من آلام الظهر
يرجع السبب في حدوث %90 من نوبات ألم الظهر نتيجة لوجود ضعف في عضلات الظهر أو البطن، أو كليهما، وهو الأمر الذي يلغي الدعم من العمود الفقري ومكوناته (الأوتار والأعصاب والفقرات والديسك). وعليه، فللوقاية من ألم الظهر أو من تكراره يؤكد الخبراء على ضرورة تقوية العضلات المساندة للعمود الفقري، مع جعل الوضع المستقيم والصحي من ضمن عاداتك اليومية. حيث تعزى الزيادة في نسبة مرضى آلام الظهر نتيجة للعادات الحياتية الخاطئة التي تسبب زيادة التوتر والحمل على العمود الفقري والضعف في العضلات. فعلى سبيل المثال، فإن التكاسل والرقود والجلوس لمدة طويلة مع قلة ممارسة الرياضة وزيادة الوزن والتوتر المزمن جميعها عوامل تعد من أهم مسببات حدوث نوبة الم الظهر. وندرج في التالي بعض الإرشادات المهمة للوقاية والتغلب على الم الظهر:
1- القوام السليم: خلقنا في أحسن قوام، ولذا فالخلل في هذا القوام نابع من الضرر الذي يسببه الإنسان، بعدم الحفاظ عليه وباتباعه للعادات السيئة في حياته اليومية. فأول خطوة هنا هي زيادة الشعور والوعي بوضع قوامك خلال اليوم. فأغلبنا لا يعير الانتباه إلى طريقة وشكل قوامه ان كان خاطئا أو يسبب له ألما. وعليه، فزد إحساسك بما تتعرض له عضلاتك أثناء حركاتك اليومية. ومع الوقت ستشعر عند جلوسك أو وقوفك إذا كان ظهرك يتعرض للتوتر والحمل الشديد أو إن كانت العضلات مشدودة، وهنا فقم بتعديل الوضع إلى ان تشعر بالراحة. وتذكر ان القوام الصحيح يضع اقل توتر على عضلات الظهر السفلى، من خلال توزيع الحمل على مكونات العمود الفقري وانحناءاته. ومن المهم هنا التنبيه إلى ضرورة علاج أي اختلال في القوام سواء في الظهر أو الكتف أو الحوض وحتى الركبة، للحفاظ على استقامة القوام وتوزيع الثقل بشكل متوازن على الظهر
2- الحركة الصحيحة: لا يمكن التشديد بشكل كاف هنا على ضرورة الوعي بكيفية القيام بالأنشطة اليومية بشكل صحيح. فمثلا، يجب حمل الأغراض بعد النزول إلى مستواها من خلال ثني الركبة (وليس ثني الظهر)، مع الاعتماد في رفعها على عضلات الساق والفخذ، وليس عضلات الظهر والذراعين مع الحفاظ على استقامة الظهر طوال الوقت. وبالنسبة للحقائب، فتذكر ان حقيبة الظهر أفضل من حقائب الكتف، لكونها تسهم في توزيع الثقل على الجسم باتزان أكثر.
3- مستوى الارتفاع: احرص على وضع أعمالك المكتبية وطعامك وكل ما تقرأه أو تكتبه على مستوى ارتفاع مناسب لمستوى النظر، ليسمح بالحفاظ على عينيك بوضع قائم مستقيم من دون رفع أو إنزال الرأس. وهو ما يقي من توتر فقرات العنق أو تحدب الظهر.
4- النوم في الوضع الصحيح: تفاد النوم على البطن، فتدلى المعدة للأسفل يسبب زيادة في انحناء الظهر، وبخاصة انحناء المنطقة القطنية مما يزيد من الألم. كما يمكن للرقود على الظهر ان يسبب عدم الراحة وزيادة انحناء الظهر القطني أيضا. ولذا يفضل النوم على احد الجوانب مع ثني الساقين عند الركبة مما يضع الانحناء القطني في وضع مستقيم وبالتالي يقلل من توتر العمود الفقري. ومن المفيد ان تتعود على الرقود في وضع S «الكسول» من خلال وضع وسادة تحت الركبة ليسبب رفع الحوض واستقامة الانحناء القطني وهو ما يقلل من توتر منطقة أسفل الظهر.
5- تأكد من صحة أثاثك: من الضروري ان تحرص على أن يتبع الكرسي الذي تجلس عليه المواصفات الصحية والمريحة التي تناسب جسمك. كأن يكون ارتفاعه مناسبا بحيث تلامس قدماك الأرض، ويحتوي على بطانة لدعم انحاء أسفل الظهر (يمكن استخدام وسادة صغيرة توضع خلف الظهر). وان يكون إسفنجه مرنا وطريا على المؤخرة، حتى لا يسبب مشاكل في انحناء الظهر أو في فقرات العصعص. كما يجب الحرص على ان تكون وسادة النوم مناسبة لارتفاع عنقك، والفراش مصنوعا من مادة غير قاسية أو مرنة بل مريحة لقوامك.
6- تمرن على الاسترخاء: يتطلب عمل البعض منا الجلوس لفترات طويلة في وضع يعد متصلبا نسبيا، وينصح هؤلاء بالتعود على تكرار ممارسة تمارين إرخاء وإراحة عضلات الظهر خلال ساعات عملهم. ويتم ذلك عموما بشد أو تمديد عضلات الظهر السفلية ومن ثم العلوية (بحركة تشبه تمدد القطة). مع التدرج البطيء في الشد والحفاظ على الشد من 5 إلى 10 ثوان في كل مرة.
7- تعرف على الشعور بالألم: من المهم أن تتعرف على إشارات الألم والتعب لمنطقة أسفل الظهر حتى تبادر بالراحة والعلاج فتتفادى تفاقم المشكلة. فالألم هو إشارة من أعصابك بأنك تؤدي عملا خاطئا ومضرا لظهرك، ويجب عليك التوقف وتعديل وضعك. وان استمر الشعور بالألم، فعليك بالاستلقاء قليلا مع ممارسة بعض تمارين الظهر البسيطة التي تشعرك بالراحة، مثل تمرين رفع الحوض أو ميلان الظهر إلى الجانبين.
8- تخلص من الحمل الثقيل: يجب التخلص من الزيادة في الوزن مقارنة بمستوى طولك. فأي كيلو زائد عن وزنك الطبيعي يزيد من الحمل الذي يتحمله عمودك الفقري، وبخاصة على منطقة فقرات الظهر السفلى التي يقع عليها ارتكاز الجسم. ولفقدان الوزن الزائد، فبالإضافة للحمية الغذائية.
يفضل البدء بممارسة الرياضة من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيا لتقوية عضلات جسمك. وللتنبيه، فما يقصد بزيادة الوزن هي تلك الناتجة عن تكدس الدهون وليست الزيادة في وزن العضلات عند ممارسي رفع الأثقال، حيث إن قوة العضلات وزيادة حجمها توفر زيادة في دعم الظهر. وينصحك الخبراء بممارسة التمارين السويدية والمشي، فهما أسهل وابسط رياضة. واعلم، بأن زيادة ضربات قلبك أثناء ممارسة الرياضة ترافقها زيادة في نشاط الدورة الدموية وتروية أعضائك والعضلات مما يعكس الوضع غير الصحي لجسمك، ويقلل فرصة الإصابة بألم الظهر ويحسن من قوامك أيضا.
9- تقوية عضلات البطن: من المعروف أن عضلات البطن هي دليل ولب اللياقة البدنية. وعليه فيجب ان تشعر بالشد في جميع عضلاته المتعددة. وأما عضلته الأساسية، فتمتد من أسفل الثدي الى منطقة العانة في الحوض، وهي المسؤولة عن حماية ودعم قوام الظهر وحفظ المعدة من التدلي لأسفل. وهنالك عضلات مائلة تمتد على جوانب السرة وحولها، وعضلات أفقية تمتد أفقيا حول منطقة الخصر. فتعرف على هذه العضلات واشعر بشدها أثناء أدائك لتمارين البطن المعروفة. وتعود على شفط البطن دائما لان ذلك يعد تمرينا مفيدا لهذه العضلات أيضا.
10- تعود على تمارين تقوية عضلات الظهر: لوحظ أن المواظبين على أداء تمرينات تقوية الظهر يتمتعون بعضلات قوية وبمرونة ومدى حركي كبيرين، كما أنهم اقل عرضة للإصابة بألم الظهر. وهنالك عدة أنواع من هذه التمارين، ولكن يجب التقيد بإرشاداتها للقيام بها بشكل صحيح يضمن الحصول على النتائج المطلوبة ومن دون الإضرار بعضلاتك. ويفضل بالنسبة للمبتدئين ان يلبسوا حزام رفع الأثقال عند أداء هذه التمرينات لحماية عضلات الظهر من التوتر والتعب، إلى ان تقوى فيستغنى عنه.
11- خذ قسطا من الحركة: تفادَ الجلوس المستمر لأكثر من 30 دقيقة متتالية، من خلال التعود على الوقوف والحركة لعمل شيء ما من وقت لآخر أو على الأقل تمديد عضلاتك لإرخائها. وإن أحسست بالتعب، فتوقف وارتح لعدة دقائق في وضع مريح. واختر القيام بالأمور بشكل مختلف، كالذهاب للمدير بدلا عن مكالمته بالهاتف واستخدم الحمام البعيد من مكتبك والدرج بدل المصعد.
لا تعتمد على الصور..
أثبت العديد من الأبحاث المستندة الى نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي إن 35 % ممن تعدوا 40 سنة لديهم اعتلال في ديسك واحد أو أكثر ولكنهم لا يشكون أي الم. فيما وجد أن %60 من البالغين الستين ممن لا يشكون بتاتا من أي الم في الظهر، لديهم بروز في ديسك أو خشونة أو ضيق في فقرات الظهر. وعليه، فقد خلصت الدراسات الطبية إلى أن ليس كل المصابين بالديسك يعانون من آلام الظهر، مما يدل على أن بدء الشعور بالألم يتطلب توافر عوامل تساهم في زيادة الإحساس أو سوء المشكلة. وهو ما يفسر صعوبة تحديد سبب الم الظهر لكونه أمرا متشعبا ومعقدا، بحيث لا يجب الاعتماد على ان تشخيص العلة ومصدر الألم من خلال تصوير العمود الفقري بالرنين المغناطيسي MRI فقط، بل على نتائج التحاليل والفحوصات والتاريخ الإكلينيكي أيضا.
هل الحمل مفيد للظهر؟
تشير بعض السيدات إلى نصيحة بعض المعالجين بالإقدام على الحمل بعد إصابتهن بآلام في الظهر، وهو ما يعد للوهلة الأولى أمرا غير منطقي. فمن المعروف بأن الحمل يزيد من الثقل الواقع على العمود الفقري وهو ما يتوقع بأن يزيد من حدة الألم. ، يعرف بأن الانخفاض في الهرمون المصاحب لفترة انقطاع الطمث أو اختلال الدورة الشهرية أو حتى تغيير مستوى الهرمون خلال الشهر يسبب زيادة في الشعور بالألم. ويرجع ذلك لعدة جوانب، حيث إن ارتفاع نسبة هرمونات الأنوثة تسبب زيادة في تروية العضلات والأنسجة بما يحسن من أي التهاب أو تورم أو الم في الجسم عموما. وهو ما يفسر زيادة شعور السيدات بآلام الظهر قبل حدوث الطمث نتيجة لانخفاض الهرمون. وهو ما يسبب بعض الحالات النسائية التي تعاني آلام الظهر بالحمل أو تناول حبوب منع الحمل للحفاظ على مستويات الهرمونات بشكل ثابت ومرتفع طوال الوقت، وهو ما يؤدي إلى تحسين الألم والوضع الصحي عموما.
من جانب آخر، يزداد سوء وألم المصابات باعتلال الديسك عند الحمل نتيجة لزيادة الوزن والثقل الذي يتحمله العمود الفقري. ولكن ذلك لا يمنع الحمل، بل يضع له محدودية في الحركة وزيادة الوزن مع الحرص على إراحة العمود الفقري. لذا أكد الاستشاري على ان الحمل يعد فرصة للسيدة المصابة حتى تلتزم بالحركة البسيطة الصحيحة والراحة لتقليل حمل العمود الفقري مع استخدام الكمادات (أو المطارة) الدافئة عند الشعور بشد عضلي.
ساحة النقاش