اعتبرت المعارضة السورية الخميس ان الحديث المتلفز للرئيس بشار الاسد امس يعكس "انعزاله عن الواقع"، بينما رفض الاردن التدخل العسكري في الازمة السورية غداة تحذير الاسد من ان يطال "حريق" بلاده المملكة المجاورة.
في غضون ذلك، دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى الحذر من دعوات تسليح مقاتلي المعارضة السورية الذين يواجهون القوات النظامية على الارض، في يوم شددت هذه الاخيرة الضغط عليهم بسيطرتها على قرية بين مدينتي القصير وحمص وسط البلاد.
وغداة قول الاسد لقناة "الاخبارية" السورية ان بقاءه او رحيله مرتبط بما "يقرره الشعب" السوري وتشكيكه ب"وطنية" المعارضة، اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ان هذه التصريحات "مشهد يكشف انعزاله (الاسد) المطبق عن الواقع وعماه عن الفساد والخراب والدماء التي اوغل فيها".
وراى الائتلاف ان "ادعاء السيطرة وانكار الآخر والغياب عن الواقع واقتراح حلول لا علاقة لها بالازمات التي يدعي حلها" لدى الاسد يماثل "نهج من سبقه من الطواغيت".
واقفل الاسد عمليا اي باب حوار مع المعارضة، سائلا "كيف يكون (الشخص) وطنيا اذا كان هناك من يدفع له؟"، معتبرا ان كل معارضة في الخارج "لا يمكن ان تكون وطنية"، وان حجمها تحدده "الانتخابات".
ورد الائتلاف بتأكيد انه "الهيئة الممثلة لكل السوريين، والمنبثقة عن ثورتهم وتضحياتهم وارادتهم"، وانه لا يستمد "وجوده وشرعيته الا من هذه الثورة".
وحذر الاسد الغرب من دفع ثمن "تمويله" لتنظيم القاعدة في سوريا، في "قلب اوروبا وقلب الولايات المتحدة"، مشددا الا خيار لنظامه الا "الانتصار" والا "تنتهي سوريا".
كما اتهم الاردن المجاور باتاحة المجال لتسلل "ارهابيين" الى سوريا، محذرا المملكة المجاورة من "ان الحريق لن يتوقف عند حدودنا. والكل يعلم ان الاردن معرض كما هي سوريا معرضة".
وسارعت عمان الى تاكيد موقفها "الثابت" رفضا لاي تدخل عسكري في سوريا، وذلك غداة اعلان الولايات المتحدة ارسال 200 جندي الى الاراضي الاردنية.
وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني لفرانس برس ان "موقف المملكة مما يجري في سوريا لم يتغير وهو ثابت ضد اي تدخل عسكري ويدعو لحل سياسي شامل يوقف دوامة العنف والدم هناك".
وامتنع عن التعليق مباشرة على حديث الاسد، مشيرا الى "تدارس الموقف لان لذلك تداعيات سياسية وامنية" على المملكة التي تستضيف قرابة نصف مليون لاجىء سوري.
واكد المسؤول الاردني ان "ارسال افراد من الجيش الاميركي الى الاردن هو ضمن التعاون المشترك المعتاد بين القوات المسلحة الاردنية والجيش الاميركي"، وذلك تعقيبا على اعلان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل امس تعزيز وجود بلاده العسكري في الاردن لتدريب الجيش الاردني واحتمال التدخل لضمان امن مخزون الاسلحة الكيميائية في سوريا.
وحقق مقاتلو المعارضة في الفترة الماضية تقدما ميدانيا في محافظة درعا الحدودية مع الاردن، شمل السيطرة على شريط حدودي بطول 25 كلم وصولا الى الجزء السوري من هضبة الجولان التي تحتل اسرائيل اجزاء واسعة منها.
واليوم، حذر نتانياهو في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" من ان وقوع اسلحة متطورة في ايدي المقاتلين يعني اعادة تحديد التهديدات الامنية الاقليمية.
واضاف ان قلق اسرائيل يرتبط بمعرفة "اي متمردين واي اسلحة؟"، مؤكدا "نحن لسنا عدوانيين ولا نسعى الى مواجهة عسكرية.لكننا مستعدون للدفاع عن انفسنا في حال اقتضت الحاجة واعتقد ان الجميع يعلم بان ما اقوله موزون وجدي".
واحجمت الدول الغربية الداعمة للمعارضة عن تزويد المقاتلين بالسلاح خوفا من وصوله الى ايدي مقاتلين اسلاميين ينشطون في سوريا. ويطالب المعارضون باسلحة نوعية، لا سيما منها المضادة لسلاح الجو الذي يشكل نقطة تفوق كبيرة للقوات النظامية السورية.
واليوم، قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان مقاتلين "من اللجان الشعبية المسلحة الموالية للنظام السوري وحزب الله (اللبناني حليف دمشق) وجنود من القوات النظامية" سيطروا على بلدةابل جنوب مدينة حمص، والقريبة من الطريق الدولي دمشق - حمص - حلب.
من جهتها، افادت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) ان القوات النظامية "بسطت سيطرتها الكاملة" على البلدة "بعد ملاحقتها لفلول الارهابيين وتكبيدهم خسائر كبيرة".
وتحاول القوات النظامية في الايام الماضية عزل المقاتلين المعارضين بين مدينتي حمص والقصير القريبة من الحدود اللبنانية.
وتدور في المنطقة اشتباكات عنيفة يشارك فيها بحسب المرصد مقاتلون موالون لحزب الله اللبناني، بهدف عزل مقاتلي المعارضة في هذه النقطة الاساسية لربط دمشق بالساحل.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان سيطرة النظام على آبل "تعيق حركة المقاتلين المعارضين بين حمص والقصير".
وقبل ساعات منذ هذا التقدم، كان مقاتلو المعارضة قد سيطروا على مطار الضبعة العسكري في ريف القصير اثر اشتباكات عنيفة استمرت اياما.
واوضح المرصد ان المطار "يخضع لادارة الدفاع الجوي منذ العام 2009 بعدما توقفت حركة الطائرات (العسكرية) فيه"، وكان من المقرر تحويله الى مطار مدني، واصبح بعد اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام منتصف آذار/مارس 2011، مركز تجمع لقوات النظام.
واليوم، قصف الطيران مناطق عدة في سوريا، منها مدينة داريا (جنوب غرب دمشق) تزامنا مع اشتباكات فيها، مع محاولة النظام منذ مدة فرض سيطرته الكاملة عليها.
وقال المرصد ان الطيران قصف كذلك مناطق في محافظتي حماة (وسط) ودير الزور (شرق). وادت اعمال العنف الخميس الى مقتل 34 شخصا بحسب حصيلة غير نهائية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا.